Saturday 19th of July 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Jul-2025

الجنود ليسوا ضحايا ولا أبطال

 الغد

هآرتس
 
 بقلم: جدعون ليفي   17/7/2025
 
عين مغلقة وعين مفتوحة، يدها تمسك بالحائط الذي انهار فوقها، هي عالقة بين الانقاض، رأسها وجسدها عالقان، هي هكذا منذ الليل، مصباح ملقى بجانبها وهي تحاول امساكه، ربما ينقذها. ايضا هذا المصباح افلت من يدها، بعد ذلك رفعت كف يدها وكأنها تشير الى أنها ما زالت على قيد الحياة، هي تصارع على قول "انقذوني، أنا متعبة، لم أعد استطيع". وفيما تبقى لها من قوة قالت: "ارجوكم، انقذوني". هذه كانت كلماتها الاخيرة. "تحدثي، يا هالة، تحدثي"، حاول صهرها أنس اقناعها ولكن بدون فائدة. اغمضت عيونها.
 
 
 من غير الواضح كم استمرت على قيد الحياة بعد هذا التوثيق. امس قبل الظهر كتب نير حسون في شبكة "اكس": "هذه المرأة اسمها هالة عرفات، ابنة 35 سنة، منذ الساعة الثانية فجرا، هي و14 شخصا من ابناء عائلتها، معظمهم من الاطفال، كانوا تحت انقاض البيت في شارع الزرقاء في حي التفاح. انا تحدثت مع صهرها، وحسب قوله فان كل من حاول الاقتراب للمساعدة تمت مهاجمته بواسطة المسيرات. اذا كان أي احد لديه فكرة عن كيفية المساعدة فهذا هو الوقت المناسب لتقديمها.
المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي لم يكلف نفسه عناء الرد على حسون مدة 12 ساعة. لماذا الاستعجال؟ بعد ذلك رد المتحدث بلسان الجيش وقال شيئا ما، "لا توجد احداثيات". هالة توفيت هي وزوجها واولادها الاربعة وهم يتألمون بشكل لا يمكن تخيله، 14 من ابناء العائلة، بينهم سبعة اطفال، قتلوا في قصف البيت.
هذه لم تكن العائلة الوحيدة التي قتلت أول أمس في الليل. ايضا عائلة عزام تمت ابادتها. امير راتب، كريم واربعة اطفال رضع، صور موت الاطفال الاربعة وهم مستلقون على ظهورهم وملفوفون بالاكفان البيضاء ووجوههم مكشوفة، هي من الصور الاكثر قسوة. وجه احد الاطفال ممزق. يوجد حسابات في الشبكة تحولت الى يوميات للمسالخ. أي اسرائيلي ملزم الان بالنظر اليها مباشرة، ولتمس مشاعره وتصطدم روحه الغضة والحساسة. محظور حذف أي صورة من قطاع غزة. هذا ليس كلام فارغ، بل الحقيقة التي يجب رؤيتها.
 كلمات هالة الاخيرة والعجز عن انقاذها لا تتوقف. امرأة عالقة تحت انقاض بيتها يمكن ان تثير الرغبة الشديدة في انقاذها. لكن في الجيش الاسرائيلي هذا الوضع اثار ارسال مسيرات الموت كي تقوم بتصفية رجال الانقاذ، كما حدث امس في شارع الزرقاء في مدينة غزة.
 حسب التقارير فان كل شخص اقترب من المبنى الجيش الاسرائيلي قام باطلاق النار عليه. المجندات الجريئات اللواتي يحملن عصا التحكم جلسن، وبالاحرى الجنود، لعبن لعبة الموت ضد كل من حاول الانقاذ. هؤلاء هم جنود جيش الدفاع الاسرائيلي انفسهم الذين ما زالت اسرائيل تقوم باحتضانهم وكأنهم ضحايا وابطال هذه الحرب. هم ليسوا ضحايا أو ابطال عندما يقومون باطلاق المسيرات على الضعفاء. يطلقون النار ايضا على مراكز توزيع المساعدات. أمس سحق 20 شخصا هناك حتى الموت بعد ان قام الجنود برشهم بغاز الفلفل.
هذا هو نفس جيش الدفاع الاسرائيلي الذي في 1999 قام بانقاذ الطفلة التركية شيرين فرانكو من تحت الانقاض، ابنة 9 سنوات، اثناء الهزة الارضية في بلادها. وجنود الجيش الاسرائيلي ليس فقط انقذوها، بل هم حتى جلبوها للعلاج في اسرائيل. صورتها وهي يحملها عقيد اسرائيلي اصبحت ايقونة. كم كنا جميلين.
 الآن الجيش الاسرائيلي لم يعد ينقذ أي أحد. الآن هو يطلق النار على من يحاول انقاذ امرأة عالقة بين جدران بيتها. هل هناك وحشية فظيعة اكثر من ذلك.
  مرة اخرى تنفد الكلمات. في الزلزال القادم، في تركيا أو في أي دولة اخرى في ارجاء العالم، يجب علينا الأمل بأن وحدات الانقاذ في الجيش الاسرائيلي التي ستتجرأ على رؤية وجهها في محاولة مصطنعة كي تظهر بشكل افضل وتقوم بإنقاذ الناس، سيتم طردها بشكل مهين. هذا الجيش ألحق في ان يكون منافقا حتى. الجيش الذي يطلق النار على رجال الانقاذ والجائعين يفقد الحق الاخلاقي في تقديم المساعدة.
  لا، شكرا، سيقول العالم، نحن لن نقبل أي مساعدة من ايديكم الملطخة بدماء الاشخاص العاجزين.