الغد-هآرتس
بقلم: يئير غولان
الهجوم المركب لإيران ضد إسرائيل خلق لها فرصا سياسية وإستراتيجية غير مسبوقة، تحققها يرتبط بتبصر سياسي وزعامة وطهارة في الرأي. بمفاهيم تجارية فإن إسرائيل يمكنها أن تنفذ الآن الخروج وأن تحقق الفوائد الجديدة التي وجدت. سياسة الخروج وتنفيذها، التي على كابنت مسؤول وحكيم وجدي أن يتبناها وبسرعة.
هجوم 14 الشهر الحالي يشكل فرصة لإعادة تشكيل الواقع الصعب الذي تعيش فيه الدولة منذ أشهر. وقد ظهر تغير في الرأي العام العالمي، ووقوف بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل، بدعم هاديء من دول الخليج، ينهي عزلة إسرائيل الآخذة في التعمق إلى درجة الوصول إلى خطر حقيقي على أمنها. هجوم إيران مكن من إعادة تأطير رواية إسرائيل، بما يشبه الأيام الأولى بعد المذبحة في 7 تشرين أول (أكتوبر).
هذا الواقع الجديد غير مفهوم ضمنا. فالأعضاء في التحالف الإقليمي، على رأسهم أميركا، امتنعوا عن العمل عندما تمت مهاجمة ممتلكات إستراتيجية سعودية على يد إيران. هذا التغيير المؤسس في سياسة الرئيس الأميركي جو بايدن لن يستمر إذا لم تقم إسرائيل باستغلال ذلك من أجل تغيير مهم في توجهها من السياسة الكارثية التي جرتنا إليها حكومة نتنياهو.
على إسرائيل تغيير الميزان الإستراتيجي وتجسيد الإنجازات العسكرية المهمة التي تم تحقيقها في القطاع ووقف الحرب. ويجب عليها أيضا خلق الظروف لإعادة المخطوفين والحفاظ على حرية العمل، وفي نفس الوقت تطبيق حلم الحلف الدفاعي الإقليمي برئاسة الولايات المتحدة في عهد الرئيس بايدن.
أمام العرض المؤثر المهدد والخطير من جهة إيران، والذي جمع عدة قدرات هجومية، صمدت دولة إسرائيل مع أفضل ما يوجد في ترسانتها الدفاعية. الحديث يدور عن قدرة عسكرية، علمية وهندسية، مثيرة للإعجاب، لكن ما حدث هنا قبل الهجوم الإيراني أهم بكثير. فقد تشكل هنا حلف دفاعي بالفعل تشارك فيه الدول الرائدة من ناحية عسكرية في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، الولايات المتحدة، بريطانيا وفرنسا.
إن عرض هدف التحالف الإقليمي يوضح مستوى خطورة سياسة نتنياهو الدبلوماسية، وكم كانت عزلته وعزلة الشركاء الفاشيين في حكومته، كارثية. إن الجمع بين هذه القدرات الاستخبارية والدفاعية والهجومية هو الضمانة للسلام في المنطقة، لكن أيضا الضمانة لبقاء دولة إسرائيل.
المعركة مع إيران هي حدث متواصل وإسرائيل وصلت إلى هذه المواجهة وهي بعيدة عن وجودها في أفضل حالاتها. فالمجتمع متفكك والمناعة الوطنية تنزف، في حين أن الرجال والنساء والاطفال والشيوخ لدينا تم التخلي عنهم. الوكيل الإيراني في الشمال، حزب الله، بعيد عن الحسم وإسرائيل فقدت ممتلكات ردع مهمة، الامر الذي يحتاج إلى استعداد دائم وتجديد القدرات وتجديد الاحتياط. إضافة إلى ذلك هذا يحتاج إلى كسب ثقة الجمهور بعد أن تراجعت إسرائيل عن السياسة الأساسية وأقامت حزام أمان في بلادنا مع تحويل عشرات آلاف مواطنيها إلى لاجئين في بلادهم.
إن وقف الحرب في غزة بالشروط الجديدة التي تشكلت في 14 الشهر الحالي يخدم مصلحة إسرائيل ويعزز الأمن وينشئ ظروفا جديدة قبل أي مواجهة أخرى محتملة. للمرة الأولى تجسد إسرائيل الإنجاز العسكري وتحوله إلى هدف سياسي جدير. حماس تلقت ضربة قاسية.
إسرائيل يمكنها الحفاظ على حرية أمنية كاملة في القطاع مع نقل الصلاحيات الأمنية إلى قوة إقليمية متعددة الجنسيات، والمسؤولية المدنية للسلطة الفلسطينية. هذا الوضع يخلق ظروفا نموذجية لإعادة المخطوفين وعودة المخلين إلى الجنوب والشمال. وإقامة التحالف الإقليمي ستخدم إسرائيل في المواجهة مع حزب الله وفي طلباتها من السلطة الفلسطينية. إدارة الأخطار تتغير وإسرائيل تتمتع بمعادلة أفضل بكثير أمام إيران، التي لم تكن في أي يوم قريبة بهذا القدر من الوصول إلى قدرة نووية عملياتية.
إن تطبيق خروجنا المتأخر في هذا الوقت من قطاع غزة يضع تحت الاختبار، للمرة الأولى، المحور الديمقراطي – الليبرالي أو السني المعتدل أمام المحور الشيعي الأصولي، إيران، روسيا والصين، وهو محور متطرف وعنيف ويضر بالاستقرار الإقليمي والدولي. إسرائيل يجب عليها اختيار أي محور تريد الانتماء اليه.
من الواضح أنه بدون مقاربة اقليمية مناسبة، في مركزها الاستعداد للتقدم في الساحة الفلسطينية، لن يكون مثل هذا التحالف، الذي سيوجد جبهة أمنية قوية. بالذات النجاح في كسر هجوم إيران يوضح بشكل قاطع حجم القرار الذي تحتاجه إسرائيل.
خطة الخروج وتحقيقها التي اقترحها تحتاج إلى قيادة ترى للمدى البعيد وتدرك الوزن الإستراتيجي الذي أوجدته هذه الفرصة. هذه يجب أن تكون قيادة تلتزم دائما بأمن إسرائيل وليس ببقاء أكثر القادة فشلا فيها. مثل هذه الفرصة لا تتكرر.