Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    31-May-2023

بدلا من الصراخ "ديمقراطية".. يجب الصراخ "ابرتهايد"

 الغد-هآرتس

بقلم: ميخائيل سفارد
في الاسبوع القادم سنقوم باحياء الذكرى الـ 56 للاحتلال. معنى الزمن الذي ينقضي هو أن الاغلبية الساحقة من ملايين الاشخاص الذين يعيشون تحت الاحتلال الاسرائيلي ولدوا خلاله، وأنهم لم يشهدوا أي يوم بدون قمع وسلب، وأنهم لا يعرفون واقعهم مواطنون شركاء فيه حول القرارات التي تتعلق بحياتهم، حسب تقديرهم. بعضهم أصبح له احفاد. هم ايضا ولدوا في عالم فيه الاسرائيلي الذي يحمل البندقية هو الذي يقرر كل شيء: هل يمكنهم الذهاب الى الخارج، هل سيسمح لهم بالوصول الى بيارة العائلة، هل يمكنهم الصلاة في القدس، هل سيسمح للغزي الذي يعيش في الضفة بأن يودع أمه التي تحتضر.
لكن الجندي ليس المشكلة الوحيدة للواقعين تحت الاحتلال. لأن الطرف الاسرائيلي الذي يحمل البندقية ويرتدي الزي العسكري يوجد الى جانبه ايضا يهودي يحمل العصا أو الحجر ولا يرتدي الزي العسكري. واليهودي الذي لا يرتدي الزي العسكري يقوم بنهب اراضيهم واقتلاع اشجارهم ويضر بقطعانهم واحراق بيوتهم، ويخلف لهم العاهات وحتى أنه يقوم بقتلهم. اليهودي الذي لا يرتدي الزي العسكري يقوم بادارة معركة شاملة لتدمير حياة الفلسطينيين في المناطق المفتوحة في الضفة الغربية.
هاكم مراجعة غير شاملة للاحداث التي حدثت في الايام الاربعة الاخيرة من الاسبوع الماضي. يبدو أن اليهود الذين لا يرتدون الزي العسكري لديهم قدرة لم تكن لتخجل العصابات المعادية للسامية في تاريخنا: يوم الاثنين الماضي استكمل مستوطنون مشاغبون التطهير العرقي للتجمع البدوي الصغير في عين سامية في شمال شرق رام الله. 37 عائلة قامت باستئجار الارض واستقرت في المكان قبل اربعين سنة بعد سلسلة من عمليات الاخلاء. آخرها استهدف السماح باقامة مستوطنة كوخاف هشاحر.
أنا قمت بزيارتهم قبل سنة ونصف، مع اعضاء الجمعية الانسانية "كوميت – مي"، التي قامت بتركيب الألواح للطاقة الشمسية هناك، التي ساعدتهم على العيش بكرامة في المكان في الحد الادنى. في تلك الزيارة حدثونا كيف أن مستوطنين عنيفين من البؤر الزراعية الاستيطانية التي اقيمت على قمم التلال التي تحيط بهم، يمنعونهم بعنف من رعي قطعانهم ويخربون حقولهم وينتهكون بواسطة العصي والكوابل مجال حياتهم.
في السنتين الاخيرتين الاعتداء تحول الى وحشي اكثر وهو لا يتوقف. يوم الاثنين بلغ السيل الزبى. هجوم آخر في الليل على مكان سكنهم والخوف على أولادهم جعلهم يفككون بأنفسهم الاكواخ والخيام القليلة والمغادرة، ولا يعرف أحد الى أين ذهبوا. في الوقت الذي كانوا فيه يضعون اغراضهم في شاحنة قام شاب برعي اغنامه في حقل القمح الذي هو لهم. في يوم الاربعاء قام المستوطنون بتنفيذ مذبحة صغيرة في قرية برقة، التي على اراضيها توجد بؤرة حومش الاستيطانية. فقد قاموا باحراق كرفان وبضعة بيوت، وكل ذلك انتقاما لأن سكان القرية استضافوا وفدا للاتحاد الاوروبي. في يوم الخميس الماضي بدأ المستوطنون بأعمال غير قانونية لتسوية اراضي في برقة كجزء من خطة اعادة اقامة حومش، ومنع اصحاب الاراضي الفلسطينيين من العودة اليها. حاكم الضفة الفعلي، سموتريتش، أمر السلطات بعدم وقف الاعمال. وفي اليوم التالي قام المستوطنون باحراق سيارات وحقول للفلسطينيين في قريتين في شمال رام الله، وأطلقوا النار واصابوا أحد الفلسطينيين باصابة بالغة.
كل ذلك في الوقت الذي فيه اليهودي الذي يرتدي الزي العسكري واليهودي الذي لا يرتدي الزي العسكري، يزيلان عن الفلسطينيين طبقة تلو طبقة، التي تجعل حياتهم انسانية: القدرة على اقامة عائلة وكسب الرزق والأمن الشخصي واختيار الحياة، التي تتكون منها رحلة كل انسان من اجل تحقيق ذاته وسعادته. المستعدة للعيش بهذا الشكل فلترفع يدها.
في الاسبوع الماضي حدث أمر آخر: محررو النسخة العبرية من "انسكلوبيديا" في الانترنت "ويكيبيديا" رفضوا اقتراح اعادة مفهوم "عنف المستوطنين". هذا المفهوم شطب في العام 2019 (في النسخة بالانجليزية بقي موجودا) بذريعة أنه يعكس عزل السكان بشكل تعسفي والمنحاز سياسيا، وأن العنف مدار الحديث "ليس ميزة للمستوطنين فقط". لا توجد حاجة الى اجتثاث الظاهرة التي تفسد رائحة اسرائيل في اوساط الاغيار. ببساطة يمكن محوها في ويكيبيديا.
ربما يكون هذا كليشيه، لكن لا مناص من القول بأن محرري ويكيبيديا باللغة العبرية هم مثل الذي ينفذ الجريمة ويغطي عيونه ويثق بأن العالم غير موجود. فقط هو بريء وهم لا. هو يقوم بتغطيه عيونه ومحررو ويكيبيديا يحاولون تغطية عيون الجميع. في نهاية المطاف هو يهودي اسرائيلي آخر، هذه المرة مع آلة طباعة، يعمل على محو حياة الفلسطينيين، ليس بالعصا أو وعاء البنزين، بل بعمل سياسي اجرامي يتمثل باخفاء ضحاياهم ونفيهم.
مع ذلك، ليس لاسباب المحررين القوميين المتطرفين، في شطب مفهوم "عنف المستوطنين" تختفي حقيقة ما. لأنه ليس فقط الشطب، بل ايضا زيادة التأكيد على أن مصدر العنف ضد الواقعين تحت الاحتلال ينبع من المستوطنين، تشوه الوصف الصحيح لجريمة الاحتلال. العنف ضد الواقعين تحت احتلالنا هو سياسة، هو مشروع قومي، مشروع مشترك بين كل اجزاء الشعب، كل واحد حسب قدرته وحسب مواهبه. مئات المستوطنين الذين قاموا باحراق حوارة فعلوا ذلك بمساعدة الآلاف من رجال الشرطة الذين لم يكونوا في المكان والجنود الذين كانوا في المكان ولكنهم لم يفعلوا أي شيء. سرقة حقول عين سامية حدثت بفضل جنود الجيش ورجال الشرطة الذين لم يمنعوا ذلك في الوقت الحقيقي، ولم يمنعوه فيما بعد. ولم يعتقلوا بعد ذلك ولم يقدموا للمحاكمة السارقين اليهود كسياسة.
ولكن غض النظر هو الخطأ الاصغر للسلطات. اضعاف كثيرة من الاراضي سرقت من الفلسطينيين ونقلت للمستوطنين بطرق رسمية، المصادرة والتخصيص، واكثر من ذلك بواسطة "العنف الشخصي". اضعاف كثيرة من الموارد سرقت من الاراضي المحتلة عن طريق قطاع التجارة الاسرائيلي على يد البؤر الزراعية العنيفة. المدعون العامون والقضاة العسكريون والمدنيون قاموا بتبني حرمان ملايين الاشخاص من الحقوق الاساسية، اكثر من كل ما يفعله شبيبة التلال.
اليهودي الاسرائيلي الذي يحمل البندقية والعصا وآلة الطباعة والقلم والمحفظة هو المحتل السامي. وحتى لو أن الكثير من الاشخاص المحسوبين عليه في كابلان احتجوا هناك، في الاراضي المحتلة، هو حقا لا يؤيد الديمقراطية. هو يتبنى ويرسخ وينفذ الابرتهايد. أهلا وسهلا بالقادمين للسنة الـ 57.