Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jul-2017

هجمات «داعش» الخارجية لا تزال خطرة - حسن أبو هنية
 
الراي - شكلت الهجمات الخارجية لعصابة داعش خلال السنوات الثلاث الأخيرة قلقا بالغا للمجتمع الدولي، ومنذ تشكيل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد الإرهاب في ايلول 2014 تركزت أهداف التحالف على حرمان العصابة من الملاذات الآمنة التي تعمل من خلالها على التخطيط والتدريب لشن هجماتها الخارجية وخصوصا في الدول الأوروبية وأميركا كأهداف مفضلة للعصابة، والحد من قدرتها على التجنيد واستقطاب المقاتلين الأجانب.
 
على الرغم من طرد العصابة من الموصل واستمرار الحملة على معقلها في الرقة تؤكد التقارير الاستخبارية والبحثية الأميركية والأوروبية على أن داعش سوف تستمر في شن هجماتها الخارجية بعد خسارة مدينة الرقة السورية التي طالما وصفت كمعقل رئيس للتخطيط لعملياتها داخل أوروبا نظرا لوجود جهاز العمليات الخارجية في المدينة السورية واحتوائها على معظم قادة المقاتلين الأجانب وأجهزة داعش الإعلامية والإيديولوجية.
 
في نهاية المطاف لن تتلقى داعش ضربة قاتلة في مدينة الرقةـ إذ تفيد التقارير الاستخبارية الموثوقة أن داعش قد نقل قبل بدء عملية تحرير الرقة معظم عناصر قيادته المهمة ووسائله الإعلامية وخلايا الهجوم الخارجية إلى جنوب المدينة حيث بلدة الميادين في محافظة دير الزور في شرق سوريا، ولا تستطيع كل من القوات المحلية والائتلاف الأميركي المناهض لداعش والائتلاف الروسي - الإيراني الوصول بسهولة إلى هذه التضاريس الصعبة الواقعة على عمق وادي نهر الفرات في ظل تموضع وقدرات هذه القوى، ومن المتوقع أن تحتفظ داعش بملاذات آمنة على المدى البعيد، حيث يأخذ سقوط مدينة الرقة عمليا بعدا رمزيا، لن يكون حاسما في القضاء عليها.
 
رغم تعرض داعش إلى ضغط دولي كبير وخسارة مناطق واسعة فقد تمكنت من توسيع نطاق هجماتها الخارجية، وبرهنت هجماتها الأخيرة على القدرة التشغيلية لجهازها الخارجي، فقد نفذت ثلاث هجمات ناجحة في ثلاث دول جديدة شملت بريطانيا، والفلبين، وإيران.
 
كشفت دراسة حديثة بعنوان «التطرف والهجمات الجهادية في الغرب» أعدها خبراء في جامعة جورج واشنطن الأميركية، ومعهد الدراسات السياسية الدولية الإيطالي، ومركز «اي سي سي تي» لمكافحة الإرهاب في لاهاي، أنه ومنذ إعلان «خلافة داعش» نُفذ في أوروبا وأميركا 51 اعتداء وشملت الهجمات 8 دول غربية ذهب ضحيتها 395 قتيلاً وأكثر من 1549 جريحاً، وأكدت الدراسة أن 18% من المهاجمين كانوا أجانب، وفي 8% فقط من الهجمات صدرت الأوامر مباشرة من «داعش».
 
وأفادت الدراسة عن الاعتداءات الارهابية في الغرب أن معظم المهاجمين وعددهم 65 مهاجماً الذين نفذوا لاعتداءات في أوروبا والولايات المتحدة هم في أواخر العشرينات، حيث بلغ متوسط أعمار المهاجمين 27 عاماً وثلاثة أشهر، وبلغ عمر أصغرهم 15 عاما وأكبرهم 52 عاماً، ومن بين المهاجمين امرأتان، وكان 73% من المهاجمين من حملة جنسيات البلدان التي ارتكبوا فيها اعتداءاتهم و14% منهم لديهم إقامة قانونية و5% منهم كانوا لاجئين أو طالبي لجوء، وكان 6% منهم يقيمون في البلدان التي نفذوا فيها الاعتداءات بشكل غير قانوني أو ينتظرون الترحيل، وأن 8% فقط من الهجمات صدرت بأوامر مباشرة من «داعش». كما أشارت إلى أنه في 66% من الحالات، كان للمهاجمين اتصالات مع داعش لكنهم تصرفوا بمفردهم، وأظهرت الدراسة أيضاً أن 17% من المهاجمين كانوا قد اعتنقوا الإسلام.
 
كانت فرنسا الأكثر عرضة للاعتداءات التي بلغ عددها 17 تليها الولايات المتحدة مع 16 هجوماً ثم ألمانيا التي طالتها 7 هجمات، وبلغت نسبة الذين كانوا معروفين لدى السلطات الأمنية قبل ارتكاب اعتداءاتهم 82% بينهم 57 % لديهم سجل جنائي سابق، و18% سبق وأن تعرضوا للسجن، وتم قتل 43 مهاجماً، واعتقل 21 فيما لا يزال شخص واحد هارباً.
 
حسب جنيفر كافاريلا، مخطط الاستخبارات الرائدة في معهد دراسة الحرب، وميليسا بافليك وهي محلل مكافحة الإرهاب في معهد دراسة الحرب، تشن عصابة داعش حملتها العالمية في أربع « حلقات « منفصلة منذ عام 2014، أولا، داعش تدافع وتحاول البقاء في سيطرتها الإقليمية وتوسيع نطاقها في «تضاريسها الأساسية» في سوريا والعراق، وثانيا، تسعى داعش إلى إضعاف مراكز السلطة في الشرق الأوسط في تركيا ومصر والمملكة العربية السعودية وإيران، وثالثا، تتوسع داعش في البلدان الأخرى ذات الأغلبية المسلمة من خلال شبكات الهجوم، والعمليات البرية، حيثما أمكن، ورابعا، تقوم بهجمات مذهلة في البلدان غير المسلمة، أو «الخارج في الخارج»، من أجل استقطاب تلك المجتمعات وتطرف سكانها المسلمين الأقلية.
 
هكذا فإن داعش تقوم بعولمة قدراتها الهجومية الخارجية من أجل تحمل أي خسارة كاملة لتضاريسها في العراق وسوريا، من خلال تعزيز الترابط بين فروعها المتفرقة وشبكاتها ومؤيديها، والسعي لبناء منظمة عالمية، وفقا لتقرير صدر عن التحالف المناهض لداعش في اذار 2017، زادت الولايات المتحدة وتيرة العمليات ضد ذوي القيمة العالية، ولكن ذلك لم يعطل خلية العمليات الخارجية، وقد تحولت داعش إلى تعبئة المقاتلين المحتملين بدلا من جلبهم إلى سوريا أو العراق أو ليبيا كمقاتلين أجانب، كما أن توسع داعش في مناطق نائية أخرى مثل أفغانستان وجنوب شرق آسيا ولد خيارات بديلة للقيادة والسيطرة على العناصر والقوات المقاتلة المحتملة.
 
يؤكد كل من كافاريلا وبافليك بأن «التسارع» الذي قام به الرئيس دونالد ترمب في وتيرة الحملة ضد داعش التي ورثها من سلفه أدت إلى زيادة سرعة المكاسب التكتيكية في الرقة والموصل، لكنه لم يفعل سوى القليل لضمان تحقيق الولايات المتحدة لأهدافها الاستراتيجية من تحرير الموصل والرقة وهزم العصابة، فذلك لم يعد كافيا، فقد أصبحت شبكة الهجمات العالمية التابعة لداعش أكثر قوة وتشتتا ومرونة من أي وقت مضى، وستبقى داعش مكرسة لأهدافها العالمية بعد سقوط الموصل والرقة وستستمر في شن حملة عالمية محسوبة، فنجاح داعش العالمي يولد زخما للارهاب الذي سيستمر حتى لو تمكنت الولايات المتحدة من هزيمة العصابة، كما أن القاعدة تنتظر تسلم راية الحرب العالمية ضد الغرب، فالتهديد الذي تواجهه الولايات المتحدة وأوروبا من الارهاب يزيد كثيرا عن حملتها التكتيكية الحالية في العراق وسوريا، وحسب كافاريلا وبافليك فإن الخطوة الأولى في إعادة الولايات المتحدة وحلفائها إلى طريق النصر هي الاعتراف بأن استراتيجية التكتيكات الحالية لن تكفي.