Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Mar-2020

أدبيات الجائحة ..*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

فوق الإثارة المسيطرة على الخطاب العام ثمة انفعال غريزي؛ يتقصى المزيد من أمن، حالة سيطرت على تفاعل الأردنيين خلال الأسبوع الماضي، ثم تحوّل الأمر، وغدا كرنفاليا الى حد ما، وهذه أيضا استجابة استثنائية تقع ضمن خطاب الجائحة وأدبياته، ولو طلب رأيي الشخصي حول هذا الإنفعال المضطرب المتسارع، لقلت إن الأمر طبيعي، فالظرف استثنائي بما تعنيه الكلمة، والتهديد وجودي، أمني صحي، تستجيب فيه الغريزة قبل العقل والثقافة والسلوك الطبيعي، فاعذروا الناس مهما كانت ردة فعلهم المبدئية..
 
لا أحد يقلل من خطر الجائحة التي تهدد العالم كله، حتى وإن كان الموضوع كله مبني على المبالغة، إلا أن العالم صنف فيروس كورونا كجائحة، والجائحة هي أعلى درجات الخطر الوبائي، فالوباء يقع في منطقة واحدة أما الجائحة فهي تضرب في أي مكان، ومع كورونا تضرب بقسوة وسرعة، لا يمكن لدولة واحدة مهما بلغت استعداداتها أن تقف في وجهها بشكل كامل، فنصف الحل مبني على التعاون بين كل مواطني العالم، وحكوماتهم، ولا حلول منطقيا سوى التعاون على قهر الفيروس بمنع انتشاره.
 
في عصور ما من حياة البشر، كان الوباء يضرب مناطق وشعوبا، وتم التعامل مع المرض القاتل بطريقة قد تبدو لا إنسانية، حيث تمت إبادة جماعية للمصابين، وفي عصر التكنولوجيا والذكاء الصناعي، لم يختلف الأمر نسبيا، فهناك دول تتعامل مع مواطنيها بقسوة غير متوقعة، ويمكنني القول بأن الأردن كان وما زال الأكثر إنسانية وأخلاقية في تعامله مع الحدث العالمي الخطير، وقد تتفاقم حالة انتشار الفيروس في أكثر من مكان، كما حدث في إيطاليا مثلا، فتعلن الجهات الطبية عدم تمكنها من مجاراة تكاثر حالات الإصابة، فلكل دولة طاقة وإمكانيات، ونحن في الأردن وبحمد الله التقطنا هذه الإشارة بسرعة، حيث سنبقى دولة قوية في مواجهة المرض بمكافحة انتشاره منذ بداية ظهوره، لأننا أيضا دولة ذات إمكانيات محدودة، ولا يمكننا التعامل مع عشرات آلاف الإصابات، وهنا فقط يكون للتعاون أثره الحاسم، الذي يبقينا في هامش مناورة آمن، في مواجهتنا لهذا التحدي الزاحف من الخارج.
 
التزام الناس ببيوتهم وتجنب الاحتكاك والاختلاط هو العلاج الأول لهذه المرحلة من المواجهة، لذلك قامت الدولة بتفعيل قانون الدفاع اعلانا لحالة من الطوارىء، مستعدون لها حتى وإن كانت في نطاقها الواسع، لكن جلالة الملك وجه الحكومة ليكون تطبيق هذا القانون في أضيق نطاق ممكن، ولا يعني هذا بأنه سيبقى هكذا إن لم يتعاون الناس مع الدولة، فالخطر عندئذ سيهدد الجميع، ولا أحد يقبل على نفسه بأن يكون سببا في تدمير مجتمعه وتقويض أمن وسلامة الشعب والإنسانية كلها..
 
الجهات المسؤولة عن الشأن العام تقوم بواجبات وقائية، وفي مثل هذه الحالة من الطوارىء يكون المطلوب هو الأمن والصحة والخدمة اللوجستية، والاعلام يجب أن ينحو للدور الارشادي التوجيهي وليس للدور الناقد المتبرم الساعي للإثارة، وهذا كله نعيشه يوميا في أداء الدولة الأردنية حكومة وشعبا ومؤسسات، بل إننا اقتنصنا فرصة ذهبية سنعلم قيمتها بعد أن ينجلي التهديد، فالتعليم عن بعد نتيجة ثمينة وتجربة استثنائية، قد تتمخض عن حلول سحرية لمشاكل التعليم في الأردن، وهي عنوان تميزنا اليوم، فنحن نقاوم انتشار الفيروس بطرق حضارية وتستمر الحياة والانتاج والاستقرار، ولم تتعطل المؤسسة التعليمية سوى بعض الإضطراب في التعليم العالي، ناجم عن تردد الوزارة وكثرة قراراتها، وكأنها تتحدث عن جامعة واحدة، حيث المطلوب أن تتخذ الجامعات قراراتها بشأن السنة الأخيرة في كلية الطب وطب الأسنان، فهؤلاء أيضا أطباء يجب عليهم أن يعيشوا هذه الظروف لأنها تقدم لهم فرصة مهنية استثنائية، علاوة على عدم تعطيلهم في فصلهم العملي الأخير.