Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Oct-2020

حادثة “فتى الزرقاء” تدفع لمطالبات بتشديد عقوبات الجرائم ضد الأطفال

 الغد-نادين النمري

 وسط حالة من الذهول أصابت الرأي العام الأردني إزاء جريمة خطف وتعذيب وتشويه وترويع بحق فتى عمره 16 عاما بمحافظة الزرقاء أول من أمس، تعالت المطالبات بضرورة تشديد العقوبات في جرائم الإيذاء والقتل الواقعة على الأطفال.
وفي وقت رجح فيه خبراء، أن تصل عقوبة العصابة التي قامت بالاعتداء على الفتى “صالح” إلى الإعدام استنادا إلى المادة 158 من قانون العقوبات والمتعلقة بالأفعال التي تقوم بها العصابات المسلحة والأشرار، لكنهم أكدوا أهمية أن يشمل تغليظ العقوبات جميع الجرائم الواقعة بحق الأطفال.
وتنص المادة 158 على أنه “كل جماعة من ثلاثة أشخاص أو أكثر يجوبون الطرق العامة والأرياف على شكل عصابات مسلحة بقصد سلب المارة والتعدي على الأشخاص أو الأموال أو ارتكاب أي عمل آخر من أعمال اللصوصية، يعاقبون بالأشغال المؤقتة مدة لا تقل عن سبع سنوات ويقضى عليهم بالأشغال المؤبدة إذا اقترفوا أحد الأفعال السابق ذكرها ويحكم بالإعدام على من أقدم منهم تنفيذا للجناية على القتل أو أنزل بالمجني عليهم التعذيب والأعمال البربرية”. وكان الطفل صالح تعرض لخطف وعملية اعتداء وحشية أول من أمس، نجم عنها بتر كلتا يديه وفقء عينيه، فيما تم إلقاء القبض على مقترفي الجريمة من قبل قوات الشرطة الخاصة في عملية تابعها جلالة الملك عبدالله الثاني شخصيا.
وأكد جلالة الملك، ضرورة اتخاذ أشد الإجراءات القانونية بحق المجرمين الذين يرتكبون جرائم تروع المجتمع، لافتا إلى أهمية أن ينعم المواطنون بالأمن والاستقرار، كما أمر جلالته بإحاطة الفتى بالعناية الصحية اللازمة، عقب الاعتداء الذي أثار غضباً واسعاً بين الأردنيين.
وفي رد الفعل الحكومي على الجريمة، قال وزير العدل بسام التلهوني، إن القانون سيأخذ مجراه وسيتم تطبيق أشد العقوبات على مرتكبي الجرائم التي من شأنها الإخلال بالأمن والسلم المجتمعي وترويع المواطنين.
وأضاف أن جريمة الاعتداء على الفتى بالزرقاء ليست من طبيعة المجتمع الأردني ودخيلة عليه، وترفضها كل القوانين والأديان وغير مقبولة شرعاً وقانوناً، مؤكدا أن الأردن لديه جهاز أمني قوي قادر على ردع واستئصال من تسول له نفسه الإخلال بالمجتمع وأمن وسلامة المواطنين.
من جهتها، عبرت ممثلة ‏منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في الأردن، تانيا شابويزات، عن الصدمة والحزن جرّاء العنف المروع الذي تعرض له “طفل الزرقاء”.
وقالت شابويزات، في بيان أمس تعليقًا على ‏حادثة الاعتداء على الطفل، إن العنف ضد الأطفال غير مقبول على الإطلاق، وهو وباء يهدد المجتمع مثل جائحة كورونا، مؤكدة مواصلة “يونيسف” دعمها المجتمعات والجهود الوطنية لإنهاء جميع أشكال العنف ضد الأطفال.
وتذكر قضية الفتى صالح بجريمة العنف الأسري التي تعرضت لها فاطمة أبو عكليك والمعروفة باسم “سيدة جرش” والتي فقدت بصرها على يد زوجها بعد أن تعرضت لأعوام لعنف أسري من زوجها، فيما تزال قضيتها منظورة أمام القضاء بعد أن تم توجيه تهمة القتل القصد للجاني.
وإن كانت حادثة اختطاف وتعذيب الفتى صالح استثنائية لجهة تنفيذها على يد “عصابة مسلحة أو مجموعة أشرار” بحسب التوصيف القانوني في قانون العقوبات، لكن سجلات المحاكم تحفل بقضايا للأطفال تعرضوا للتعذيب والقتل على يد أفراد من عائلتهم أو أشخاص غرباء، منهم قصي الطفل الذي قتل صعقا بالكهرباء على يد والده، والطفلتان بيان وحنين اللتان قتلتا حرقا على يد والدهما.
وفي وقت استفاد فيه الجناة في جرائم قتل قصي وبيان وحنين من إسقاط الحق الشخصي والعفو العام للعام 2019 ليكونوا أحرارا طليقين، يطالب مختصون بضرورة منع إسقاط الحق الشخصي وفرض تشديد للعقوبة في هذه الجرائم الواقعة على الأطفال بما فيها الواقعة داخل إطار الأسرة.
المديرة التنفيذية لمجموعة القانون لحقوق الإنسان “ميزان”، المحامية إيفا أبو حلاوة، قالت، “إن ما نشهده هذه الأيام ليس ارتفاعا في عدد الجرائم فقط، إنما أيضا زيادة في بشاعتها وقبحها تحديدا تلك الواقعة على النساء والأطفال”.
وأضافت، “في قضية الطفل صالح تسربت أنباء عن أن أحد الجناة كان موقوفا إداريا، هذا الأمر يؤكد أن التوقيف الإداري ليس أداة لمكافحة الجريمة لذلك المطلوب البحث عن سبل للوقاية من حدوث الجرائم، والوصول إلى العدالة وضمان حقوق الضحايا من خلال العقوبات المشددة والرادعة أمر ضروري، وذلك عبر إلغاء إسقاط الحق الشخصي في هذه الجرائم وتغليظ العقوبة في حال كان الضحية طفلا حتى في الجرائم الواقعة داخل نطاق الأسرة”، مطالبة بإنشاء معهد للدراسات الاجتماعية والسياسة لدراسة ظاهرة العنف.
وينص قانون العقوبات على تشديد العقوبات في الجرائم الجنسية الواقعة على الأطفال كما أن هذه الجرائم لا تخضع لإسقاط الحق الشخصي، فيما ما يزال القانون يبيح إسقاط الحق الشخصي في الجرائم الواقعة على الحياة والإيذاء على الأطفال. وبحسب أرقام إدارة المعلومات الجنائية لعام 2018، فإن جرائم الإيذاء البليغ والاغتصاب وهتك العرض، تعد ثاني أكبر نسبة في الجرائم المرتكبة في الأردن بعد جريمة السرقة.
وهنا، يرى الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة، محمد مقدادي، أن هذا الأمر يدعو وبكل جدية لمراجعة منظومة حماية الأفراد ومن أهمها الوقاية من حدوث تلك الجرائم أو برامج للحد من تكرارها.
وأضاف، “تشريعيا أعتقد في الجنح المتعلقة بإيذاء الأشخاص بشكل مقصود حسب قانون العقوبات بحاجة لإعادة النظر، ليس شرطا لتغليظ العقوبة وقسوتها وإنما الاتجاه إلى فلسفة تأهيل الانحراف من مرتكبي الجنح والجنايات وقاية من تكرارهم لتلك الافعال أو أن يتطور سلوكهم لأن يصبحوا مجرمين كما يحصل غالبا، وجريمة الزرقاء وجريمة الزوج الذي فقأ عيني زوجته، فجرائم القتل التي حدثت ضد الأطفال وداخل الأسرة عموما مثال على تطور السلوك العنيف عندما تكون الوقاية والتأهيل برامج غائبة”.
وتنص المادة 335 في قانون العقوبات الأردني، “إذا أدى الفعل إلى قطع أو استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف أو إلى تعطيلها أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل، أو تسبب في إحداث تشويه جسيم أو أي عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة، عوقب الفاعل بالأشغال المؤقتة مدة لا تزيد على عشر سنوات”.
وبين مقدادي، “لا بد من تحليل لجذور هذه المشاكل التي أصبحنا نشاهد تكرارا لها في المجتمع، والتي بدأت في تكوين نظرة سلبية وغاضبة من قبل أفراد المجتمع وبالتالي الخطير أن يصبح لدى المجتمع إدراك بعدم شعورهم بالأمان، فنحن لا نتعامل مع حالة وإنما نتعامل مع قضية مجتمعية، وعلى الرغم من أهمية التشريعات الناظمة والرادعة للجرائم بشكل عام، فإنه من المضلل أن نحصر الجرائم المجتمعية سواء بقصور في القوانين أحيانا أو في تطبيقها أحيانا أكثر”.
وقال، “محاولة الحد من السلوكيات العنيفة والجرمية لا ترتبط فقط بتشديد القوانين وتطبيقها وإن كانت مهمة جدا في الردع العام، والأَولى أن يتم العمل على أساليب الوقاية من الجريمة، من توفير الخدمات النفسية والتأهيل النفسي والاجتماعي والاقتصادي، وهنا أعتقد أن الأسرة كانت وستبقى المحور والأساس لوقاية المجتمع من أي سلوكيات سلبية في المجتمع لاحقا”.
وتتفق العضو في مؤسسة درة المنال، سوسن المجالي، مع ضرورة تغليظ العقوبات لتكون رادعة بالشكل الكافي، لكن التغليظ بحسبها ليس العنصر الوحيد لمكافحة جرائم العنف المجتمعي. وأضافت، “المطلوب رفع التوعية وتعزيز برامج التأهيل المتوفرة في مراكز الإصلاح والتأهيل للحد من التكرار وانتقال عدوى الجريمة”.