الغد-يديعوت أحرونوت
بقلم: ناحوم برنياع 26/11/2023
يجلس 13 من أبناء وبنات كيبوتس بيري، أمهات وأطفالهن في مكان ما في قطاع غزة، ينتظرون، مثلما في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، النجدة التي طال وقت وصولها؛ يجلس أبناء عائلاتهم في المستشفيات، وينتظرون على مدى ساعات البشرى؛ تقف عائلات المخطوفين المائتين الآخرين، تلك التي تترقب استقبال أقربائها لاحقا وتلك التي تعرف أن الطريق ما يزال طويلا، وتترنح بين الأمل واليأس والغضب. أول من أمس، كان يفترض أن يكون خليطا من الفرح والحزن: فرح بالقادمين، حزن على المتبقين في الخلف ولكن على أولئك الذين لن يعودوا أبدا. تلقينا تمزيق أعصاب طويلا، طويلا جدا، وبعده تنفس طويل، محرر للصعداء. لا يمكن أن نستبعد أبدا أن هكذا سيكون أيضا في الليالي المقبلة. في قائمة القادمين كان ستة أشعر نحوهم بقرب خاص. كم خيرا أنهم عائدون الى الديار، وهذا أكثر ما يمكن أن يكون من خير.
دراما أول من أمس أدت لثلاثة دروس أولية. الأول، حماس ما تزال قوية في المنطقة والسنوار يتحكم بها. الأحاديث عن انهيار حماس كانت سابقة لأوانها وعبرت عن أمنية أكثر مما عبرت عن رؤية واعية للواقع. قوتها تترجم الى قوة مساومة حيال الوسطاء وحيال إسرائيل، وإلى مطالب تشمل ليس فقط وسط القطاع وجنوبه بل والشمال أيضا، الذي يخضع في معظمه لسيطرة الجيش الإسرائيلي. في أيام وقف النار سيطرتها في الميدان تعززت فقط.
الثاني، الاتفاق ليس مغلقا حتى النهاية. في الأيام القريبة ستظهر المزيد من فجوات الفهم ومناورات الابتزاز، التي ستصبح حالات دراماتيكية ممزقة للأعصاب على ظهر المخطوفين. انعدام اليقين الأساس بين إسرائيل وحماس متوقع تماما. المشكلة هي أنه لا توجد هنا فئة وسيطة يكن لها الطرفان ثقة مطلقة أو يأتمران لإمرتها. هذه الرزمة يجب أن تغلف كل يوم من جديد.
الدرس الثالث: صعب جدا على حكومة إسرائيل أن توقف صفقة كهذه بعد أن تعهدت بها. من اللحظة التي تبدأ فيها الصفقة بالتحقق تسيطر قوة المشاعر على الخطاب الجماهيري. كل توقف يفسر كخيبة أمل، إحباط، فشل، كل الأوصاف التي تحذر الحكومات من الدخول اليها. لقد درج ارئيل شارون على أن يسمي هذه المرحلة "مسار الذبح": مسار واحد يؤدي بالأبقار الى مصيرها؛ لا يوجد مخرج آخر. التهديد الذي امتشق أول من أمس، في أنه إذا واصلت حماس تأخير عملية التحرير، فإن إسرائيل ستستأنف النار، كان متسرعا، عليلا، فارغا من المضمون. هناك حاجة لأكثر من هذا بكثير لأجل خرق خطوة على هذا القدر من الدراماتيكية، التعقيد والتعلق بحياة الكثيرين.
ليس لدى حماس مشكلة في أن تستخدم الابتزاز أو أن تطرح ادعاءات كاذبة. مع ذلك، كنت أقترح منذ بداية الحرب التعاطي بشك حتى مع الادعاءات التي تأتي على لسان "مصدر سياسي رفيع" أو "مصدر أمني رفيع" في إسرائيل. فمحافل في المحكومة تخوض صراع بقاء شخصي وسياسي في التوازي مع خوض الحرب. أطنان من الزبدة تطلى بها رؤوسهم. وهم يدورون الزوايا بموجب ذلك.
سآتي بمثال واحد، لم ينل اهتماما كافيا. في المؤتمر الصحفي الذي رافق الاتفاق على صفقة المخطوفين يوم الأربعاء الماضي، تطرق نتنياهو الى موضوع مهم جدا ومشحون جدا: زيارات الصليب الأحمر لدى المخطوفين. يوجد تعهد من حماس للسماح بالزيارات، قال. وكدليل على ذلك سحب من جيبه ورقة وقرأ منها بندا يتحدث بالضبط عن هذا: زيارات رجال الصليب الأحمر لدى المخطوفين.
فوجئت: زيارات الصليب الأحمر لدى المخطوفين كانت ستغير من الأساس الصورة كلها. كنا سنعرف وضعهم جميعهم، الظروف التي يحتجزون فيها ومكانهم. المخاوف حول حياة المخطوفين كانت ستهدأ دفعة واحدة: وحماس كانت ستفقد جزءا كبيرا من قوة المساومة لديها. لا توجد بشرى أفضل من هذا.
بعد الفحص تبين لي أنه يوجد بند، لكن لا يوجد أي تعهد بالتنفيذ. أكثر من هذا: طرفا المفاوضات افترضا في إطار العمل بأن هذه كلمات عديمة المعنى، ورقة طلبها الطرف الإسرائيلي كي يقنع سموتريتش وكتلته بالتصويت الى جانب الاتفاق أو لأجل إقناع عائلات المخطوفين بتخفيض النبرة. ماذا يشبه الأمر؟ التعهدات الائتلافية في الماضي للإجهاز على حماس. وعدوا، لكنهم لم يعدوا بالإيفاء.
عندما امتشق نتنياهو الورقة كان يعرف أنه ليس فيها شيء: فهو ليس غبيا. لشدة الأسف يعتقد أن ناخبيه أغبياء. عدت وشاهدت، أول من أمس، الشريط من المؤتمر الصحفي. عندما أخرج نتنياهو الورقة وجه غالنت وغانتس نظرهما إليه وكأنهما يريانه، نتنياهو، لأول مرة. لم يبدوا سعيدين.
بالوعود العابثة لا ينتصر الناس بالحروب.