Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Aug-2019

الأردن أمام الملف السوري الأخطر* ماهر أبو طير

 الغد-لا يوجد أكذب من هذا العالم الذي حض السوريين على الثورة، وزين لهم الخروج من بلدهم، ومول كل هذه الفوضى، بحيث اضطر ملايين السوريين إلى اللجوء، ثم نخوة عواصم العالم من أجلهم في البدايات، لتشجيعهم على الهجرة، ثم تركهم فرادى.

حين تعلن مفوضية شؤون اللاجئين ان هناك قرابة أربعة وثمانين الف طفل سوري في الأردن، خارج المدارس، من اصل مائتين وثلاثة وثلاثين الف طفل سوري، في سن التعليم، فنحن امام كارثة كبرى، على مستوى نشأة هؤلاء، ومستواهم الاجتماعي والتعليمي، ووجودهم أيضا في الأردن، بلا تعليم، ما سيولد طائفة من السوريين اقرب إلى الضياع العائلي، أو العيش بلا فرص في هذه الحياة.
القصة هنا، ليست قصة تهديد الأردن من حيث بنيته الداخلية وحسب، بل تتعلق أيضا بالسوريين وهذا المصير السيئ الذي يعيشونه بسبب الحرب في سورية، وهي حرب لا تريد ان تتوقف حتى الآن، ولو توقفت فقد تركت أثرا أسوأ من الحرب ذاتها.
هذا العالم المنافق، الذي أشعل الحرب في سورية، وزودها بكل أنواع الوقود والذخائر وأجج مواقدها، لا يهمه مصير أطفال السوريين، ونشوء أجيال مدمرة، سواء داخل سورية ذاتها، أو في الأردن وتركيا ولبنان ودول أخرى، وعلينا ان نتأمل فقط معنويات أطفال السوريين، ومنسوب الحقد والغضب في صدورهم، الذين يرون الكيفية التي فقدوا بها وطنهم، وباتوا يعيشون في مخيمات، وعلى ارصفة المهاجر، دون مستقبل أو حاضر.
رقم مفوضية اللاجئين، خطير جدا، وقد يكون مثله في دول أخرى، أو داخل سورية ذاتها، وقد يكون الرقم اعلى بكثير، خصوصا ان هذا الرقم يعتمد على بيانات المفوضية للاجئين الذين تم تسجيلهم فقط، وهذا يعني ان عدد أطفال السوريين بلا مدارس أو تعليم اعلى بكثير، من أربعة وثمانين الف طفل سوري في الأردن، قد يعانون من الأمية أيضا.
أغلب هؤلاء لا يذهبون للمدارس إما لفقرهم، واما لتشغيلهم من جانب أسرهم، ولا بد ان نسأل هنا عن مسؤولية العرب والأوروبيين والأميركيين ودول أخرى، ولماذا لا يساعدون هؤلاء في العودة إلى المدارس، في الأردن، أو حتى في بلادهم، ان استطاعوا إلى ذلك سبيلا، والقصة أيضا، ليست قصة وقوف الأردن لطلب المال امام العواصم الغربية، أو المؤسسات الدولية، لكنها مسؤولية تفوق قدرة الأردن، وتتحملها دول كثيرة، من بينها تلك الدول التي زينت فكرة اللجوء، أو هيأت البيئة لهروب السوريين وخروجهم من بلادهم، خوفا من الحرب والموت، أو ظنا ان كل شيء خارج سورية، أفضل من سورية؟
من ناحية أردنية هذا ملف خطير، لأننا أمام رقم أعلى بكثير من رقم المفوضية، وأمام ظواهر سوف تنمو خلال السنين المقبلة، من حيث عمالة الأطفال، ومن حيث التفكك العائلي، واحتمال تورط بعض هؤلاء في اعمال مخالفة للقانون أو الجريمة أو التشدد والتطرف، إضافة إلى المسؤولية الأخلاقية على الأردن التي توجب التحرك لفتح ملف الأطفال السوريين، في الأردن، بل وفي دول جوار سورية.
لا يمكن هنا، قبول رأي البعض الذي يقول مالنا ومالهم، لأن المنطق يقول إن هؤلاء يعيشون بيننا، وكل عام ينضم آلاف الأطفال إلى سوق التجهيل، وهم في كل الأحوال ليسوا في عزلة عن بقية المجتمع، وتأثيرهم سيكون حاضرا، إيجابا أو سلبا، ولا يمكن تفاديه في كل الأحوال،ـ وسنتذكر هذا الكلام، حين يصبحون في سن الشباب.
لقد آن الأوان أن يتحرك الأردن في ملف السوريين، بطريقة مختلفة، غير طلب القروض والمنح، والشكوى والتذمر من تخلي العالم عن السوريين أو الأردن، ولا بد من تحرك على مستوى متخصص يتعلق بعناوين محددة مثل إعادة عشرات الآلاف إلى المدارس، وحصر من هم خارج الاحصائيات الرسمية، أو على الأقل مساعدتهم في العودة إلى ديارهم، بدلا من هذه القنبلة الموقوتة، التي تكبر عاما بعد عام لمئات آلاف السوريين، الذي يشبون دون تعليم، بما يعنيه ذلك من تأثيرات لاحقة، عليهم، وعلى الأردن ذاته، وعلى بنيته الداخلية الاجتماعية والأمنية والاقتصادية.