الغد-إسرائيل هيوم
يهودا بلنجا
في الأسابيع الأخيرة كثرت التقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن تعزيز القوات المصرية في سيناء، عن خرق مصري لاتفاق السلام بل وعن احتمالات الحرب. في الشبكات الاجتماعية برزت أشرطة وفيها شهادات مصورة لدبابات ومجنزرات، وسائل لوجستية وجنود مصريين يدخلون الى سيناء. اضيفوا الى هذا انه منذ العام 2004 بنى المصريون 60 معبرا (جسور وانفاق) في قناة السويس واقاموا في سيناء عشرات مخازن الذخيرة ومواقع تخزين تحت أرضية، مراكز لوجستية ومخازن وقود، وستحصلون على صورة وضع مقلقة.
في العقود الأخيرة اجتاز الجيش المصري رفعا جديا لمستواه. المنظومة العسكرية تعاظمت منذ صعد الجنرال السيسي الى الحكم. فقد وسع دور الجيش في الاقتصاد وفي السياسة المحلية، ومن العام 2014 يسرع مسيرة تحديث القوات المسلحة المصرية. والسبب المعلن هو الحاجة الى مكافحة الإرهاب من الداخل الذي يمثله داعش والإخوان المسلمون؛ لاستعراض القوة امام اثيوبيا التي بنت سد النهضة، وحسب الرواية المصرية تهدد بتجفيف النيل، ومنع الإرهاب في الحدود الغربية مع ليبيا من التسلل الى مصر.
لكن داعش، اثيوبيا وليبيا هم مجرد ذريعة. عمليا، منذ الازل ورغم اتفاق السلام مع إسرائيل، تعاملت مصر معنا كعدو. في جهاز التعليم، في الثقافة، في وسائل الاعلام – نحن العنصر القامع، الاحتلال المجرم الأجنبي، الامبريالية المهددة لسلام المنطقة.
التطبيع ليس على جدول الاعمال. عندما ثار الجمهور المصري اثناء الحملة الإسرائيلية في غزة او الاعمال في لبنان، يكون هذا واضحا. حتى بعد أن هدد أوباما بتجميد المساعدات العسكرية لمصر بعد انقلاب السيسي في 2013، فإن الشارع، بحركاته السياسية المختلفة، دعا لإلغاء اتفاق كامب ديفيد وعلى الطريق قطع العلاقات مع الولايات المتحدة.
وعليه، وفي صالح الجواب على التهديد الإسرائيلي تحوز مصر جيشا ترتيبه العالمي من حيث الحجم الـ 21 ولديه سلاح جو هائل وفيه نحو 600 طائرة (منها 350 طائرة قتالية)، سلاح مدرعات وفيه نحو 5.300 دبابة، وحجم قوات بنحو 460 ألف جندي في النظامي و 480 الف في الاحتياط.
لكن مراجعة لعمق المعطيات تبين أن الحديث يدور عن جيش قديم، يحاول أن يبث تجاه الداخل قوة وعزة قوية، وتجاه الخارج، في الساحة العربية الداخلية صورة عظمى إقليمية. نصف الدبابات هي من العصر السوفياتي. لسلاح الجو الفاخر وان كان يوجد نحو 168 طائرة اف 16، لكن الباقي فطائرات ميراج وميغ 29.
إن انهيار السلام وحرب مصرية – إسرائيلية هما خط احمر للأميركيين، خطوة تؤدي إلى ازمة هدامة في العلاقات مع واشنطن. فهل يمكن للمصريين ان يخوضوا حربا طويلة اذا ما قررت الولايات المتحدة اغلاق صنبور الذخيرة أو قطع الغيار للجيش المصري؟ هل الكمية المصرية، التي كانت دوما تفوقا للجانب العربي، يمكنها أن تقف امام الكيفية الإسرائيلية؟ مصر لم تخض حربا منذ 1973. وعليه، فبخلاف الميول الشعبية، فان الأنظمة المصرية المختلفة، لحسني مبارك، محمد مرسي والسيسي – اختارت الحفاظ على السلام. السلام بالنسبة لمصر هو أساس لاستقرار داخلي، أرضية للتعاون والمساعدة من الغرب والقدرة على تفريغ الميزانيات للتنمية المحلية أيضا (بناء القاهرة الجديدة مثلا). هذا لا يجعل الجيش المصري اقل تهديدا، واساسا ليس بناء البنى التحتية العسكرية المصرية في سيناء. لكن لا حاجة لتصعيب الخطاب وبالتأكيد لا حاجة لخلق تهديد موازِ تجاه مصر.
إسرائيل يمكنها أن تحتج وتطالب بالتفسير، لكن الخلافات يجب حلها بقنوات الاتصال القائمة بين القدس والقاهرة. في النهاية، السلام هو مصلحة متبادلة إسرائيلية – مصرية.