Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Oct-2020

الملك يقولها صراحة : صحة وغذاء الشعوب بدلاً من التسلح

 الدستور-حمزة العكايلة 

 
أنفق العالم على التسلح سنة 2019 ما مجموعه ترليون و917 مليار دولار، وفق بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وهي أرقام صادمة شكلت الأعلى نمواً في سباق التسلح منذ انتهاء الحرب الباردة.
 
لنتخيل معنى ذلك، كيف ندق ناقوس الخطر، وكيف نقول للعالم كفى جنوناً وكفى سباقاً نحو الموت، من هذه الزاوية أفهم حديث الملك في اليوم الختامي لحوار «بورلوغ» الدولي لمناقشة آليات تطوير قطاع الزراعة والتصنيع الغذائي، حيث قالها صراحة بوجوب أولوية صحة الشعوب بدلاً من استثمار الكثير من الموارد في التسلح.
 
يتساءل الملك: في القرن الحادي والعشرين لماذا يعاني قرابة 690 مليون شخص من نقص الغذاء؟ لماذا يموت في وقتنا هذا حوالي 9 ملايين شخص من سوء التغذية كل عام؟.
 
إن هذا النداء وهذا الحديث يحمل رسالة واحدة وواضحة للعالم ومراكز التأثير والقرار فيه: علينا مواصلة بذل الجهود لمعالجة شح الغذاء، وهو حديث يأتي من فهم أردني عبر تجارب صعبة وقاسية مع العديد من موجات اللجوء، فنحن في الأردن تقاسمنا كل شيء مع الذين لجأوا لأرضنا من ويلات الحروب والدمار، وندرك معنى المآساة والأسى، وندرك أكثر أن واجبنا كان إنسانياً ولم نخذل كل من رأى في الأردن ملاذاً.
 
لقد ألقت أزمات اللجوء المتعاقبة بظلالها على الإمدادات الغذائية للاجئين والمجتمعات المستضيفة، وهو تحدٍ يعرفه الأردن جيدا كما قال الملك، ورغم التقصير الذي لمسناه في دعم الدول المستضيفة للاجئين، إلا أن الأردن لم يتوقف للحظة عن دوره الإنساني والأخلاقي، وهو ما يحتم على المجتمع الدولي الوفاء بالتزاماته تجاه الملايين من الأبرياء الذين أصبحوا مشردين في أصقاع الدنيا، حيث تركوا ديارهم وذكرياتهم وأرضهم وأحلامهم، بعد أن استهانت آلة الحرب والدمار بكل تلك الاعتبارات.
 
وفي جانب عملي من زاوية تقديم الحلول بعيداً عن خطابات الإنشاء، يستطيع الأردن تسهيل وتنسيق العمل الدولي لغايات إنشاء مركز إقليمي للغذاء، فنحن كما قالها الملك طالما وقفنا إلى جانب الشعوب في المنطقة وقدمنا الدعم لهم؛ إذ إن موقعنا الاستراتيجي، في نقطة تلاقي إفريقيا وآسيا وأوروبا، يمكننا من تسهيل وتنسيق العمل الدولي، بالإضافة إلى إمكانية عمله كمركز إقليمي للغذاء. وهذا من شأنه أن يسارع ويعزز الاستجابة العالمية للأزمات الغذائية والكوارث، كالانفجار المأساوي الذي وقع في بيروت في آب الماضي، والذي دمر صوامع الغذاء ومرافق المرفأ الحيوية.
 
إن البلدان النامية اليوم وبما تشهده أراضيها من حروب واقتتال، وتمويل للتسلح وانقسام، بحاجة إلى موقف إنساني ينقذ شعوبها من ويلات الحروب والدمار، حيث عانت وما زالت من تلك المآسي، وآن لشعوبها أن تنعم بالامن بأشكاله كافة، وعلى رأس ذلك الأمن الغذائي، إذ لم يعد مقبولاً أن تعاني العديد من دول العالم من سوء التغذية والفقر والحرمان، وهي تزخر بالموارد الطبيعية والبشرية، وتستغل أراضيها في النزاعات والصراعات بدلاً من إطلاق مسار التنمية فيها.
 
لقد آن الآوان بالفعل أن تكون الأولوية لجهة دعم الأفكار المتقدمة في المجالات التي تحقق الأمن الغذائي، وأن توجه الجهود نحو دعم المزارعين في البلدان النامية، ليتمكنوا من الحصول على التمويل والتدريب بشكل أفضل، ويخدموا مجتمعاتهم، وان تُسخر لهم الحلول التي توفرها التكنولوجيا الجديدة في مجال الزراعة لتنويع المحاصيل، وإنشاء شبكات أمن غذائي متينة.