Tuesday 30th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Jun-2013

الفراية يوقع "أنثى الفواكه الغامضة" في المكتبة الوطنية
الغد - عزيزة علي - رأى نقاد أن أبرز ما يميز تجربة الشاعر عاطف الفراية، خصوصيته في اللغة والتشكيل. فتجربته عميقة، مسندة بالمعرفة والخيال، والسيطرة على اللغة، وقصائده فيها الكثير من الظواهر الفنية، وهي خصبة في مضامينها وبنائيتها.
جاء ذلك في حفل توقيع ديوان "أنثى الفواكه الغامضة- ثلاث مجموعات شعرية"، للشاعر الفراية، الذي أقيم أول من أمس في المكتبة الوطنية، ضن برنامج "كتاب الأسبوع"، بمرافقة عزف على العود، قدمه الموسيقي نصر الزعبي الذي رافق الشاعر أثناء إلقائه قصائده.
قدمت هذا الحفل الروائية والكاتبة والقاصة د.سهير التل، التي تعرفت عليه وهو شاب يافع، قادم من الكرك بعبق مراعيها، مشيرة إلى أنه لم يحاول أن يسوق نفسه بمجانية، كما يفعل البعض، ولما عاد بعد عشرين عاما عاد صوتا متفردا بديوانه الذي نحتفي بتوقيعه.
واستذكرت التل قصيدة قالها الشاعر وهي: "ما تبناه حزب/ ولا أرضعته الدوائر/ ما احتفل الحاسدون به/ حاولوا وقف نبض القصيدة في دمه/ حاولوا ألف عام/ وها وحده عاد يركض خلف قصيدته المشتهاة لا بطعم سواه".
رأى د.زياد الزعبي أن تجربة الفراية الشعرية تجمع صورها ونماذجها الممتدة زمنيا منذ بداياتها، وحتى الآن، في هذا المجموع الشعري "أنثى الفواكه الغامضة" الذي يضم ثلاث مجموعات شعرية، تحمل في عناوينها كلمتي أنثى وفواكه، وهو بهذا يقدم مدخلا لقراءة ذات أبعاد سيميائية تتعلق بالمحمولات الدلالية لكلمتَي الأنثى والفواكه.
وبين الزعبي أن نص "الجبل الذي يطير فوق بيت من الشعر" يمثل رؤية محورية في شعر الفراية، ورؤيا الذات المبدعة التي تعاين وجودها الجوهري في منجزها، في الشعر، مشيرا إلى أن التأمل في الصورة المجازية المزدوجة "الجبل الذي لا يستطيع الطيران إلا فوق بيت من الشعر. فالشاعر يقدم نموذج الطيران الممكن الذي يبدو طبيعيا عنده، فهو يطير فوق بيت من الشعر.
ورأى الزعبي أن الشاعر يغدو هنا كائنا ذا فعل أسطوري، ليس للشاعر فحسب، بل للجبل. فهذه استعارة "لا تنبثق من حس بلاغي، بل من رؤيا متسامية للذات، ترى وجودها الحق فيما تنجز، في الشعر الذي يمنحها (المعنى)، معنى وجودها الذي تتأمله في وجود جوهري تخلقه الذات في كون مجازي يتعالى على الحقيقة، ليحل مكانها.
وانتقل الزعبي إلى منطقة أخرى في شعر الفراية، وهي "اللغة الدينية"، والإحالات إلى التراث، في كثير من قصائد هذه المجموعات. فالصورة التي استعملها خضعت لتغير واضح في الطريقة، بين النصوص السابقة والنصوص الأخيرة. فقد مالت إلى استعمالات إيحائية مغيرة، مثل "مذ تأبطت ناي الهوى صرت في حلم كل الغزالات/ محض غزال"، "يا ربة الشعر فكي لساني"، "أنس الذئاب التي ودعت شنفراها"، لو أعتقتني القبور/ لصرت على ماء مدين أسطورة/ للصبايا".
ونوه الزعبي إلى أن هذه الإحالات لا تتضح إلا في سياقاتها الكاملة التي وردت فيها. فقصيدة "سيرة ذاتية للقميص" تمثل نموذجا مكتملا للنص الذي يستحضر مجموعة من الوقائع المرتبطة بالقميص: "قميص يوسف وقميص عثمان"، ولتجليات القميص الدلالية المتعددة في النص الديني والتراثي، والتي تتوالد لدى الشاعر ليمنحها معاني جديدة مخلقة من معاينة الواقع الذي يعايشه، والذي يرى في ضوئه صور الماضي التي تنحل في الراهن، لتتوالد الدلالات، مشكلة نصا جديدا معبرا عن الذات في إطار وعيها بذاتها وتاريخها.
وخلص إلى أن تجربة الشاعر تتميز بخصوصيتها في اللغة والتشكيل، والتي تمنح القارئ إحساسا بأنه أمام شاعرية تملك صوتها الخاص، ولغتها ورؤاها المعبرة عن تجربة روحية عميقة، مسندة بالمعرفة والخيال والسيطرة على اللغة التي يعاد تشكيلها في كون جمالي جذاب.
من جانبه قدم الشاعر والناقد محمد سلام جميعان، إطلالة على تجربة الشاعر الذي ينتمي إلى جيل التسعينيات الشعري، وهو وإن يكن من ذلك الجيل زمانا، فإن روحه الشعرية تختلف - إلى حد ما. ففي شعره نزعة إيحائية تطهيرية، فقصائده تنزع إلى إحياء الوعي بالذات الجمعية، وبالمكان، وبخاصة في ديوانه الأول "حنجرة غير مستعارة".
وأضاف جميعان أن الفراية يعود بعد رحلته المسرحية إلى الشعر مجددا في ديوانه "حالات الراعي"، بما يمتاز به شعره في هذا الديوان من رؤية كليّة الأبعاد، في إطار من التشكيل الفني للقصيدة، من حيث اللغة والأسلوب الشعري، واحتشاد الأسئلة الصادمة والملحاحة المطروحة على الذات والعالم، مؤكدا أن الديوان فيه قدر من الحزن والانكسار والإحساس الحاد بالغربة.
وأشار جميعان إلى أن الشاعر في ديوانه "أنثى الفواكه الغامضة" ينحاز إلى جماليات الفن، فراح يقف على جزئيات الحياة وتفاصيلها، يروضها لشعوره الشفيف، لتغدو عنقودا في دالية الشعر، فقيم الفن والجمال أوضح وأبين من التباسات السياسة، وكأنه تعب من شراسة الوقت وذئب الحياة، فاتخذ الفن سلوى وعزاء، وهو ما تأكده موضوعات القصائد في هذا الديوان.
وتحدث جميعان عن طبيعة القوى الانفعالية للإيقاع الشعري، وجدل النفس الشاعرة، وما يحيط بها من مظاهر ومشاهدات، مرتبطة كلها بالحالة النفسية للشاعر، وربما لهذا وزع قصائده ووضعها في محاريب، يتصل كل محراب منها بتأثير التنبه الانفعالي الذي يحدد بقدر معلوم مواضع الوقفات الشعرية بدلا للقافية.
في إثر ذلك، قرأ الشاعر عددا من قصائده، بمرافقة العازف الفنان نصر الزعبي، ومنها قصيدة بعنوان "صباح الغزالة"، و"جدائل"، و"أنثى النخل". ونزولا عند رغبة الجمهور قرأ الشاعر جزءا من قصيدة طويلة بعنوان "رعاة على ماء مدين – حوارية": قال الراعي النرجسي: هو الليل يغشى/ قلوب البعيدين عنك/ ويأسر أرواحهم في النهار الذي ما تجلى/ هو الحوت يبلع كل الفوانيس/ يبلع أقمارنا.. في المساء/ ويبلع آفاقنا.. في الصباح/ ويبلع أحلامنا/ العاريات/ هي الشمس بنت شعيب".