Thursday 20th of November 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Nov-2025

إسرائيل مجرد مشاهد من المدرجات

 الغد

هآرتس
 
 تسفي برئيل   19/11/2025
 
العرض الشرفي الاستثنائي الذي قدمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمس، لم يشمل رقصة السيف، إلا أن ابن سلمان شاهد عرضًا رمزيًا لطائرات إف-35.
 
 
 هذه الطائرات، التي هاجمت قبل ستة أشهر فقط منشآت نووية في إيران، لا تمثل فقط قمة القدرة التكنولوجية الأمريكية، بل أصبحت أيضًا ركيزة أساسية في البنية السياسية الجديدة التي تسعى السعودية والولايات المتحدة إلى ترسيخها في الشرق الأوسط وخارجه.
 حتى الآن، ارتبطت صفقة الطائرات بشبكة معقدة من الشروط السياسية التي طُلبت من السعودية، من بينها تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، والانضمام إلى تحالف حصري مع الولايات المتحدة، وبالتالي تحييد نفوذ الصين وروسيا، ووضع المملكة كقاعدة صلبة أخرى في الجدار المناهض لإيران، والمساهمة بالاقتصاد في تنفيذ خطة ترامب في قطاع غزة.
 إن تصريح ترامب بأنه سيبيع طائرات إف-35 للسعودية دون ربطه ببقية الشروط، يشير إلى نيته تفكيك حزمة الشروط التقليدية إلى مكوناتها وإعادة بناء هيكل جديد. وفقًا لهذا الهيكل الجديد، ستكون كل صفقة وكل عملية سياسية أو اقتصادية مستقلة وغير مرتبطة بالضرورة بالسياق الإقليمي.
 على سبيل المثال، ستتمكن السعودية من شراء الطائرات والإعفاء من تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، ما لم تفِ بالشرط الأساسي الذي وضعته الرياض، وهو إقامة الدولة الفلسطينية. لقد أعلن ابن سلمان بالفعل استعداده للانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم، لكن قرار مجلس الأمن الصادر بالأمس ما يزال بعيدًا عن الاستجابة لهذا الشرط، ولا يبدو أن ترامب مستعد لاستخدام أداة الضغط هذه للتأثير على ولي العهد السعودي.
بموجب صلاحياته الرئاسية، سيتمكن ترامب من منح السعودية اتفاقية دفاعية كما فعل مع قطر، بغض النظر عن التطبيع أو مشاركتها في إعادة إعمار غزة، أو استعدادها لـ"تخفيف" علاقاتها مع الصين وروسيا، أو قطع علاقاتها مع إيران.
 فمن وجهة نظر السعودية، وكما أوضحت الولايات المتحدة، يفترض أن يكون هذا تحالفًا دفاعيًا ثنائيًا، وليس إقليميًا. يهدف هذا التحالف بشكل أساسي إلى حماية السعودية من إيران، التي ما تزال تعتبر، رغم علاقاتها الدبلوماسية معها، تهديدًا قد يتجسد في حال استئناف الحرب بينها وبين إسرائيل.
 لذلك، ستسعى السعودية – كما فعلت في صراعات سابقة بين إسرائيل وإيران، حيث طلبت من الولايات المتحدة كبح جماح إسرائيل والامتناع عن مهاجمة إيران بنفسها – للحصول على مظلة أميركية في حال تصرفت إسرائيل مجددًا بشكل مستقل.
 ولكن من المشكوك فيه ما إذا كان ترامب نفسه، الذي لا يتوقف عن تهديد إيران، يرغب في منح السعودية التزامًا واضحًا بمنع حرب قد تضع المملكة في خط النار، لأن هذا الالتزام يعادل تقديم ضمانة أمنية أميركية لإيران نفسها.
إن شبكة المصالح الأمنية للسعودية لا تقتصر فقط على إيران، بل تمتد أيضًا بين الرياض ودمشق وبيروت وغزة وبغداد؛ كما استأنف الحوثيون مؤخرًا تهديداتهم بمهاجمة السعودية. تمثل كل واحدة من هذه الجهات بؤرة لتهديد محتمل، عسكري أو سياسي، وفي جزء منها، يمكن أن تكون إسرائيل هي الفتيل الذي سيشعل سلسلة التفجيرات.
وفقًا لهذه الرؤية السعودية، يُعد التطبيع مع إسرائيل مطلبًا أساسيًا كجزء لا يتجزأ من حلف دفاعي، لأنه سيُلزم إسرائيل بالامتثال ليس فقط للإملاء الأميركي، بل أيضًا للمصلحة السعودية.
 ومع ذلك، كما أثبت سلوك الرياض خلال حرب غزة، يبدو أن مكانة السعودية كـ"قوة إقليمية عظمى" تتطلب ارتباطها بالوجدان العربي، الذي ما يزال يعد القضية الفلسطينية قضية عربية وإسلامية مشتركة.
 لا يمكن للسعودية أن تنفصل عن القضية الفلسطينية وتحافظ على مكانتها كدولة رائدة. يمكن التقدير أنه لو عرض ترامب على ابن سلمان حلف دفاع أو مشروعًا نوويًا مقابل التنازل عن شرط إقامة دولة فلسطينية، لكان رد ولي العهد الآن مختلفًا عما كان عليه قبل الحرب – إذ لم يطالب في حينه إلا بـ"تحسين ظروف حياة الفلسطينيين". على عكس بنية العلاقة التي تطورت بين ابن سلمان وترامب في ولايته الأولى، حيث تعامل الرئيس الأمريكي مع السعودية كدولة تابعة مستعدة للحماية مقابل مبلغ مناسب، فقد تعامل ترامب مع السعودية منذ بداية ولايته الثانية كشريك استراتيجي. بالإضافة إلى ذلك، عندما يقدم ابن سلمان وعدًا باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال ولاية ترامب كركيزة أساسية لعلاقتهما، فإنه يخلق توازنًا جديدًا من الترابط الأمريكي - السعودي، تتمتع فيه السعودية بثقل مشابه لثقل الولايات المتحدة.
 في هذا الإطار، تتضاءل مكانة إسرائيل من حليف استراتيجي إلى "عنصر تكتيكي" يخضع كليًا لإملاءات الإدارة الأميركية. وتشهد سلسلة القرارات وإلغاء القرارات، التي اتخذها ترامب بتأثير من ابن سلمان، على هذا التبادل في الأدوار.
 وكان تبني الرئيس السوري أحمد الشرع واحتضانه من قبل الرئيس الأميركي بمثابة "هدية شخصية" قدمها لابن سلمان رغم معارضة إسرائيل الصاخبة.