Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Mar-2023

بن غفير يتصرف كأنه ما يزال من شبيبة التلال

 الغد-هآرتس

بقلم: يوسي ميلمان 19/3/2023
لو أن رئيس الحكومة ووزير الخارجية ووزراء الصحة والرفاه كانوا من البشر لكانوا نشروا بيان إدانة علني لوزير الأمن القومي ايتمار بن غفير وعلموه درسا في التاريخ اليهودي والإسرائيلي. بن غفير، الذي عالمه ضيق مثل عالم كريات أربع، قام بإلغاء تخصيص 3 ملايين شيكل لخطة محاربة الجريمة في المجتمع العربي لأن اللجنة المشتركة تدير الخطة، وبن غفير قرر أن هذه اللجنة هي “تنظيم يساري متطرف”.
هذه الخطة مخصصة لسبع سلطات محلية عربية، والتي تبناها رؤساؤها بسرور. هذه الخطة تؤكد الحاجة إلى الرفاه والتعليم في المجتمع، واستهدفت استكمال الدور التقليدي للشرطة. بدون تعليم على المواطنة الجيدة وبدون تعاون من قبل المجتمع فإن الاعتقالات ومصادرة السلاح لن تجتث الجريمة.
هاكم حفنة من التاريخ ليعرفها بن غفير. كلمة “الجوينت”، اللجنة المشتركة، أي اللجنة المشتركة اليهودية – الأميركية للتوزيع، تم تأسيسها في العام 1914 في فترة الحرب العالمية الأولى لتجنيد التبرعات وإرسال الغذاء والدواء والأموال لعشرات آلاف اليهود في أرض إسرائيل، الذين كانوا يعانون من الحكم العثماني. هذه البداية المتواضعة نمت منها المنظمة اليهودية الإنسانية الأكبر في العالم، التي تعمل الآن في 70 دولة، وهدفها هو مساعدة اليهود في أي مكان يحتاجون فيه للمساعدة. المنظمة حددت مهمتها في مجالات عدة مثل إنقاذ اليهود الذين يوجدون في ضائقة ومساعدة اليهود المحتاجين، بشكل خاص في حالة الطوارئ، في أي مكان في العالم، واستئناف حياة جاليات يهودية.
من بين مشاريع اللجنة المشتركة كانت مساعدة اليهود في الاتحاد السوفييتي السابق الذين عانوا من الجوع بعد الثورة البلشفية في العام 1917 وفي فترة الحرب الأهلية. في العشرينيات والثلاثينيات، في عهد الأزمة الاقتصادية الكبيرة في أميركا وفي أوروبا، هبت اللجنة المشتركة لمساعدة اليهود هناك. وعند اندلاع الحرب العالمية الثانية واحتلال النازية لأوروبا عملت اللجنة المشتركة بسرية، مع تعريض موظفيها للخطر، لمساعدة اليهود في فترة الكارثة. رؤساء المنظمة أداروا معركة حازمة مكنت من تهريب نحو 80 ألف يهودي إلى أماكن آمنة، وأرسلوا الغذاء لسجناء وساعدوا في تمويل التنظيمات السرية اليهودية التي ثارت في تمرد غيتو وارسو في ربيع العام 1943.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لعبت اللجنة المشتركة دورا مهما في مساعدة الناجين من الكارثة في المخيمات، وفي هذا الإطار أقامت المنظمة علاقة مع مؤسسة الهجرة الثانية (غير القانونية)، ومنظمة “الهرب” التابعة للهاغاناة، وكان لها دورا أيضا في تمويل ومساعدة في عمليات تهريب اليهود بالسر إلى أرض إسرائيل. هذه العلاقات أدت إلى صداقة عميقة للجنة المشتركة مع مؤسسة الاستخبارات والمهمات الخاصة.
اللجنة المشتركة استخدمت نشاطاتها في أرجاء العالم لمساعدة اليهود على الهجرة إلى إسرائيل من الأراضي المنكوبة. وكانت شريكة في التمويل والمساعدة اللوجستية والدبلوماسية لعمليات سرية للموساد في اليمن (البساط السحري) وفي العراق (عزرا ونحاميا) وفي ليبيا وسورية ولبنان وإيران والسودان. موظفو اللجنة المشتركة وجدوا أنفسهم أكثر من مرة في خطر على حياتهم، وحتى بعضهم تم إعدامه أو قتله أثناء أداء المهمة. أحدهم، تشارلز جوردن، توفي في العام 1967 في براغ، كما يبدو قتل على يد مخابرات التشيك بمهمة من الـ “كي.جي.بي”.
عندما تعززت العلاقات بين اللجنة المشتركة وإسرائيل، تحملت اللجنة المسؤولية عن مهمة رابعة وهي تحسين حياة الشيوخ والمهاجرين الجدد والأطفال في ضائقة والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والعاطلين المزمنين عن العمل. بسبب نشاطات اللجنة المشتركة فقد حصلت على جائزة إسرائيل. أن يتم اعتبار اللجنة المشتركة التي عملت مع كل حكومات إسرائيل، يمين ويسار، “تنظيم يساري” فإن هذه نكتة محزنة. الآن جاء وزير ليست لديه أي مؤهلات مهنية، ويشهد على ذلك أيضا أشخاص رفيعيو المستوى في شرطة إسرائيل، الذي كل ما يعنيه هو المنشورات في “التيك تك” والعلاقات العامة ويحاول تخريب عمل منظمة إنسانية تعتبر من المنظمات المهمة في العالم. بقراره تضييق نشاطات اللجنة المشتركة في المجتمع العربي فإن بن غفير يطلق النار على قدمه. فهو يضر بما حقق له الإنجازات في الانتخابات الأخيرة عندما عرض كمهمة أولية بالنسبة له الحوكمة ومحاربة الجريمة في المجتمع العربي.
يبدو أن كراهية بن غفير للعرب تخرجه عن طوره. قراره يطلق رائحة العنصرية والقرف من نشاط غير عنيف، بل يرتكز على الأخلاق وقيم اليهودية والقيم العالمية. لا يوجد الكثير من التوقعات من بن غفير، الذي يجد صعوبة في الفهم بأنه لم يعد أحد فتيان التلال وأحد المحرضين، بل أصبح وزيرا في الحكومة الذي يجب عليه تحمل المسؤولية الوزارية والتي مطلوب فيها اعتبارات ومسؤولية. ولكن الصمت الجبان لوزراء الحكومة، وعلى رأسهم نتنياهو الذي يعرف بشكل أفضل من أي أحد آخر اللجنة المشتركة ونشاطاتها العلنية والسرية، يدل على أنهم يخشون من المواجهة حتى مع بن غفير، حتى في موضوع لا خلاف عليه ويوجد حوله إجماع من قبل جميع الأحزاب.