Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Jan-2023

احتجاج صهيوني ليس احتجاجي أنا

 الغد-هآرتس

جدعون ليفي
22/1/2023
 
مرة اخرى لم أذهب أول من أمس إلى الميدان أو إلى شارع كابلان للمشاركة في المظاهرات. أرجلي لم تحملني إلى هناك وقلبي منعني من المشاركة في الاحتجاج الذي هو محق في أساسه، لكنه ليس احتجاجي أنا. المظاهرة التي يوجد فيها بحر من إعلام الأزرق – أبيض يغطيها وكأنه من أجل حماية المشاركين فيها، في الوقت الذي فيه إعلام الشعب الآخر الذي يعيش في هذه البلاد محظورة (أو متجمعة في غيتو ضيق على كومة تراب في أقصى الميدان مثلما في المظاهرة السابقة)، لا يمكن أن تكون مظاهرتي. المظاهرة النقية القومية، يهودية تماما، في دولة ثنائية القومية بصورة واضحة، لا يمكن أن تكون مظاهرة شخص يبحث عن الحرية أو العدالة، وهي كلمات المفتاح لهذا الاحتجاج، لكنها كلمات جوفاء.
أيضا أجوف الحديث عن “الحرية والمساواة وجودة الحكم” لمنظمي المظاهرة الواحدة. وأجوف بدرجة لا تقل عن ذلك هو الحديث عن “نحن نحارب من أجل الديمقراطية” في مقر النضال الآخر. لا توجد ولا يمكن أن تكون “حرية وعدالة وجودة حكم” في دولة ابرتهايد و”نحن نحارب من أجل الديمقراطية” إذا كانوا يغضون النظر عن الابرتهايد. بعض اليهود في هذه البلاد يغضبون الآن بسبب الخطر الحقيقي الذي يهدد بالاضرار بحقوقهم وحريتهم. من الجيد أنهم عادوا الى الحياة والى العمل المدني، لكن حتى بعد قمعها فان حقوقهم وحريتهم هي من نصيب ذوي الامتيازات في التفوق اليهودي المتأصل. الذين يوافقون على ذلك بالأقوال أو بالصمت فهم يحملون اسم الديمقراطية عبثا. والذين يصمتون على ذلك فهم يصمتون على الابرتهايد. مستحيل المشاركة في هذه المظاهرات المنافقة.
بحر الأزرق – أبيض ليس إلا خطوة اعتذارية وشعور بالذنب أمام اليمين الذي شكك باخلاص ووطنية هذا المعسكر. نحن صهاينة ولذلك نحن مخلصون، هكذا يحاول المتظاهرون. يمكن للفلسطينيين وعرب إسرائيل الانتظار إلى حين انهاء الأمور فيما بيننا. محظور الخلط وكأنه يمكن عدم الخلط. مرة اخرى يسقط الوسط واليسار كضحية امام اتهامات اليمين؛ معتذر ومتلعثم، نقاء العلم لطخه اكثر من الاتهامات الموجهة اليه. مرة اخرى هذا المعسكر يقوم بابعاد الفلسطينيين وعلمهم بدرجة لا تقل عن اليمين. كيف يمكن المشاركة في مثل هذه المظاهرة؟ لا يمكن أن تكون هناك مظاهرة من اجل الديمقراطية والمساواة والحرية، حتى من أجل جودة الحكم، بتركيبة ابرتهايد في دولة ابرتهايد.
العلم تم اختياره ليكون رمز لأن هذا الاحتجاج صهيوني. ولكن لا يمكن أن تكون هناك مظاهرة صهيونية من اجل الديمقراطية وأن تكون ايضا مظاهرة عادلة. الايديولوجيا التي نقشت على رايتها تفوق شعب على شعب آخر لا يمكن أن تقدم مواعظ بالعدالة الى أن تغير أساسها الايديولوجي. نجمة داود تغرق وبحق، كما أدهشنا ملحق “هآرتس” فيما عرضه أول أمس على الغلاف، لكن هذا الغرق لا يمكن منعه طالما أن العلم ليس سوى علم أحد الشعبين.
الدماء الفلسطينية تسفك في الفترة الاخيرة مثل المياه. لا يوجد يوم من دون قتيل يقتل عبثا: معلم رياضة حاول انقاذ مصاب في ساحة بيته؛ والدان حاولا الدفاع عن اولادهما، وفتى فلسطيني إبن 14، كل ذلك في اسبوع واحد. كيف يمكن لاحتجاج أن يتجاهل ذلك وكأنه لم يحدث، وكأن هذه الدماء هي مياه، والمياه هي امطار بركة، وكأنه ليس لذلك أي علاقة بصورة النظام. تخيلوا عمليات يومية ضد اليهود، هل كان الاحتجاج سيتجاهل ذلك؟. الاحتلال بعيد عن الانتهاء. فقد تحول الى ذبابة مزعجة يجب اسكاتها. ايضا من يذكرونه يتم اعتبارهم مزعجون. ايضا هؤلاء يجب ابعادهم، وحتى اليسار الصهيوني سئم منهم.
“نحن سنوقف الثورة النظامية” يدعو اعلان مثير للشفقة وكأنه تم أخذه من الثورة الفرنسية. ولكن لن تكون أي ثورة في اسرائيل اذا استمرت في أن تكون دولة ابرتهايد. وحتى لو تحققت طلبات المتظاهرين وتم حمل المحكمة العليا على الاكتاف والمستشار القانوني للحكومة اصبح مبجل من قبل الشعب وتم ضبط السلطة التنفيذية كما ينبغي، ستبقى عندنا دولة ابرتهايد. اذا كان الامر هكذا فمن اجل ماذا الاحتجاج؟ من اجل الاستمتاع والتسلي بمقولة “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط” مرة اخرى.