ايلاف- تبين مراسلات الكترونية اطلعت عليها صحيفة الديلي تلغراف أن ولترز حاولت التوسط لتمكين شهرزاد الجعفري ابنة سفير النظام السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري من الدراسة في جامعة مرموقة والتدرب في برنامج بيرس مورغان الذي تبثه شبكة سي ان ان.
وحين وُضعت المراسلات الالكترونية، التي حصل عليها أحد فصائل المعارضة السورية، أمام مذيعة أي بي سي، البالغة من العمر 82 عامًا، اعترفت بحدوث تضارب في المصالح، وأعربت عن "الأسف" لما قامت به.
شهرزاد الجعفري
عملت شهرزاد الجعفري (22 عامًا) مستشارة قريبة من الأسد، واقفة بجانبه معه عندما صعدت قوات النظام حملة البطش وأعمال القتل ضد المحتجين. وكانت تتحدث معه مرات عدة في اليوم، وتسميه أحيانًا "الشاب الأنيق" بلهجتها الأميركية المكتسبة، وتكون أحيانًا أخرى المسؤول الوحيد في المكتب خلال المقابلات التي يجريها الصحافيون الغربيون معه.
وكانت المقابلة التي أجرتها ولترز مع الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي تصدرت العناوين الرئيسة في أنحاء العالم عندما نفى الرئيس السوري أن يكون مسؤولاً عن حملة التنكيل بمعارضيه، التي أسفرت حتى في ذلك الوقت عن مقتل آلاف السوريين. وتبين المراسلات الالكترونية ان شهرزاد الجعفري وولترز ظلتا على اتصال بعد المقابلة التي كانت الأولى تجريها شبكة تلفزيونية أميركية مع الأسد.
وحين عادت شهرزاد إلى نيويورك اتصلت مجددًا بولترز، التي كانت تسميها "أمي بالتبني". وفي المقابل كانت ولترز تخطابها بعبارة "يا فتاتي العزيزة". وكانت ولترز تنهي رسائلها أحيانًا بتوقيع "معانقات، باربرا".
التقت الاثنتان على الغداء في فندق مارك في مانهاتن في أواخر كانون الثاني/يناير. وهناك على ما يبدو طلبت شهرزاد الجعفري تشغيلها في أي بي سي نيوز. وقالت ولترز إنها رفضت الطلب، ولكنها عرضت استخدام علاقاتها لمساعدة شهرزاد بطرق أخرى.
بعد ذلك بفترة قصيرة بعثت ولترز برسالة الكترونية الى شهرزاد الجعفري، تقول انها كتبت الى بيرس مورغان ومنتج برنامجه، تقول له "كم أنتِ رائعة وأرفقتها بنبذة عن حياتك". كما سألت إن كانت شهرزاد ما زالت تعتزم التقديم على جامعة كولومبيا في نيويورك وعرضت مساعدتها.
وبعد اسبوع بعثت ولترز برسالة الكترونية الى ريتشارد وولد، الذي يعمل استاذًا في كلية الصحافة في الجامعة، ووالد جونثان، وولد منتج برنامج مورغان التنفيذي على شبكة سي ان ان.
الرئيس السوري بشار الأسد مع باربرا ولترز (يسار) وشهرزاد الجعفري
وقالت ولترز في وصف شهرزاد الجعفري إنها "لماحة، جميلة وتتكلم خمس لغات"، وسألت إن كان هناك ما يمكن أن تفعله لمساعدتها. ورد البروفيسور وولد أنه سيطلب من مكتب القبول أن يولي شهرزاد "اهتمامًا خاصًا".
وقال البروفيسور وولد إنه أُبلغ بأن شهرزاد لم تتقدم للدراسة في الجامعة فلم يتوسط لمساعدتها. وأضاف "كنتُ سأطلب من مكتب القبول أن يولي اهتمامًا خاصًا بأي شخص توصي به ولترز أو أحد آخر في الصحافة". ولكن شهرزاد لم تعمل متدربة في برنامج مورغان، ولا دخلت الجامعة في نهاية المطاف.
وكانت ولترز واحدة من حفنة اميركيين مختارين وجّهت اليهم الدعوة إلى حضور حفلة خاصة استضافها بشار الجعفري والد شهرزاد في آذار/مارس 2011، شهر اندلاع الانتفاضة ضد نظام الأسد. والصحافي الوحيد الآخر بين الضيوف كان مراسل قناة برس تي في التلفزيونية الايرانية. ولكن ولترز لم تحضر الحفلة.
وتقدم ولترز الآن برنامجًا تلفزيونيًا من برامج التوك شو. لكنها خلال حياتها المهنية التي تمتد عقودًا قابلت العديد من مشاهير السياسة والحياة الثقافية الاميركية. وتابع مقابلتها مع مونيكا لوينسكي بعد انكشاف علاقتها بالرئيس السابق بيل كلنتون رقم قياسي من المشاهدين بلغ 74 مليونًا.
وأصدرت ولترز بيانًا قالت فيه إن شهرزاد الجعفري بعد المقابلة مع الأسد "عادت إلى الولايات المتحدة، واتصلت بي باحثة عن عمل. وقلتُ لها إن في هذا تضارب مصالح خطرًا، وإننا لن نوظفها. وعرضتُ التوسط مع معارف في مؤسسات إعلامية أخرى وفي الوسط الأكاديمي رغم أنها لم تحصل على عمل أو تدخل الجامعة. ولدى النظر إلى الوراء أدرك أن هذا أوجد تضاربًا وأنا آسفة لذلك".
أدناه نماذج من المراسلات الالكترونية بين شهرزاد الجعفري وباربرا ولترز:
8 كانون الأول/ديسمبر 2011، من شهرزاد الجعفري إلى باربرا ولترز بعد يوم على بث المقابلة مع الأسد على شبكة أي بي سي واستقبالها بغضب من جانب النظام:
هلو أيها العزيزة باربرا
بودّي الحصول على الشريطين الآخرين اللذين طلبتهما لونا بأسرع وقت ممكن، شريطي المقابلة كاملة. فأنا أواجه متاعب كبيرة هنا، ولا بد من الحصول على الروابط لشريطين آخرين، اليوم رجاء.
مع جزيل الشكر
13 كانون الأول/ديسمبر 2011، من باربرا ولترز إلى شهرزاد الجعفري
أُفكر فيك كثيرًا. أنا ذاهبة لمقابلة رئيسي والسيدة الأولى. هل أنتِ بخير؟، بودي سماع أخبارك. مرة أخرى، امتناني ومحبتي.
من باربرا ولترز إلى شهرزاد الجعفري، 19 كانون الثاني/يناير 2012 (بعد لقاء الاثنتين في نيويورك)
عزيزتي شيري. كتبتُ إلى بيرس مورغان ومنتج برنامجه أقول كم أنتِ رائعة وأرفقتُ نبذة عن حياتك. لست متأكدة إن كان لديهم شاغر. هل ما زلتِ تعتزمين التقدم للدراسة في جامعة كولومبيا؟، هل تريدين مني أن أفعل شيئًا في هذا الشأن؟، أخبريني بمشاريعك حين تعودين من سوريا. في الأمان، معانقات، باربرا.
24 كانون الثاني/يناير من شهرزاد الجعفري الى باربرا ولترز
مرحبًَا عزيزتي
أرجو ان تكوني بخير.
سأطير عائدة الى سوريا يوم غد. سأبقى هناك اسبوعين. احتاج انجاز بعض القضايا، وأعود الى هنا للاستقرار. تقدمتُ للدراسة في جامعة كولومبيا وآمل بقبولي. إذا كانت هناك أية طريقة تعتقدين ان بامكانك ان تعطي طلبي دفعة سيكون ذلك موضع تقديري البالغ. سبق وان ذكرتِ انكِ تعرفين استاذا هناك.
قدمتُ لدراسة الشؤون الدولية في قسم الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا.
أنا حقا أُريد أن ابدأ ببناء مستقبلي هنا.
كما آمل بسماع شيء من بيرس مورغان، وأنا مستعدة للبدء بالتدرب معه فور عودتي في 11 شباط/فبراير. سأشتري لك بعض المجوهرات من سوريا. اخبريني إن كنتِ تحتاجين أي شيء آخر من هناك.
مع جزيل الشكر
ابنتك
شيري
كانت شهرزاد الجعفري أحد افراد حلقة من المستشارين الشباب لمساعدة الأسد في مخاطبة وسائل الإعلام الغربية. وعندما وافق الأسد على المقابلة مع ولترز، أعدت شهرزاد قائمة بموضوعات الحديث، مشيرة الى ان "نفسية الشخصية الاميركية يمكن ان تُستغل بسهولة".
عادت شهرزاد الجعفري الى بلاط الأسد في دمشق في العام الماضي لتقديم استشارتها في مواجهة الانتفاضة والشكل الذي ينبغي ان تُصور به حملة النظام لسحقها امام العالم.
يبين حسابها على بريد هوتميل الالكتروني تسلمها عشرات الرسائل من مؤسسات اعلامية عالمية تتملقها وتناشدها المساعدة لمقابلة الأسد.
ويقول مراقبون انها رغم شبابها كانت تتعامل مع الصحافيين بكفاءة لافتة، وانها كثيرًا ما كانت تمارس الغنج معهم، قائلة للعديد منهم "أنت الصحافي المفضل عندي".
وفي مناسبة واحدة على الأقل أخذت صحافيًا من فندقه في دمشق بسيارتها الخاصة، وقادته الى مكتب الأسد مباشرة. وكانت شهرزاد المسؤول السوري الوحيد الحاضر في المقابلة. وبعثت بعشرات الرسائل التي تعبّر عما يقرب من الولاء المتعصب مع الاحتفاظ بمودة شخصية عميقة لرئيسها.
ولكن رسائلها الالكترونية تخفي جانبًا آخر من شخصية الشابة المبتسمة التي أُطلق عليها لقب "كيم كاردشيان" السورية. فان هناك لمحات من اليأس والتعب من الدفاع عن نظام بدا على حافة الانهيار، بحسب صحيفة الديلي تلغراف، ناقلة عن رسالة الكترونية من شهرزاد الجعفري، تقول فيها ان الأسد "ليس هو الوطن.... الوطن مدمَّر الآن، ولا أحد يستطيع اصلاحه.... سوريا أكبر بكثير من هذا الشاب، وأشد كبرياء من ان تقصفه طائرة اميركية...".
ساعدت شهرزاد الجعفري في ترتيب مقابلة باربرا ولترز مع الأسد، ولكن يبدو انها حُملت قسطًا كبيرًا من المسؤولية عندما اتضح أن مذيعة أي بي سي كانت شديدة القسوة مع دكتاتور سوريا.