«حلّ الأحزاب».. إطار قانوني واضح... تعزيز للشفافية وصون للعمل السياسي
الرأي - راشد الرواشدة -
شهدت منصات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة نقاشًا واسعًا حول ملف حلّ الأحزاب السياسية في المملكة، إذ تداول البعض معلومات غير دقيقة توحي بأن حلّ الأحزاب يتم بقرارات مفاجئة أو بطريقة اعتباطية.
وتبنى هذه الطروحات، أحيانًا، على اجتهادات أو قراءات ناقصة للقانون، تتعارض مع ما نصّ عليه قانون الأحزاب السياسية لسنة 2022، الذي وضع إطارًا قانونيًا واضحًا ومحددًا يبيّن حصريًا الحالات التي يجوز فيها حل أي حزب، بما يحفظ مكانة الدستور ويصون العمل السياسي ويعزز الشفافية وسيادة القانون.
ويقدّم قانون الأحزاب السياسية لسنة 2022 إطارًا تنظيمياً دقيقًا يضبط آلية حل الأحزاب السياسية في الأردن، وبما يعزز منهجية العمل السياسي الملتزم بالقوانين، ويضمن التزام الأحزاب بأحكام الدستور والتشريعات الناظمة للحياة الحزبية.
ويحرص القانون على وضع إجراءات محكمة وصارمة تضمن الحفاظ على البيئة السياسية السليمة، مؤكدًا أن حل أي حزب لا يتم إلا عبر مسارات قانونية واضحة تكفل العدالة والشفافية ولا تترك المجال لأي إجراءات ارتجالية. وتوضح المادة (35/أ) أن حل الحزب لا يُسمح به إلا وفقًا لأحكام نظامه الأساسي أو بموجب قرار قضائي قطعي يصدر استنادًا لأحكام هذا القانون، وهو ما يعكس احترام المشرّع لاستقلالية الأحزاب من جهة، وللرقابة القضائية من جهة أخرى، بحيث لا يُصار إلى حل أي حزب إلا عند وجود مخالفة ظاهرة وصريحة تستوجب هذا الإجراء.
وتشير الفقرة (ب) من المادة (35) إلى أن محكمة البداية تختص بالنظر في دعوى حل الحزب التي يقيمها المجلس، وذلك في حالات محددة أبرزها المخالفات المرتبطة بالدستور أو بتمويل الأحزاب أو بعدم تصويب المخالفات القانونية.
وتشمل هذه الحالات مخالفة الحزب لأي من الفقرتين (2) و(3) من المادة (16) من الدستور، وثبوت ارتباطه تنظيميًا بجهة خارجية وفق دعوى جزائية، وقبوله تمويلاً من أي جهة أو شخص خلافًا لأحكام القانون، بالإضافة إلى مخالفته لأحكام القانون دون قيامه بتصويب المخالفة بموجب المادة (33). كما تتيح الفقرة (ج) من المادة ذاتها للمحكمة إصدار قرار مستعجل يقضي بإيقاف الحزب عن العمل خلال النظر في الدعوى، مع إلزامها بإصدار قرارها النهائي خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ قيد الدعوى لدى قلم المحكمة. وتنص المادة (36) على أن حل الحزب يتم بقرار من المحكمة في حال صدور قرار بالإدانة بارتكاب جرائم محددة تشمل التحريض على قيام مظاهرات ذات طابع مسلح، أو تشكيل تنظيمات أو مجموعات تهدف إلى تقويض نظام الحكم أو المساس بالدستور، أو المساهمة بشكل مباشر أو غير مباشر في دعم التنظيمات أو الجماعات التكفيرية أو الإرهابية أو الترويج لها، كما تنص المادة (37) على أن المجلس يملك صلاحية إنابة الوكيل العام لإدارة قضايا الدولة لتمثيله في الإجراءات القضائية المتعلقة بهذه القضايا. ويبرهن قانون الأحزاب السياسية لسنة 2022 على تطور في تنظيم الحياة الحزبية في الأردن، إذ يوازن بين ضمان حرية العمل السياسي وبين ضرورة الالتزام بالدستور والقوانين، مع تحديد دقيق للحالات التي تستوجب تدخل القضاء لحل أي حزب، بما يعزز ثقة المواطنين في العمل الحزبي. ويؤكد هذا الإطار القانوني أن أي إجراء يُتخذ بحق الأحزاب يتم وفق أسس قائمة على العدالة والشفافية وسيادة القانون، بعيدًا عن أي خطوات مفاجئة أو غير مدروسة.