Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-May-2019

عندما تقرع طبول الحرب على ضفاف الخليج!* ماجد توبة

 الغد-يتسارع التصعيد والتسخين بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، وتمتد التوترات والاشتباكات المحدودة لتخيم بظلالها على كل الخليج العربي والشرق الأوسط، فيما بات سؤال المليون اليوم هل يمكن أن تنزلق إدارة ترامب الهوجاء من “حافة الهاوية” إلى مستنقع حرب كبرى أو محدودة مع إيران؟!

ويبدو حتى الآن أن سياسة “حافة الهاوية” تكاد تطبق على المشهد الإقليمي والدولي المحيط بالصراع الأميركي الإيراني، رافعة من منسوب التوتر والقلق الدولي وفي أسواق النفط والمال، فيما يرسم المحللون وساسة الاقليم والعالم السيناريوهات المتوقعة لمآلات الأزمة المتصاعدة على ضفاف الخليج العربي وفي مياهه وأجوائه، بينما تمتد الآثار المتوقعة لأي انفجار عسكري لتشمل مروحة واسعة من الدول والساحات، وعلى رأسها كيان الاحتلال الاسرائيلي، الذي يبدو الطرف الوحيد، حتى قبل إدارة ترامب ذاتها، الذي يدفع باتجاه حرب كبرى وواسعة ضد إيران على اعتبار انها تحقق مصالح إسرائيل مع العدو الاستراتيجي الأقوى اليوم لها.
ورغم أن أغلب التحليلات والتوقعات تستبعد وصول الأزمة المشتعلة والتصعيد الحالي بين أميركا وإيران إلى مرحلة الحرب، الكبرى أو حتى المحدودة بمعنى استهداف مواقع إيرانية استراتيجية بضربات صاروخية، فإن خيار السقوط بهاوية الصدام والحرب لا يغيب عن بال المحللين، خاصة وان إدارة ترامب اليمينية الغارقة بأزماتها في الداخل الأميركي والمنحازة حد التطابق مع إسرائيل، وشخصية ترامب النزقة وغير السوية نفسيا، كلها عوامل قد تدفع الثور الهائج بالبيت الأبيض إلى “هدم المعبد على من فيه”، والدخول بحرب مع إيران، ستشعل منطقة الشرق الأوسط كلها، ولن تكون بأي حال نزهة أو سهلة، ولا يمكن حتى مقارنتها بحرب احتلال العراق.
الولايات المتحدة تمتلك من عناصر القوة الكبرى الكثير وبما لا تجاريها ربما قوة اخرى على الأرض اليوم، لكن إيران تمتلك أيضا عناصر واسعة من القوة والأوراق الاستراتيجية التي تجعلها قادرة، بعمقها البشري والجغرافي وامتداد نفوذها وحضورها الى عديد ساحات رئيسية بالاقليم، على استيعاب أي عدوان أميركي، سواء كان حربا شاملة كبرى أو حربا محدودة، والرد استراتيجيا باستهداف المصالح الأميركية وإسرائيل وأمن الخليج العربي باستقراره ونفطه وممراته البحرية، وبما يجعل كلفة الحرب على الولايات المتحدة والعالم كبيرة وخطيرة.
ما جرى في قضية التعرض بالتخريب لسفن عربية ودولية بالخليج العربي واستهداف مواقع اقتصادية استراتيجية في السعودية من قبل الحوثيين وبث رسائل إيرانية اخرى حول نفوذها وأوراقها بالعراق وسورية واليمن ولبنان، وحتى في قطاع غزة، كلها رسائل واستعراض لعناصر قوتها التي لا يمكن للعالم أن يتجاهلها أو لا يأخذها بالحسبان وهو يراقب الهيجان الأميركي والإسرائيلي واندفاعهما لإشعال الشرق الأوسط.
من الظلم، بل من الغباء الشديد محاولة المقارنة بين العدوانين الأميركيان على العراق العام 1991 والعام 2003، وما تحقق من نتائج مباشرة لمصالح الولايات المتحدة وبين عدوان وحرب شبيهة على إيران اليوم، فإيران بقدراتها العسكرية والاقتصادية وعمقها البشري والجغرافي وامتلاكها عناصر قوة كبيرة في الساحات الحليفة لها، لا يمكن مقارنتها بالعراق العام 1991 الخارج حينها من حرب ضروس مع إيران والذي لم يكن يملك اي حليف وازن، ولا يمكن مقارنتها ايضا بالعراق العام 2003، الذي كان الحصار الخانق الطويل قد ضرب اساسات الدولة والمجتمع وجرده من معظم عناصر القوة على الصمود.
باعتقادي الشخصي استبعد أن تصل الحماقة والهيجان الأميركيان إلى مرحلة شن حرب شاملة أو محدودة ضد إيران، انطلاقا من حسابات العقل والمنطق، لكن مع ذلك فعلينا أن لا نستبعد الأسوأ، فالتاريخ، قديمه وحديثه، علمنا أن حروبا وكوارث قاسية، كانت حسابات العقل والمنطق تدفع بتجنبها، لكن غرور وجنون وعقد وحسابات بعض السياسيين والقادة، كما هو حال ترامب اليوم، دفعت لوقوعها واغراق شعوبهم وشعوب العالم بالمآسي والدماء.