Saturday 17th of May 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-May-2025

برج ترامب

 الغد-معاريف

بقلم: آنا برسكي
 
 
 
صفقات سلاح خيالية بقيمة نحو 142 مليار دولار، طلب 30 طائرة بوينغ 737 أثناء زيارة دونالد ترامب كبادرة طيبة للضيف المحترم، طائرة رئاسية جديدة وحتى نمر عربي هدية على شرف الرئيس – هذه هي القائمة الجزئية للإنجازات، الاتفاقات والهدايا التي تمكن الرئيس الأميركي من الحصول عليها في اليوم الأول لزيارته السياسية في الشرق الأوسط. القائمة الرائعة بالتأكيد ستتسع في سياق الحدث. ترامب، فنان الصفقات الكبرى، وصل إلى الشرق الأوسط كي يجني المال ويترك الأثر. حتى الآن هو بالتأكيد ينجح في المهمتين. من ينظر إلى الجانب، مشاهد خارجي فقط، يتابع لكن لا يشارك – هو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
 
 
مشكوك في أن يكون نتنياهو متفاجئا من دور إسرائيل في هذه المسرحية اللامعة، مثلما فوجئ كثيرون هنا سلبا. بخلاف المتفاجئين، يعرف نتنياهو بأن ليست كل مصالح أميركا وإسرائيل متطابقة. لكنه لا يروي هذا للجمهور الغفير لأنه لماذا يحتاج إلى أن يمس بصورته كالساحر الذي لا ينهزم أمام الأميركيين. ولهذا، فإن هذه الصراحة تفجرت للكثيرين في وجوههم في الأيام الأخيرة.
الحقيقة تكون أحيانا مؤلمة. والحقيقة هي أن ترامب لم يهجرنا حقا لسبب بسيط هو أنه لم يتمسك بنا أبدا. فمع أو من دون نتنياهو، لترامب مشاعر أساسية لإسرائيل – وهذا لم يتغير. أما الموقف الشخصي من نتنياهو، فهذه قصة أخرى. هذا الموقف تغير مقارنة بولاية ترامب الأولى، وقد تغير سلبا. لكن النقطة الأهم في فهم الصورة الشاملة هي أن ترامب مخلص أساسا لنفسه ولأعماله التجارية وهذا بالضبط هو جوهر الرحلة إلى الخليج – أعمال تجارية. ترامب يؤمن إيمانا كاملا بأن ما هو خير لتجارته، خير لتجارة أميركا. هكذا ببساطة. هذه كل العقيدة بكاملها، على ساق واحدة.
نتنياهو يتكلم الإنجليزية الطليقة واللامعة، لكنه لا يتحدث مع ترامب بلغته، لغة التجارة. وعليه، هذا الأسبوع على الأقل رئيس وزراء إسرائيل غير ذي صلة لضيف الشرف لدى زعماء دولة الخليج. نتنياهو لا يمكنه أن ينافس زعماء السعودية، قطر او اتحاد الإمارات في حجوم الصفقات بقيمة مليارات الدولارات. إسرائيل ليست هناك ولا تبدأ بالاقتراب من المناطق ذات الصلة.
كما أن نتنياهو لا يساعد ترامب في مجال آخر، لا يرتبط بالمليارات، لا يساعده في التقدم إلى جائزة نوبل للسلام. صحيح أن السلام الدراماتيكي لم يبدأ هنا في زمن زيارة الرئيس الأميركي لكن ترامب لا يتوقف عندنا. ليس له ما يكسبه. لا توجد إيماءات طيبة مجانية، ونتنياهو غير مستعد إلى أن يعطيه مقابلا مساويا. لا يوجد شيء شخصي هنا بل تجارة صرفة فقط.
هذا لا يعني أن الرئيس الأميركي انقلب لدرجة أنه لا يلتقي مع رئيس وزراء إسرائيل، بل مستعد إلى أن يصالح شخصا آخر مثل الجولاني، زعيم سورية الجديد. أحمد الشرع يريد أن يعرض على ترامب قدرة وصول إلى حقول النفط والغاز في سورية وامتيازات لبناء برج ترامب في دمشق. لهذا السبب، فإن المقابل بالتأكيد سيأتي. ترامب سيلتقي الجولاني بل ورفع العقوبات عن سورية. ومثلما قال – فانه "يعطي فرصة" للشاب الفهيم.
دور نتنياهو بصفته مشاهدا لا يمكنه أن يتغير. إذا ما جاءت صفقة مخطوفين قوية بما يكفي للاقتراب من تحقيق السلام المنشود – فإننا سنرى ترامب ينثر الثناء للصديق بيبي. صفقة جزئية ستكون مهمة جدا لنا قبل كل شيء. إذ إن كل مخطوف يعود إلى الديار هو عالم بكامله. وما يزال، حسب "مقياس ترامب" لم يكن هذا حدث بحجم إنهاء القتل ووقف نار دائم بفضله يمكن لترامب أن يعرض نفسه كمن يحل السلام.
وعليه، في إسرائيل سيواصلون المتابعة عن كثب حقنة المليارات لدى الجيران والتركيز على التقديرات لسياق الطريق. في إطار العلاقات الأميركية مع دول الخليج، فإن المال ليس مالا فقط. هذا دوما أكثر بكثير من ذلك. الارتباط التجاري معناه أيضا ارتباط شخصي وارتباط سياسي. كيف بالضبط سيعبر هذا عن نفسه؟ سنرى قريبا.