Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Apr-2019

بانوراما المشهد العربي: انتفاضات عربية تردد صدى سابقاتها

 الغد-مجموعة من الخبراء – (معهد الشرق الأوسط) 15/4/2019

 
في هذه الإحاطة، يقدم خبراء معهد الشرق الأوسط، بول سالم، وجوناثان فاينر، وروبرت فورد، وميرييت مبروك، وتشارلز شيمتز، تحليلاً للأحداث الحالية والمقبلة في العالم العربي، بما في ذلك الانتفاضات الجارية في الجزائر والسودان، وجهود الجنرال حفتر للاستيلاء على طرابلس، واحتجاجات حركة “الحراك” في الجزائر، والشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، والصدوع في ائتلاف الرئيس هادي في اليمن.
* * *
انتفاضات عربية جديدة تردد صدى سابقاتها
*بول سالم: رئيس معهد الشرق الأوسط
تتقاسم الانتفاضات الحالية في الجزائر والسودان العديد من نقاط التشابه مع تلك التي حدثت في العام 2011: تركيز على القضايا الداخلية، وليس الخارجية؛ شعور بالإحباط العالي بسبب العجز الاجتماعي-الاقتصادي؛ والمطالبة -ليس فقط بإسقاط دكتاتور مستقر في السلطة منذ وقت طويل، وإنما بتغيير النظام السياسي في اتجاه حكومة منتخبة وخاضعة للمساءلة، وبسيادة حكم القانون والعدالة الاجتماعية.
كما أن الانتفاضات السابقة تتقاسم أيضاً طبيعة عفوية، يقودها الشباب والنساء والمجتمع المدني، وليس المعارضة السياسية؛ وافتقاراً إلى الوحدة أو الوضوح في تفاصيل النظام السياسي أو الاجتماعي-الاقتصادي -أو العملية الانتقالية- التي يريد المحتجون أن يروها تحدث.
الشيء الذي يختلف عن العام 2011 هو أن هذه الانتفاضات لم تكن جزءاً من موجة كبيرة باتساع المنطقة، موسومة بالتفاؤل الجامح والعدوى الثورية؛ ولا هي تجتذب القدر نفسه من الانتباه الدولي الذي اجتذبته أحداث العام 2011. كما أن المحتجين اليوم تعلموا بعض الدروس من الثورات السابقة: أصبحوا أكثر حذراً من الجيش ولا يغادرون الشوارع في أي وقت قريب؛ وهم يدركون مخاطر تحول الثورة إلى صراع، ولذلك يتمسكون بالحفاظ على الوحدة والاحتجاج السلمي.
لكن كل شيء ما يزال بعيداً عن اليقين إزاء المستقبل القريب في البلدين، وما يزال ذلك المستقبل إلى حد كبير بين أيدي جيشيهما ونخب النظام القديم. ويمكن أن تختار هذه النخب إحداث انتقال حقيقي، كما حدث في تونس، أو انتقالاً مؤقتاً وزائفاً، كما حدث في مصر. ولحسن الحظ، يبدو أن خيار المواجهة، كما حدث في ليبيا ومصر، قد تم تجنبه.
مع ذلك، ربما يكون الشيء الأهم، والأكثر إثارة لقلق أبطال الثورة المضادة التي حدثت بعد العام 2013، هو أن الناس، بملايينهم -حتى بعد التجارب السلبية في بعض البلدان العربية التي انتهت إلى حالة من الانهيار والحرب الأهلية، وبعد موجات القمع المتجددة في أخريات- لم يترددوا في النزول إلى الشوارع في تحدٍ لحكوماتهم عندما شعروا بضرورة القيام بذلك. وهكذا، كلا، لم تعد الجماهير العربية إلى الخضوع، وسوف يستمر التمكين الذي اكتسبته في تحدي الأنظمة الاستبدادية.
* * *
الدعم الخارجي للبديل في ليبيا
*جوناثان م. فاينر: باحث في معهد الشرق الأوسط
بعد فشل مناورة المشير خليفة حفتر الأولى للاستيلاء على طرابلس، أمضى الأيام الأخيرة وهو يقوم برحلات حج إلى مكة، ليلتقي بوزير الدفاع هناك، وإلى القاهرة حيث التقى بالرئيس عبد الفتاح السيسي. والآن، بينما عزز كل من جيش حفتر والمدافعين عن طرابلس قواتهم استعداداً لتجدد القتال، ينجم السؤال المهم حول ما إذا كانت القوى الخارجية سوف تدعم سراً جهود حفتر للاستيلاء على المدينة.
تمكن وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني الليبية، فتحي باشاغا، من جمع المجموعات العسكرية التي كانت منقسمة سابقاً من طرابلس ومصراتة والمدن الليبية الأخرى، والتي توحدت لمواجهة حفتر. ويعتقد قليلون فقط بأن فترة التوقف الحالي للقتال سوف تستمر، أو بأن حفتر وقواته سينسحبون ببساطة من المنطقة في غياب تكبد خسائر ثقيلة.
كان حفتر قد انخرط سابقاً في حصارات مطولة في بنغازي، والتي تطلب سقوطها في يد جيشه ثلاث سنوات؛ وكذلك في درنة، مع تلقي المساعدات المستمرة من الإمارات العربية المتحدة ومصر وفرنسا. وفي كلتا الحالتين، اعتمد حفتر في جزء كبير على القوة الجوية والاستخبارات التي حصل عليها من داعميه الخارجيين، وكذلك على الدعم المالي الذي بلغ نحو 10 مليارات دولار من الدنانير الليبية المزيفة التي طبعتها وأعطتها له روسيا. وفي الأثناء، لا تقاتل الميليشيات الطرابلسية المتباينة من أجل حياتها فقط، وإنما من أجل كسب عيشها من خلال الوصول المستمر إلى عوائد الدولة الليبية أيضاً، وهو حافز مهم إضافي لمقاومتها.
انضمت فرنسا والإمارات العربية المتحدة إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيطاليا في الدعوة إلى وقف لجهود حفتر للاستيلاء على طرابلس. ويصبح السؤال ما إذا كان هذان البلدان ومؤيدو حفتر الآخرون (مصر وروسيا والسعودية) سيظلون الآن خارج الصراع للسماح لليبيين بأن يقرروا مصيرهم الخاص، أم أنهم سيراهنون على مساعدة حفتر على الاستيلاء على البلد بالقوة. وفي الوقت الحالي، يترتب على الجهود من أجل التوصل إلى تسوية متفاوض عليها أن تنتظر نتائج المرحلة التالية من الحرب التي اختار حفتر أن يثيرها.
* * *
الجزائر في مأزق
*روبرت س. فورد: زميل رفيع في المعهد
الأزمة السياسية الجزائرية تتعمق. وقد أصر رئيس هيئة أركان الجيش، قايد صالح، يوم 10 نيسان (أبريل) على ضرورة أن تحترم حركة الاحتجاج في الشارع العملية الدستورية الجارية الآن تحت رعاية الحكومة المؤقتة. وتخطط الحكومة لإجراء انتخابات رئاسية في 4 تموز (يوليو). ولاحتواء حركة الاحتجاج، شرعت الحكومة أيضاً باتخاذ إجراءات صارمة. وسعت قوات الأمن إلى منع وصول المحتجين من خارج الجزائر العاصمة الذين يحاولون الانضمام إلى المسيرات الاحتجاجية الضخمة في المدينة يوم الجمعة، 12 نيسان (أبريل). واستخدمت قوات الأمن، لأول مرة، خراطيم الماء والغاز المسيل للدموع بشكل كثيف ضد المحتجين وسط العاصمة. وسيطرت أخبار اعتقال عشرات عدة من الناشطين والمضايقات التي تعرضت إليها أربع نساء احتجزتهن الشرطة على عناوين الإعلام الجزائري يوم 14 نيسان (أبريل). ويوم الاثنين، 15 نيسان (أبريل)، منعت الحكومة ناشطاً كبيراً لحقوق الإنسان من إلقاء كلمة كان مخططاً لها في جامعة قرب العاصمة الجزائرية.
لكن حركة الاحتجاج، التي تسمى “الحراك” لا ترتدع. وقد انضمت إلى تظاهرات الجمعة الضخمة في الجزائر العاصمة احتجاجات جماهيرية حاشدة في كل أنحاء الجزائر. هناك تظاهرات يقيمها الطلاب، والعاملون في القطاع العام (بمن فيهم بعض من العاملين في قطاع الطاقة)، ونقابيون آخرون كل يوم في أنحاء البلد. وحتى بينما تشرع الحكومة في اتخاذ إجراءات صارمة، فإن قوتها تبقى موضع شك. وقد طاردت الحشود الغاضبة في الأيام الأخيرة وزراء الحكومة المؤقتة خلال جولة من الزيارات العامة. وتعهد اتحاد للقضاة بأن لا يتولى الإشراف القانوني على انتخابات 4 تموز (يوليو)، وأعلنت البلديات في اثنتين من المحافظات أنها لن تجري الانتخابات على الإطلاق. وحثت منظمة المتقاعدين الوطنية، وهي أحد أعمدة دعم النظام في الماضي، حثت الحكومة على الاستجابة لمطلب “الحراك” بإجراء إصلاح حكومي واسع النطاق. وحتى الآن، ما تزال الحكومة والحراك في مأزق. وكان من المقرر أن يلقي الجنرال صالح خطاباً وطنياً آخر يوم 16 نيسان (أبريل)، وستكون احتجاجات الجمعة التالية مؤشراً على ما إذا كان الأزمة الجزائرية يمكن أن تظل سلمية في أغلبها.
* * *
مصر: تقييم لزيارة السيسي إلى واشنطن
*ميرييت ف. مبروك: مديرة برنامج مصر في المعهد.
الآن وقد انجلى الغبار بعد زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لواشنطن واجتماعه مع الرئيس دونالد ترامب، قد يكون من الممكن فحص أي أفكار يمكن استخلاصها.
كانت سلسلة من الأحداث تجري في مصر، والتي تتركز إلى حد كبير على التعديلات الدستورية المقبلة المثيرة للجدل. وإذا مرت هذه التعديلات -وثمة القليل من الأسباب للاعتقاد بأنها لن تفعل- فإن التعديلات ستجلب مجموعة من التغييرات، من بينها تقييد القضاء، وزيادة دور الجيش، وتمكين الرئيس الحالي من البقاء في المنصب لفترتين إضافيتين مدة كل منهما ست سنوات، والتي ستحمله كل الفترة إلى العام 2034. وقد دار الكثير من الحديث عن احتمال أن السيسي تواجد في واشنطن ليجتمع بترامب ويؤمن دعمه للتعديلات. لكن هذا التقدير غير مرجح إلى حد كبير. ففي حين أن مصر تُسند أهمية كبيرة إلى علاقاتها مع الولايات المتحدة، وترغب في كثير من الأحيان بمناقشة القضايا المشتركة والدولية، أو تلك التي لها تداعيات دولية، فإن ليس من عاداتها التحري عن التطورات الداخلية، بغض النظر عن مدى جدلية هذه التطورات.
ذكر البيان الرسمي للبيت الأبيض حول الزيارة “تعزيز العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر والبناء على التعاون الأميركي-المصري العسكري والاقتصادي وفي مجال مكافحة الإرهاب… والأولويات المشتركة في المنطقة، بما فيها تحسين التكامل الاقتصادي الإقليمي ومعالجة الأزمات الراهنة”. وفي حين أن للبيان نكهة عامة مميزة بشكل خاص، فإن هناك تطوران ملموسان حدثا حقاً.
كان التطور الأول هو انسحاب مصر من “التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط” (MESA)، وهو جهد تقوده الولايات المتحدة لتشكيل ما كان يشار إليه على أنه “ناتو عربي” –تحالف سياسي واقتصادي وأمني بين البحرين، ومصر، والأردن، والكويت، وعمان، والمملكة العربية السعودية، وقطر، والإمارات العربية المتحدة. وقد أبلغت مصر المشاركين الآخرين بذلك قبل اجتماع كان مقرراً في الرياض مباشرة قبل زيارة السيسي لواشنطن. ونقلت وكالة “رويترز” التي نشرت القصة، عن مصدر قوله أن مصر، من بين أمور أخرى، “شككت في جدية الاقتراح، بعد أن لم ترَ مخططاً بعد، و(كانت قلقة إزاء زيادة التوتر مع إيران)”. وتبدو الإدارة المصرية الحالية أكثر حذراً بشكل ملحوظ من الإدارات السابقة. ولعل أحد أوضح الأمثلة ذلك هو رفض مصر الحازم نشر أي قوات في الصراع اليمني، على الرغم من الجهود السعودية الجادة لإقناعها بذلك. وفي حين أن المشاركين الآخرين في “ميسا” ما يزالون منخرطين حالياً، فسوف يكون من الصعب على مثل هذا التحالف أن يحقق إمكانياته الكاملة من دون مصر، أكثر دول المنطقة سكاناً وصاحبة أكبر جيش دائم.
التطور الثاني: في الأسبوع الماضي، ذكر موقع ماكلاتشي أن إدارة ترامب طلبت من مصر الحصول على صفة مراقب في “منتدى شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز” المشكل حديثاً. وتضم المنظمة التي أسستها مصر كلاً من قبرص، ومصر، واليونان، وإسرائيل، وإيطاليا، والأردن وفلسطين، وكان من الواضح منذ بدايتها أنها قد تكون جذابة للدول الأوروبية التي تعتمد حالياً على روسيا في الحصول على الغاز. ومن الواضح أن اهتمام إدارة ترامب قد جاء الآن أيضاً.
* * *
اليمن: سيئون تكشف الصدوع في تحالف هادي
*تشارلز شميتز: باحث في المعهد
كان الهدف من عقد اجتماع لنصف البرلمان اليمني في سيئون تعزيز شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، لكنه كشف بدلاً من ذلك عن تصدعات واسعة في ائتلافه. وبعد أن أعلن قادة الحوثيين عن إقامة انتخابات لملء المقاعد الشاغرة في البرلمان في صنعاء، رد جانب هادي بسرعة بإعلان أن البرلمان سوف يجتمع في سيئون بحضرموت، بنصاب قانوني من 145 عوضاً من أصل 301 مقعداً. (جرى انتخاب البرلمان آخر مرة قبل 16 عاماً في 2003، وقد توفي الكثيرون من أعضائه منذ ذلك الحين). ويوجد النصف الثاني من البرلمان في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين، حيث دعا رئيس الوزراء الحوثي، عبد العزيز بن حبتور، المحافظ السابق لعدن، إلى إجراء انتخابات جديدة.
تخضع سيئون، الواقعة في داخل حضرموت الممزق، لسيطرة قوات يقودها علي محسن الأحمر وتدعمها السعودية. وهي واحدة من الأماكن القليلة التي تسيطر عليها قوات هادي في اليمن، وقد دخلت القوات السعودية المدينة لضمان عدم تدخل القوات التي تدعمها الإمارات على الساحل. وتوجد حكومة هادي رسمياً في عدن، العاصمة المؤقتة حيث يجب أن يجتمع البرلمان منطقياً. ومع ذلك، عارضت الإمارات وحلفاؤها في الجنوب اجتماع برلمان هادي لأنه يمثل القوات الشمالية المتحالفة مع حزب الإصلاح وعناصر من الحزب الحاكم السابق لعلي عبد الله صالح، المؤتمر الشعبي العام، المعادي للجنوب، وهو تحد للجنوبيين المتحالفين مع الإمارات التي تسيطر على الجنوب باستثناء سيئون.
كان الرئيس المنتخب حديثاً للبرلمان، سلطان البركاني، ورئيس الائتلاف السياسي المعلن، رشاد العليمي، من المخضرمين في نظام صالح القديم. وقد لاحظ الجنوبيون أنه في حين أن الجنوبيين كانوا قد أنقذوا هادي في العام 2015 وأن حكومته في ذلك الوقت كانت مليئة بهم، فإنه أصبح يعتمد الآن على الشماليين. وفي الواقع، تتكون القيادة البرلمانية في سيئون وحكومة هادي اليوم إلى حد كبير من نفس الناس الذين كانوا قد شنوا الحرب على الجنوب في العام 1994. وفي حين يسود الكثير من التذمر في الجنوب من السلوك الإماراتي، فإن برلمان هادي في سيئون لا يعرض سوى المزيد من المرارة والانقسام.
 
*نشر هذا الموضوع تحت عنوان: Briefing: New Arab uprisings echo earlier revolts