ذاكرة قماش.. «طبيعة من التلال يعلوها رأس خروف وزهرة» جورجيا اوكيف
الرأي -
إعداد: رفعت العلان - يُجمع الكثير من النقّاد على اعتبار جورجيا اوكيف أشهر الرسّامات الأمريكيات وأكثرهن أصالة وابتكارا. وقد عُرفت بلوحاتها التي تصوّر فيها مظاهر الحياة في صحراء نيو مكسيكو الجافّة والقاسية. ومن السهل التعرّف على لوحاتها التي تكثر فيها صور العظام والأزهار والجماجم والاصداف.
وكانت عظام الحيوانات النافقة في الصحراء تمثل بالنسبة للرسّامة مصدر فتنة وإلهام. ودليلا على تجدّد الحياة وانبعاثها وعلى استمرارية الوجود واتصال الحاضر بالماضي.
كانت تجوب الصحراء وترسم الجماجم والهياكل العظمية التي لوّحتها وصقلتها أشعّة الشمس الحارقة. ولم تكن اوكيف ترى في العظام رمزا للموت، بل عنصرا مهمّا من عناصر جمال الصحراء الخالد واللانهائي.
رسمت اوكيف هذه اللوحة التي يعتبرها الكثيرون أشهر لوحاتها وأكثرها انتشارا. وقد شرحت الفنانة ظروف ومغزى رسمها للوحة عندما قالت: كنت أحدّق في التلال قبالة بيتي لأسابيع وارسمها المرّة تلو الأخرى. كنت أراها من بعيد عبر النافذة بينما كانت السماء تمطر. وبدا لي أن المشهد سيكون أفضل لو ضمّنته جمجمة خاروف وزهرة» ,وتبدو اللوحة في اخراجيتها الفنية وطقسها اللوني سورياليا لطقسها الغرائبي.
في اللوحة تبدو الجمجمة اقرب إلى جمجمة الجاموس منها إلى جمجمة الخروف. ويخيّل للناظر كما لو أنها تنبعث من الأرض بعد أن كانت كامنة هناك منذ الأزل. وممّا يلفت الانتباه في اللوحة منظر القرنين والزهرة اللذين يكونا رمزا لاتحاد الجنسين او المعتقدات والأفكار التي كانت شائعة لدى بعض الشعوب القديمة ,اوكيف مفتونة بعظام الحيوانات الميّتة وكانت تسمّيها أزهار الصحراء.
كانت اوكيف شخصيّة محورية ومثيرة للجدل في الفنّ الأمريكي. وقد ظلّت على الدوام بمنأى عن التغييرات والاتجاهات التي طرأت على الفنّ وبقيت مخلصة لرؤيتها الفنية الخاصة التي كانت تعتمد على دراسة خصائص الشكل وعلى البحث عن الأشكال التجريدية والمهمّة في الطبيعة.
ومن الصعب إحصاء عدد المرّات الكثيرة التي استُنسحت فيها لوحاتها التي تتخذ من الصحراء والزهور موضوعا لها. وقد تأثرت في بواكير حياتها بـالفنان فاسيلي كاندينسكي وكتابه المشهور «الروحانية في الفن» الذي تحدّث فيه عن الانفعالات الداخلية للفنان.