Monday 8th of December 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Dec-2025

فلنرتبط بالواقع.. لا نصر مطلق

 الغد

 يديعوت أحرونوت
 
 
 ميخائيل ميلشتاين   7/12/2025
 
 
بخلاف المفهوم الذي ساد حتى قبل شهرين وبموجبه حماس ستبقي في أيديها دوما مخطوفين كـ "أوراق"، فإن المنظمة استكملت معظم التزاماتها للمرحلة الأولى من اتفاق إنهاء القتال وليست مطالبة الآن إلا بإعادة المخطوف المتوفى الأخير، ران غوئيلي.
 
 
 حماس، التي فاجأت مرة أخرى وجسدت بذلك انعدام الفهم الإسرائيلي المتواصل وغير المدروس بالنسبة للمنظمة، لم تعمل من ضغط أو يأس بل على الأرجح في أعقاب ضمانة تلقتها من واشنطن حول إنهاء الحرب تشجعها على السعي إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
إسرائيل توجد في شرك. من جهة حماس تعيد تثبيت مكانتها كصاحبة السيادة في القطاع، تعيد الحياة إلى مسارها في المنطقة (مؤخرا استؤنف فيها التعليم، بما في ذلك في الجامعة الإسلامية، أحد معاقل المنظمة في القطاع)، تعارض بثبات نزع سلاحها، وعمليا تجسد عدم تحقق الهدف الأعلى المتمثل بشطب المنظمة أو تحييدها المطلق من القدرات العسكرية.
 من الجهة الأخرى، إسرائيل لا يمكنها أن تعود إلى قتال قوي، وأساسا لأن ترامب – الذي هو حقا من يقرر ما يحصل في غزة – يتطلع لأن يعرض إنجازا استراتيجيا ولا يسمح بذلك، رغم خروقات حماس وبدلا من ذلك يطالب بالتقدم إلى المرحلة الثانية.
المرحلة الثانية كفيلة بأن تكون قريبة وستكشف فجوات مهمة بين ما تطالب وتخطط وتعد به الحكومة أن يتحقق في غزة وبين ما سيحصل بالفعل.أولا، معقول أن يتحقق منذ وقت قريب ضغط على إسرائيل للانسحاب من الخط الأصفر الذي عنونه كثيرون منذ الآن كـ "سور برلين الذي سيكون على مدى سنوات طويلة وسيفصل بين نوعين متضاربين من غزة".
 في هذه اللحظة المنطقتان خربتان: في واحدة يعيش معظم الغزيين تحت حكم حماس وفي الثانية آلاف قليلة من أعضاء الميليشيات التي تتعاون مع إسرائيل وتعيش تحت رعايتها، ومثلما جسدت تصفية ياسر أبو شباب الأسبوع الماضي بعيدة عن أن تشكل بديلا لحماس.
ثلاث عقبات تقف أمام المرحلة الثانية. الأولى والأصعب – مطلب نزع سلاح حماس. في ضوء الرفض المبدئي من جانب حماس للتخلي عن عنصر مركزي في هويتها، يعمل الوسطاء على حلول وسط في شكل استعداد للتخلي فقط عن "السلاح الهجومي" (بالأساس الصواريخ التي بقي قليل منها لدى المنظمة). تطلع عميق من جانب ترامب لحفظ الاتفاق من شأنه أن يجعله يعلن أن هذا حل وسط كافٍ من ناحيته، مثلما أعلن قبل نحو شهرين بأن جواب حماس على خطته المكونة من 20 نقطة يسمح بالتوقيع على اتفاق، رغم أن المنظمة لم تتعهد بكامل المطالب التي طرحتها الخطة وعلى رأسها نزع السلاح.
 العقبة الثانية هي نشر القوة متعددة الجنسيات في القطاع. تلوح في هذه اللحظة صعوبة في تحقيق الفكرة في ضوء استجابة ضئيلة من الأسرة الدولية لإرسال قوات حين تكون حماس تعارض المبادرة، ومعقول أن تعمل ضدها في الميدان.
هنا أيضا كفيل بأن ينشأ حل وسط يتبناه ترامب لتواجد قوات بحجم محدود وأساسا لأغراض الرقابة، يحتمل أن تنتشر بدلا من الجيش الإسرائيلي على طول الخط الأصفر.
 عقبة بسيطة نسبيا هي فكرة إقامة حكم بديل لحماس، الأمر الذي وافقت عليه المنظمة منذ بداية الحرب انطلاقا من الفهم بأن هذا سيكون بغطاء تجميلي من خلفه يمكنها أن تواصل حفظ قوتها في غزة، فيما يشبه حزب الله في لبنان.
 نتنياهو سيعارض الصلة بين الحكم الجديد والسلطة، لكن يبدو أن من ناحية ترامب، الذي بات يتحدث منذ الآن عن دولة فلسطينية، لا توجد هنا مشكلة مبدئية. السيناريوهات الموصوفة صادمة وعن حق لكل إسرائيلي اعتاد على أن يسمع بأن الحرب لن تنتهي إلا مع اختفاء حماس ويكتشف الآن بأن المنظمة تواصل الوجود بل وتشكل لاعبا سائدا في غزة، وأنه لا يوجد بديل في مكانها وبالتأكيد ليس جمع من الميليشيات التي ربتها إسرائيل. كما هو الحال دوما، يفضل قول الحقيقة على تنمية خيالات وإطلاق شعارات فارغة.
 في غزة على الأرجح سيتثبت في الزمن القريب القادم حكم رسمي يكون محدودا في قدرته فيما من خلف الكواليس ستوجد حماس كقوة خارج سلطوية لكن ذات نفوذ. في هذه اللحظة، قدرة إسرائيل على العودة إلى القتال القوي محدودة، وإذا ما منح ترامب ضوءا أخضر لذلك فمطلوب أن تُعرض على الشعب الحقيقة التي تقول إن ضربة عميقة لحماس تستوجب احتلالا لكل القطاع وبقاء غير محدود فيه وشرح الثمن الواجب، وعلى رأسه العناية بمليوني غزي مفعمين بالعداء.
بعد شهرين من انتهاء الحرب، واضح لمعظم الجمهور بأنه لا يوجد شيء يسمى نصرا مطلقا: لا في لبنان، حيث يتعزز احتمال التصعيد؛ ولا حيال إيران حيث تحتدم المعضلة حول الحاجة لجولة أخرى؛ ويتبين أنه لا في غزة أيضا، التي أشعلت الحرب وفيها مدى الضرر، ولكن أيضا التأثير على إسرائيل، عاليان جدا. على خلفية الدخول المتوقع إلى المرحلة الثانية، مطلوب من إسرائيل أن تركز على ثلاثة مصالح مركزية: حفظ القدرة على العمل ضد كل تهديد ينشأ في القطاع، كما يجري الأمر في لبنان؛ رقابة ناجعة ومصممة بقيادة أميركية على محور فيلادلفيا ومعبر رفح؛ وقدرة على استخدام الفيتو على تركيبة الحكم المستقبلي الذي سيقوم في القطاع، خاصة إذا تبين أنه يتضمن عناصر تتماثل مع حماس.
 كل هذا بالتوازي مع تخطيط معركة مستقبلية واسعة للقضاء على حماس تكون هذه المرة مُخططة، واعية وبمبادرة إسرائيلية.
هذا سيناريو جذري من ناحية الإسرائيليين وبالأساس بعيد عن الهدف الذي طُرح منذ بداية الحرب، وما يزال يجري الحديث عن أهون الشرور مقارنة بباقي البدائل القائمة، وعن سيناريو يتناسب وحاجة إسرائيل للتركيز في الوقت الحالي على ساحات أخرى وعلى رأسها لبنان وإيران.