الراي
قد يعتقد بعض من يقرأ هذا المقال انني متفائل أكثر من اللازم نظراً للظروف الصعبة التي يمر فيها الأردن ومعظم دول العالم جراء انتشار وتفشي فيروس كورونا وما ينجم عنه من إصابات زادت عن ربع مليون اصابة وأدت إلى مايزيد عن عشرة آلاف حالة وفاة في مختلف انحاء العالم منذ انتشار هذا الفيروس وحتى إعداد هذا المقال.
وأياً كان رأي القارئ فإنني أرى أنه يشاطرني الرأي من أن وباء الكورونا إن عاجلاً أم آجلاً سينتهي.. هكذا علمتنا تجارب التاريخ فالأمراض والكوارث بما فيها الزلازل والبراكين والحروب ستكون نهايتها حتمية.. وهكذا سيكون الكورونا قد يحتاج إلى أسابيع أو أشهر وربما سنوات وسيكون له نهاية حتمية... وسيكون له علاج... وسيكون له لقاح.. والمسألة مسألة وقت وهاهي دول العالم تتسابق في الحصول على شرف الوصول إلى علاج أو لقاح لهذا المرض وسيكون عام 2020 هو عام الكورونا وستذكره كتب التاريخ للأجيال القادمة.
السؤال المهم في هذه المرحلة ماذا بعد الكورونا.. هل سيتغيرالعالم بعد الكورونا...؟ قد يكون من المبكر طرح مثل هذا السؤال.. لكنه سيبقى سؤالا مطروحا لمن يكتب له الله البقاء بإذنه تعالى.. الجواب على هذا السؤال بكل تأكيد لا.. لن يكون العالم ما بعد الكورونا كما هو حالنا قبل ذلك في مختلف المجالات الاجتماعية والتعليمية والصحية والاقتصادية وحتى السياسية.
من الناحية الاجتماعية فإن كثيراً من العادات الاجتماعية ستلغى حسب اعتقادي كمناسبات الافراح ابتداء من الاحتفالات بأعياد الميلاد ومرورا بحفلات الخطوبة و الزواج وما يرافقها من جاهات وولائم وحفلات التخريج وانتهاء بمناسبات الأتراح وفتح بيوت العزاء، وستكون وسائل التواصل الاجتماعي هي الأساس في تبادل التهاني وتبادل عبارات العزاء، ومن الناحية الاقتصادية سنلاحظ انحسار التعامل بالعملات إلى درجة كبيرة وسيكون استخدام التطبيقات من خلال الهواتف الذكية هو العامل المشترك في التعامل مع البنوك والشركات وأسواق المال والتجار ومحال الصرافة والمصانع والمتاجر كما يتوقع أن تدار الكثير من المؤسسات الاقتصادية الكبرى من المنازل وستعقد الاجتماعات والمؤتمرات والندوات وورشات العمل على السكايب وسيترتب على ذلك زيادة حجم البطالة في كثير من الدول حتى المتقدمة منها كما سيكون هنالك دور لشركات النقل لتوريد البضائع والأدوية وغيرها للناس في منازلهم.
وفي مجال التعليم اعتقد أن نجاح التجارب الجارية على التعليم عن بعد حالياً ربما سيجعل عالم المستقبل يعتمد عليها في مختلف المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية وحتى الدراسات العليا من خلال برامج يعدها المختصون عبر الوسائل التكنولوجية الحديثة ولكم أن تتصوروا كم توفر عملية التعليم عن بعد من الناحية الاقتصادية.. إذ يمكن الاستغناء عن الكثير من الأبنية المدرسية ومستلزماتها وتخفيض أعداد المعلمين والمشرفين والفنيين والاستغناء عن الخروج من المنازل.. وتخفيض ما يترب جراء ذلك من أعباء على الاهل والدولة.
هي مجرد تكهنات قد أكون مخطئا وقد أكون مصيباً فيها لكن لنتفق جميعا على أن ما بعد الكورونا سيكون مختلفاً تماماً عما هو قبله ليس في المجالات التي ذكرتها فحسب وانما في مجالات عديدة أخرى يصعب حصرها في هذا المقال ولله في خلقه شؤون.