Sunday 9th of March 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Sep-2014

فرض الرأي: أنانية تهمش الآخرين وتزعجهم
الغد - منى أبو صبح - يتحاشى الأربعيني أبوسفيان دائما الدخول في نقاشات مع صديق مقرب له جدا، كونه معتدا برأيه دائما، حتى وإن كان خاطئا، معتقدا أن رأيه الأمثل والأصوب، مما يجعله متماديا في تكرار ذلك في جلسات أخرى، فيكون النقاش معه عقيما، مؤكدا أن زملاءه في العمل يتجنبونه أيضا.
ويرى أبوسفيان أن فرض الرأي يكون في الكثير من الأوقات سلبيا، كونه يجرح كرامة الآخرين ويؤذيهم نفسيا، منوها إلى أن هذه الشخصيات تحبذ أن يكون الجميع في صفها ويمتثل لرأيها في العمل والمنزل والشارع وفي أي مكان يتواجدون به، فهي لا تتقبل النقد وتحاول فرض رأيها على الآخرين.
وكل فرد له ثقافته  وكيانه، وليس بالضرورة أن تكون متشابهة مع آراء ومعتقدات باقي الأفراد، فكما نحب أن يسمعنا الآخرون، علينا الاستماع أيضا إليهم حتى لو لم نوافقهم الرأي أو الاعتقاد، فالاستماع الجيد مهارة تكتسب بالممارسة وتكسبنا احترام الآخرين، ويجب احترام الرأي الآخر حتى يبادلنا الآخرون الاحترام والثقة وتسود المحبة بين الجميع.
وتصف أم فراس (46 عاما) زوجها بأنه من الأشخاص الذين يفرضون رأيهم على الآخرين، وأكثر ما يزعجها ويؤثر بها هو تطبيق ذلك على أبنائها، بالإضافة لأصدقائه في العمل وفي كل جلسة يتواجد بها.
تقول “أقوم دائما بتذكير زوجي بأن أبناءنا قد كبروا ونضجوا، ولهم حياتهم الخاصة وحريتهم الشخصية، وعلينا توجيههم وليس فرض آرائنا بكل صغيرة وكبيرة في حياتهم، فهو يتدخل بلباسهم وأصدقائهم وخياراتهم الدراسية متناسيا رغباتهم وميولهم”.
وتضيف “أحاول دوما الحديث معه في الأمر ليغير سلوكه هذا، لكن بدون جدوى، ودوما أسأله هل هو بداخله راض عن نفسه هكذا، أم أنه يرى بذلك قوة لشخصيته”.
الاختصاصي النفسي د.أحمد الشيخ، يشير إلى أن التواصل بين البشر يتم عن طريق الحوار، والحوار يتطلب من جميع الأطراف ضرورة الاستماع لوجهات النظر، فعندما يفرض الفرد رأيه على الآخرين يلغي أهم عناصر التواصل وهو (الحوار).
ويضيف “هؤلاء سواء كانوا في البيت أو العمل فستسود وجهة نظرهم الأحادية، ومهما كانت وجهة النظر هذه، فسيكون هناك أكثر من خطأ، لأنه لم يتم الاستماع أو التحاور فتصبح وجهة نظر واحدة”.
ويرى الشيخ أن الآراء أحادية الجانب تتطلب إما الخضوع لها، بسبب سلطة سواء كان أبا أم مديرا أم غيره، أو التمرد عليها، منوها إلى أن الخضوع أو التمرد أمران يجعلانها غير صحيحة، أما الحوار فهو تواصل يجعل جميع الأطراف يشعرون بأهميتهم واحترامهم.
ويلفت إلى أهمية التنبه بين فرض الرأي واتخاذ القرار، فالبعض يقول إن الشخصية القوية هي تلك التي تتخذ القرار وليس فرضه، فهو يستند إلى الاستماع والحوار وإنهاء الحوار باتخاذ قرار، على عكس الشخص الذي يفرض رأيه الذي يتغاضى عن آراء عدة ويتعالى بفرض رأيه على الآخرين.
مرام عباس (28 عاما)، تقول “لا أحب أن يفرض أحدهم رأيه ويتمسك به، أما إذا كان على صواب ودافع عن رأيه، فأنا أقف معه وأستفيد منه، وبعض الأشخاص حتى لو اقتنعت بوجهة نظرهم لا أظهر قناعتي لهم، حتى لا يصيبهم الغرور بأنني خضعت لرأيهم”.
هلا بكر لديها صديقة تفرض رأيها بقوة على الحاضرين، كما تقول، فهي قوية الشخصية وتدافع عن رأيها وحريتها بشكل كبير، وتقنع من حولها بأسلوب جميل مهذب، متمنية أن يتحلى جميع من يرغب التعبير عن رأيه بالأسلوب ذاته الذي تتبعه صديقتها.
ويرى استشاري الاجتماع الأسري د. مفيد سرحان، أن الإنسان بقدر ما يكون متفاعلا ايجابيا مع الآخرين يكون أكثر قبولا وتأثيرا فيهم، وأكثر الأشخاص نجاحا في ذلك هم الأكثر قدرة على الحوار، فالمحاور يدخل إلى قلوب الناس، بينما نجد أن هنالك نفورا من الأشخاص الذين لا يستمعون ولا يناقشون الآخر.
ويقول “عدم الاستماع إلى وجهات النظر الأخرى تنفر الآخرين، بل وفيها خسارة لإمكانية الاستفادة مما لديهم من خبرات وتجارب، والبعض يعتقد خاطئا أن الأخذ بالرأي الآخر يعني ضعف الشخصية أو عدم القدرة على التأثير، وهذا ليس صحيحا”.
ويضيف “البعض لا يحب أن يأخذ برأي الابن وإن كان على يقين بأن رأيه صواب حتى لا يقال إن رأي الابن هو الأصوب، والبعض أيضا لا يأخذ برأي الزوجة وإن اقتنع بأن رأيها صواب حتى لا يقال “أخذ برأي المرأة”، وهذا مفهوم خاطئ”.
والأصل أن نربي الأطفال منذ الصغر على الحوار والاستماع للآخرين، وفق سرحان، وأن نمارس ذلك عمليا في الأسرة، وأن نبتعد عن التمسك بالرأي الآخر، وخصوصا إذا ثبت أنه خطأ.
ويؤكد أنه من أساليب التربية تعويد الصغار على الأخذ برأيهم إن كان صوابا، فهذا يعد تحفيزا لهم.