ألعاب زمان جميلة .. وبِلا ثمن !
الدستور - حسام عطية - جمع اشرف عيسى « موظف « ولديه وهما: يزن وخديجة حوله وسرد عليهما عددا من الالعاب الشعبية القديمة التي كان يمارسها أثناء طفولته مع اقرانه بشوارع حارته مثل لعبة العسكر والحرامية ولعبه القلول ولعبة خريطة الحرب لكن كل ذلك لم يجد نفعا معهما، فيما بادر احدهما بالقول: يا أبتي مثل هذه الالعاب باتت غير موجدودة على الطبيعة حاليا ولا يوجد احد يمارسها.
ساعات طويلة
ونوه عيسى ان لديه ابنا لا يتجاوز عمره اثني عشر عاما، يقضي يوميا من ثلاث إلى أربع ساعات أمام جهاز ألعاب الفيديو، بقدر المال الذي يستطيع تحصيله مني او من والدته كمصروف يومي، فما بالك عندما تكون هنالك عطلة طويلة من المدرسة. ناهيك ان كثيرا من الألعاب القديمة والمسلية الخاصة بالاولاد اندثرت أو كادت لا تمارس الا على نطاق ضيق بسبب التقدم التكنولوجي بوسائل الترفيه والتسلية.
ولفت عيسى بانه على هذه الشاكلة يقضي العديد من الأطفال والصبيان معظم أوقاتهم، بعد أن انتشرت صالات الألعاب الالكترونية وألعاب الفيديو في مختلف المحلات ، إلى جانب قيام بعض العائلات الميسورة باقتناء تلك الأجهزة لتوفير المتعة لأطفالهم داخل المنازل.
ونوه عيسى الى انحسار الألعاب الشعبية المتوارثة التي كان يتداولها الأطفال حتى وقت قريب فيقول، «من ابرز العاب الأطفال شيوعا كانت لعبه تسمى «عسكر وحرمية» يتجمع اطفال الحارة ويتم تقسيمهم الى قسمين احدهما يلعب دور العسكر والاخر يقوم بدور الحرامية ويتم اختيار موقع ما ليكون سجنا ويوضع عليه حراس وعندما يتم القبض على شخص من فريق الحرامية يتم وضعه بالسجن ويستمر اللعب حتى القبض على اخر شخص او يتم تحرير بعض الموقوفين بعملية هجومية حيث كانت الشوارع تمتلئ بحلقات الأطفال وهم يلعبون هذه اللعبة وغيرها من الالعاب.
دوافع عدوانية
من جانبه يحذر جبر حسين « مرشد تربوي « من الآثار الجانبية لتلك الألعاب، فيرى انها تسهم بالتحريض على الدوافع العدوانية، كونها تثير نزعة العنف والعداء لدى الطفل، نظرا لكون معظم مشاهدها قتالية.
ونوه حسين إلى ان مثل هذه الالعاب باتت مكلفة ولا تلائم الفقراء، خصوصا انها تتطلب أجهزة الكترونية وطاقة كهربائية، ويستلزم توفير مبلغ غير قليل من المال، فيما يقضي الطفل والطالب حالة من الانعزالية طيلة فترة اللعب، وهي خلاف للسلوك الطبيعي المفترض لتلك الأعمار، وإن العاب الأطفال بشكل عام باتت معقدة، حيث يصفها قائلا، «كانت ألعابنا تتسم بالبساطة والعفوية وسهلة المنال، على العكس من الآن».
وعزا حسين عزوف الاطفال عن الالعاب القديمة إلى التطور المستمر في مختلف مجالات الحياة، فيقول « الطفولة تتطور اسوة بمختلف الاصعدة الأخرى، حيث تلعب سمة العصر ومدى التطور الحاصل دورا رئيسا في هذا المجال»، وفي حال لو خيرت أن اعود طفلا، بين الألعاب الحديثة او القديمة فانني دون ادنى شك ساختار الالعاب التي صاحبت طفولتي انذك.
ويرى حسين ان تواجد الأطفال في الصالات أفضل من تواجدهم في الشوارع والأزقة، نظرا لاحتمالات تعرضهم لمخاطر الطريق، فضلا عن كونها لا تتسبب بتوسيخ ملابس الطفل أو توسيخ يديه، أو تعرضه للخدوش والجروح كما هي الحال في ممارسة بعض الألعاب القديمة، وان الكثير من الألعاب الالكترونية تنمي لدى الطفل قدراته الذهنية، وتحثه على البحث والاستقصاء خلال لعبه على ان لا تكون لعبة عنيفة.
انواع الالعاب
وتطرق حسين الى لعبة «السبع جُوَر» المتمثلة بقيام لاعبيها بحفر جُوَّر بحسب عددهم وبحد أقصى يصل الى سبع جُور بجانب بعضها البعض بحيث يعرف كل لاعب حفرته ويبدأ باللعب بقذف الطابة باتجاه الحفرة، وفي كل مرة لا يصيب الهدف يضع حجرا بالحفرة كدلالة على خسارته، وتحسب بالنهاية الأحجار لمعرفة الخاسر ليخرج من اللعبة. ولعبة «كرة القماش» أو ما يعرف باسم (الجرده) أو «طُبِّة الشرايط» التي كانت تعدها الامهات وقد اختفت تماما مع تقدم المجتمع، اضافة الى الالعاب التي كانت تمارس من قبل الفتيات وانقرضت أو قلت ممارستها أو تكاد تكون معدومة ومن بينها صناعة العاب القماش وحدرة بدرة.
ويعرف حسين الألعاب الشعبية بانها جزء من ميراث أي شعب، وقد تفتقت عنها خيالات الناس في الماضي لقضاء أوقات الفراغ، ويمكن وصف الألعاب الشعبية بأنها حصيلة ثقافية موروثة ذات جذور تاريخية وذات فوائد ومزايا، وهي إما جماعية تحتوي على أسس وقوانين أو أنها فردية تتميز بالبساطة، وتمارس الألعاب بأسلوب وطريقة معينة تعكس الجو النفسي لمحيط اللعب وبدافع المتعة والتسلية، فيما يعزو الباحثون أسباب اندثار الألعاب الشعبية إلى انتشار وسائل الإعلام التي استحوذت على معظم وقت فراغ الأطفال والطلبة، كذلك إلى فقدان روح الجماعة التي كانت سائدة في الماضي بين الاولاد، وابتعاد الوالدين عن دورهما الأساسي في تثقيف الأبناء وتدريبهم على الألعاب كما كان الأجداد يفعلون سابقاً، واقتصار دور الأندية الرياضية على الاهتمام بالألعاب الحديثة دون الاهتمام بالرياضة الشعبية التقليدية.
وارجع حسين اختفاء الكثير من الالعاب الشعبية الى المخترعات البديلة لبعض الالعاب كطائرة الورق والطابة اضافة الى الخوف من خطر السيارات والنزاعات بين الاطفال وغيرها، مشيرا الى بعض الجوانب السلبية لانقراضها مثل الفردية وبداية الانعزال الداخلي والانغلاق على الألعاب الفردية، والابتعاد عن البيئة واستغلال جمالها وموجوداتها والتعامل معها، اضافة الى حرمان الطفل من الابتكار وحرية التعبير واختيار العابه والانتقال للتصنيع.
الألعاب التراثية
وقال حسين: إن ضرورة الحفاظ على الإرث التاريخي مهمة ليست بالسهلة، بقدر ما يتعلق الأمر بخصوصية الحفاظ عليها، وذلك يتضمن مجال الألعاب الشعبية القديمة، حيث يقول، «هناك في العديد من الدول لجان متخصصة في إدامة وممارسة الألعاب التراثية من خلال إقامة المهرجانات السنوية، وهذا ما يحصل في بعض دول المغرب العربي. ويضيف حسين ان «تشجيعا على ديمومة الألعاب التراثية، يجب على الكبار ممارسة ألالعاب الشعبية، لزرع حب اللعبة القديمة في نفوس الصغار.