الغد
معاريف
ميخائيل هراري
لقد تغيرت الساحة اللبنانية الى ان لم يعد ممكنا التعرف عليها منذ اتفاق وقف النار في 27 تشرين الثاني 2024. صحيح ان الهجمات الإسرائيلية تتواصل، ولكن صورة الوضع تشير الى ضعف دراماتيكي لحزب الله. رئيس الوزراء الجديد اتخذ قرارا بنزع سلاح المنظمة وهم يعملون بشكل اكثر إصرارا. الخطاب الجماهيري في لبنان يتضمن مواضيع لم يسبق ان سمعت من قبل، بالنسبة لحزب الله وبالنسبة للمفاوضات مع إسرائيل.
لكن مسيرة نزع سلاح حزب الله لم تصعد بعد الى المسار السريع، لاستياء إسرائيل وأساسا الولايات المتحدة. تقف إسرائيل الان امام معضلة: هل وكيف تبقي، بل وربما تصعد، الضغط السياسي والعسكري على حكومة لبنان كي تعمل بتصميم اكبر؟ هل ثمة في ذلك خطر (او فرصة) لتصعيد أوسع؟
في هذه الساعة يبدو ان في القدس وفي واشنطن قرروا تصعيد الضغط على بيروت. إسرائيل تشدد اعمالها وهي غير مستعدة لاتخاذ خطوات كفيلة بان تساعد الحكم اللبناني في التقدم. مثلا، انسحاب جزئي أو كامل من الاستحكامات الخمسة في جنوب لبنان. الولايات المتحدة تساند إسرائيل في ذلك. اقوال المبعوث الأميركي باراك لا تترك مجالا للشك: "ثمن الجمود يفوق الآن ثمن العمل (أي: نزع سلاح حزب الله). الشركاء الاقليميون مستعدون لمساعدة لبنان لكن بشرط أن يستعيد الجيش القانوني لنفسه وسائل القوة. اذا واصلت بيروت ذلك (أي: عدم الفعل)، فستعمل إسرائيل من طرف واحد وستكون لذلك تداعيات قاسية". من المتوقع لباراك ان يصل الى بيروت في الأيام القريبة القادمة وربما ينقل عصا القيادة الى السفير الأميركي الجديد.
امام إسرائيل توجد ثلاث إمكانيات. الأولى، الإبقاء على الوضع الراهن. استمرار الضغط العسكري – السياسي على حكومة لبنان، على أمل أن يفعل هو فعله دون الوصول الى تصعيد أوسع مما ينبغي. يوجد في ذلك منطق، لكن الساعة السياسية تدق، في بيروت (انتخابات للبرلمان ستكون في أيار)، وعلى ما يبدو في القدس أيضا. إمكانية ثانية، احتدام كبير وتوسيع القتال. حزب الله وايران ضعيفان اكثر من أي وقت مضى، ويمكن ان يكون التصعيد وحده سيحرك حكومة لبنان وحزب الله للتقدم في الاتجاه المرغوب فيه. من جهة أخرى ليس واضحا اذا كان ترامب سيؤيد ذلك، بعد "تحقيق السلام" في قطاع غزة، وليست واضحة التداعيات الإقليمية الواسعة. ما تزال على حالها مسألة اذا كان الامر سيخدم الحكم اللبناني ام سيؤدي الى اضعافه بل وانهياره. الامكانية الثالثة، خطوات سياسية لتشجيع الحكم اللبناني على التقدم، بتداخل مع استمرار الضغط العسكري. إسرائيل يمكنها أن تقبل التحدي الذي طرحه عليها الرئيس عون في شكل استعداد لاستئناف المفاوضات في مسائل الحدود. نجاح مثل هذه المفاوضات كفيل بان يخلق ضغطا فاعلا للتقدم في نزع سلاح حزب الله.
إسرائيل تميل لأن تعتمد حصريا تقريبا على قوتها العسكرية، لكن ينبغي الاعتراف بأن مسيرة نزع سلاح حزب الله معقدة ويجب أن تتضمن جوانب سياسية وتستغرق وقتا. الخطاب الجماهيري في لبنان تغير إيجابا. الى جانب المعارضة لمفاوضات سياسية مع إسرائيل تتكاثر الأصوات التي لا تخشى ذلك.