Sunday 12th of January 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Feb-2016

طلبة يعملون بمهن مختلفة سعيا وراء الخبرة وتوفير المصاريف
الغد - مجد جابر  - العمل لمدة 6 ساعات يومياً كان هو الحل الأمثل بالنسبة لهناء أحمد (19 عاما) حتى تستطيع أن تكمل دراستها في الجامعة بطريقة طبيعية ودون أي تأخير في سنوات الدراسة.
هناء التي تعمل في أحد محال الألبسة تذهب لجامعتها يومياً من الساعة الثامنة صباحاً حتى الثالثة ظهراً، ومن ثم تبدأ دوامها الثاني في أحد المولات من الرابعة مساء حتى العاشرة، مبينةً أن عملها لهذه الساعات الطريقة الوحيدة لتؤمن مصاريفها في الجامعة.
تقول “في البداية كنت أشعر بالظلم بعض الشيء بأنني أعمل وأدرس طوال الوقت دون راحة، الا أنني وبعد أن اعتدت على العمل لم يعد بإمكاني الجلوس في البيت”، لافتة أن العمل زودها بخبرة كبيرة وقصر عليها الكثير من السنوات والخبرة التي كانت ستبدأ بها بعد الدراسة، وبالرغم من المجهود الكبير والتعب إلا أنه جاء بفائدة كبيرة عليها.
هناء ليست وحدها التي أجبرتها ظروفها على العمل خلال سنوات الدراسة. علي إبراهيم هو شخص آخر منذ سنته الأولى في الدراسة اختار أن يعمل في أحد مطاعم الوجبات السريعة بسبب رغبته في مساعدة والده بمصاريفه.
وهو ما جعله يتنقل في عمله وينسق ما بين جدول محاضراته ومواعيد دوامه، فأحياناً كان يذهب مساء وأحيانا صباحاً، وكان يضطر أن يعود إلى بيته في ساعات الفجر، إلا أنه الآن وبعد مرور 3 سنوات على عمله في المطعم أصبح هو المسؤول عن الفرع كاملاً.
وهو الأمر الذي يعتبره إنجازا بالنسبة لطالب ما يزال يدرس في الجامعة، مبينا أنه اختار العمل ومساعدة أهله في المصاريف، بدلاً من السهر طوال الليل مع الشباب في الحارة وشرب القهوة والدخان دون أي فائدة أخرى.
ويضيف أنه بالرغم من مرور أيام يتمنى لو أن يرتاح فيها بالبيت أو يخرج مع أصدقائه بأريحية، ليعاود الاقتناع أن أمامه وقتا طويلا للاستمتاع بكل تلك الأمور، وهو الآن يملك خبرة كبيرة ما يسهل عليه العمل في مكان جيد، فور تخرجه دون الحاجة لإضاعة سنوات في الخبرة.
بيد أن سيف جمال طالب سنة ثانية في الجامعة تخصص قانون، لم يلجأ للعمل لأي هدف مادي، بل قرر أن يعمل ويتدرب في أحد مكاتب المحاماة، بعد أن عرض عليه صديق والده أن يساعده. ويبين أنه لجأ للعمل لصقل شخصيته مبكرا.
ويلفت أنه استفاد كثيرا من النزول للمحكمة، وحضور بعض القضايا برفقة محامي المكتب، ومعرفة القوانين أكثر، والاختلاط بأهل القانون، ما ساعده في التفوق بدراسته أكثر، والتحضر أكثر لممارسة المهنة بعد التخرج.
ولعل هناك فئة كبيرة جداً من الشباب وطلاب الجامعات الذين يعملون في مهن مختلفة من أجل توفير مصاريف إضافية للجامعة، ومنهم من يكون هدفهم الحصول على خبرة في العمل والحياة تمكنهم من اختصار الكثير من المسافات بعد التخرج.
الاختصاصي الاجتماعي دكتور حسين الخزاعي يبين أن اتجاه الطلبة للعمل أثناء الدراسة، أمر إيجابي ويساهم في بناء الشخصية مبكرا، كما أن هؤلاء الطلبة يستثمرون وقتهم بشكل فعال وجيد، من خلال الاعتماد على أنفسهم واستغلال طاقاتهم وقدراتهم وتخفيف العبء عن الأهل.
ويشير الى أن هؤلاء الطلبة خلال فترة الدراسة والعمل، يتعرفون أكثر على سوق العمل ويكتسبون مهارات اجتماعية كبيرة، ويشعرون بقيمة الوقت والمال، كما أنهم يبدعون في مجال عملهم، ويشكلون قدوة أمام عائلتهم ومجتمعهم ومن حولهم.
ويذهب الخزاعي إلى أهمية أن يتعاون أساتذة الجامعات مع هؤلاء الطلبة، والشعور معهم وتخفيف الأعباء عنهم والوقوف إلى جانبهم، خصوصا وأن بعضهم يعيلون أسرا كاملة.
ويضيف الخزاعي أن هؤلاء الطلبة يستثمرون وقتهم ومالهم ويشعرون بقيمة المال، إلى جانب أنهم حريصون على دراستهم، مبينا أن الطالب يشعر بأنها مرحلة صعبة وستمضي وتختصر عليه الكثير بعد ذلك.
وفي ذلك يرى الاختصاصي التربوي النفسي دكتور موسى مطارنة أن العمل دائما له دور في صقل الشخصية، وإضافة خبرات جديدة في الحياة، إلا أن الطلاب الذين يعملون  يعيشون في الغالب تحت ظروف مادية صعبة، كون هذا العمر لدى الطلاب يحبذون أن يعيشوه بحياة فيها الكثير من الرفاهية، بعيدا عن المهام الشاقة والأعمال.
ويلفت إلى أن الانعكاسات النفسية على الشخصية كبيرة، فمهما كانوا سعداء بالعمل أثناء الدراسة، فإن هناك مرارة قد يشعرون بها خصوصا بالفرق الطبقي عندما يجدون غيرهم من الزملاء مرتاحين ماديا، إلى جانب أنه قد يؤثر على دراستهم، ما يجعلهم يفقدون بعض الحقوق.
ويشير إلى أن الطلاب بحاجة الى مساحة واسعة من الحياة والراحة النفسية التي لا يوفرها العمل، وكما في العمل متعة هناك معاناة، فهم تحت ضغط العامل الاقتصادي أكثر، مبيناً أنهم فيما بعد سيجنون الفوائد، وأولاها بناء الشخصية والدخول في معترك الحياة مبكرا.