تجويد العملية الحزبية.. تحديات تتطلب حلولاً مبتكرة
الراي - راشد الرواشدة -
لا شك أن تجويد العملية الحزبية لا يعتمد فقط على التشريعات الناظمة، بل يتطلب تغييرًا في الثقافة السياسية والممارسات الحزبية، بحيث تصبح الأحزاب قادرة على تمثيل المواطنين بفعالية والمساهمة في تطوير الحياة الديمقراطية.
وتشهد العملية الحزبية في المملكة تطورات كبيرة في السنوات الأخيرة، خاصة مع التعديلات التشريعية التي تهدف إلى تعزيز المشاركة الحزبية في الحياة السياسية. وقد ظهر ذلك في الانتخابات النيابية الماضية، التي أفرزت وصولًا تاريخيًا للأحزاب تحت قبة البرلمان. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تتطلب حلولًا مبتكرة لضمان بيئة حزبية أكثر نضجًا وتأثيرًا في صناعة القرار.
تحديات تواجه الأحزاب
فيما يخص التحديات التي تواجه الأحزاب السياسية، تتمثل في عدة أمور وجوانب:
أولًا: ضعف الثقافة الحزبية، حيث ما زال هناك تردد مجتمعي تجاه الانخراط في الأحزاب.
ثانيًا: التمويل والاستقلال المالي، حيث تعاني معظم الأحزاب من ضعف الموارد المالية، ما يؤثر على قدرتها على تنفيذ برامجها واستقطاب الكفاءات المختصة في عدة قضايا وملفات.
ثالثًا: غياب البرامج الواضحة، إذ تفتقر بعض الأحزاب إلى برامج واقعية تُلبي احتياجات المواطن، مما يجعلها أقل جاذبية للناخبين.
رابعًا: ضعف التمثيل الشبابي والنسائي، ورغم وجود التشريعات الناظمة والداعمة، لا يزال إشراك الشباب والنساء في المواقع القيادية داخل الأحزاب دون المستوى المطلوب.
خامسًا وأخيرًا: التحديات القانونية والإجرائية، حيث يواجه بعض الأحزاب صعوبة في التكيف مع القوانين المستجدة التي تفرض معايير أكثر صرامة على تشكيل الأحزاب واستمراريتها.
تجويد العملية الحزبية
لتجويد العملية الحزبية، يتوجب إجراء عدة أمور وأخذها بعين الاعتبار، مثل: تعزيز الوعي الحزبي، تطوير البنية التنظيمية، دعم الشباب والمرأة، تطوير برامج واقعية، وتعزيز الشفافية والرقابة.
وفي هذا الصدد، قال الأستاذ في جامعة الحسين بن طلال، وعضو اللجنة الملكية للتحديث السياسي، الدكتور محمد الفرجات، في حديثه إلى «الرأي» حول تجويد العملية الحزبية في الأردن: «إن نجاح التحديث السياسي في الأردن مرهون بقدرة الأحزاب على تجاوز العقبات التي تواجهها بعد إعادة تشكيلها وفق الرؤية الملكية».
وأوضح الفرجات أن بعض الأحزاب تُعاني من عزوف واضح واستقالات وصراعات داخلية، ما أدى إلى غياب دورها السياسي والاقتصادي والتنموي والاجتماعي.
وأوجز الفرجات بأن هناك خطوات عملية من شأنها أن تدعم الأحزاب وإنعاش دورها وتعزز ثقة المواطن بها: «أولًا، يجب تفعيل العمل الحزبي الميداني والارتباط المباشر بقضايا المواطنين، بدلًا من الانحصار في الصراعات الداخلية. ثانيًا، لا بد من دعم الأحزاب ماليًا وإداريًا، مع وضع معايير واضحة لصرف التمويل الحكومي بحيث يكون مرتبطًا بالإنجازات الفعلية لا مجرد التشكيل الشكلي. ثالثًا، يتوجب تعديل بعض التشريعات لتوفير بيئة مشجعة تضمن استقلالية الأحزاب بعيدًا عن الضغوط والتدخلات. وأخيرًا، ينبغي أن تتبنى الدولة سياسات تُحفّز الش?اب والقطاعات الفاعلة على الانخراط في العمل الحزبي، بدلًا من بقائهم على الهامش. مع العلم أننا لم نلمس لهم دورًا في الانتخابات النيابية، ولا ما يشير إلى توجههم نحو الانتخابات البلدية أيضًا، كما لا نسمع ولا نرى دورًا حزبيًا فاعلًا لمن فاز منهم بالبرلمان».