Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-May-2019

العمل الخيري في مكانه الصحيح !*د. زيد حمزة

 الراي-عندما كانت عقولنا الشابة تتفتح لاستقبال المزيد من الافكار الاشتراكية لتحقيق العدالة الاجتماعية تداولنا رأياً خلافياً حول دور (العمل الخيري) في مساندة الجهود الحكومية لتأمين الخدمات الاساسية للمواطنين ومن بينها الخدمات الصحية، وقد تبنى البعض رأياً بدا لنا قاسيا وغير رحيم يقول بانه – اي العمل الخيري – تمييع للصراع الطبقي وتنفيس للاحتقان المؤدي للثورة ! لكن بعضاً آخر رحب به لأنه يسد بعض الفراغات التي لا تدرك الحكومات مدى معاناة المواطنين منها فلا ضير في اي مساعدة انسانية اضافية تخفف هذه المعاناة..

 
وعندما تقدمتْ السيدة هيفاء ملحيس البشير (أم مازن) في سبعينات القرن الماضي مع مجموعة نساء اردنيات وانشأن (جمعية الأسرة البيضاء) للتطوّع بتقديم خدمات مساندة لمرضى مستشفى الاشرفية (البشير لاحقاً) ايّدهن اطباء من اصحاب ذاك الفكر الاشتراكي المنفتح وكنا من المرحبين وتمنينا أن تصبح المبادرة نموذجاً يحتذى في مستشفيات حكومية أخرى.
 
وعندما دُعيتُ لزيارة بريطانيا في الثمانينات للاطلاع على تجربة وزارة الصحة في مشروعها الجديد (المستشفى النواة) استفسرت عن دور الجمعيات الخيرية حياله اجابني المسؤولون أن قوائم مدروسة تتضمن الاحتياجات الجانبية لمرضى هذه المستشفيات توزَّع على الجمعيات مطلع كل عام، فتختار كل منها ما يناسبها القيام به، فمثلاً بالنسبة لمرضى السرطان المقيمين في المستشفى فتتولى رعاية احوال عائلاتهم أما الذين يتلقون جرعات العلاج الكيماوي ويعودون لبيوتهم فتتعهد بنقلهم، وتصرف لهم معونات مالية تعوضهم بعض خسارة الدخل من العمل (وكذلك بالنسبة لمرضى غسيل الكلى) وهو ما نصحْنا به اتحاد الجمعيات الخيرية عندنا يوم تَقدَّم مشكوراً في الثمانينات لانشاء وادارة مستشفى كبير لمعالجة مرضى السرطان وكنا نرى أنه مشروع ضخم لا يقوى على حمله وليس اختصاصه..
 
اما فيما يتعلق بالمسنين من المرضى الذين يتلقون العلاج حسب نظام التأمين الصحي في بيوتهم فالجمعيات تتعهد بمتابعة حالاتهم والتزامهم بتناول الادوية، وتقوم بتوفير اجراءات طبية بسيطة لا تستدعي نقلهم للمستشفى.
 
وعندما زرتُ مستشفى البشير قبل أيام بصحبة السيدة فاديا سمارة المديرة التنفيذية لجمعية (همتنا) التي تقوم بحملتها منذ آب 2018 لتنفيذ مشروع إعادة تأهيل وتحديث قسم الأورام وسرطانات الدم الذي سيحتوي بعد إنجازه على ثلاثين سريراً (وهو، للعلم، الأقدم في المملكة إذ بدأ بمعالجة المرضى منذ عام 1958) سعدتُ كثيراً وأنا أستمع لها تشرح بحماس ما حققته الجمعية تحت شعار (حق جميع مرضى السرطان في تلقي الخدمة العلاجية بعدالة في بيئة سليمة وآمنة ضمن ظروف تحفظ لهم انسانيتهم وكرامتهم وتراعي خصوصية مرضهم) وكيف نجحتْ في اقناع المتبرعين بذلك حتى بلغت تبرعاتهم اكثر من مليون ومائتي ألف دينار.
 
وبعد.. لقد ازددت اقتناعاً بما جاء في مقدمة هذا المقال حول دور العمل الخيري حينما يكون في مكانه الصحيح مع اخذ الحيطة والحذر من بعض من يتخذونه وسيلةً لتحقيق مصالح ذاتية أو غطاءً لأغراض سياسية أو عقائدية !