الغد
يديعوت أحرونوت
ميخائيل ميلشتاين 16/6/2025
بعد أكثر من 20 شهرا على 7 أكتوبر، يبدو أن هذه ليست معركة 7 ساحات، بل جملة حروب تختلف شدتها ويوجد بينها ارتباط. الناجحة بينها حتى الآن، كانت ضد حزب الله، وقد غيرت دراماتيكيا الوضع الاستراتيجي لإسرائيل في ظل إزالة تهديد جسيم وقديم. الأكثر مرارة بينها – التي تبرز فيها فجوة بين الأهداف والواقع – هي في غزة، الساحة التي بدأ كل شيء منها. في الوسط توجد حروب بقوى متدنية نسبيا أو بصعوبة في تعريف العدو والأهداف، وعلى رأسها اليمن، الضفة وسورية.
لقد بدأت إسرائيل المعركة ضد إيران بمفاجأة استراتيجية وإنجازات دراماتيكية، لكن المطلوب الآن هو الفحص لكيفية تحقيق النجاح في لبنان والامتناع عن تكرار أخطاء المعركة في غزة. أولا، يجب الحفاظ على الوضوح بالنسبة للأهداف الاستراتيجية والاستخدام الزائد للشعارات الساحرة، مثل "تقويض حماس" – التي عمليا صعب تحقيقها.
في السياق الإيراني، من المهم فحص شعار "تدمير البرنامج النووي"، الذي أوضح رئيس هيئة الأمن القومي تساحي هنغبي وخبراء كثيرون في الأيام الأخيرة أنه غير قابل للتحقق بمعركة عسكرية فقط، وسيستوجب اتفاقا سياسيا أيضا. أما التمسك الأعمى بالهدف، فمن شأنه أن يدفع نحو حرب استنزاف بلا إطار زمني واضح، حيال قوة عظمى إقليمية خطيرة.
درس يكثر طرحه في الخطاب الإسرائيلي، لكنه يبدو أنه لا يطبق بكامله، هو الحاجة للحذر من النشوة. فقد بدأت المعركة الحالية بأداء مبهر على مستوى تاريخي وعلى رأسها "قطع رأس" قمة المنظومة الأمنية في طهران. لكن هنا، الطريق من شأنه أن يكون قصيرا إلى التباهي الذاتي.
في هذا السياق، من المهم أن نفهم عميقا طبيعة العدو. عداء مرير تجاه التعالي، الإهانة والتهديدات الوجودية من جانب جهات خارجية مغروس عميقا في الوعي الجماعي الإيراني، سواء في أوساط أناس النظام أم في أوساط المعارضين له. إلى جانب الصبر والقدرة على إدارة معركة طويلة (كما ثبت في الحرب ضد العراق في الفترة 1980 – 1988)، فإن إيران بخلاف حزب الله وحماس، لا تتطلع فقط إلى أن تثبت "صمودا" في ظل امتصاص ضربات بلا نهاية، بل أن تطرح تماثلا في ضوء الضربات التي تمتصها، وبالتالي معقول أن توجه جهودها للبنى التحتية القومية، للمنظومات الأمنية الاستراتيجية ولكبار مسؤولي الحكم.
درس آخر، هو الحاجة للامتناع عن الأخيلة بشأن هندسة واقع ووعي العدو. في غزة يجد الأمر تعبيره في آلية المساعدات الجديدة التي أقيمت (وفي ظل الحرب ضد إيران، يبدو أنه بدأ "يتراجع")، تسليح العصابات، أو الدفع قدما بمشاريع نزع الراديكالية عن الفلسطينيين. في الحالة الإيرانية نوصي بالتركيز على الغاية الأساس – البرنامج النووي – وعدم تبذير الطاقة والانتباه إلى أمنيات وآمال لم تتحقق حتى اليوم، وإثارة الشعب الإيراني ضد النظام الإسلامي.
في المرحلة الحالية، إسرائيل ملزمة بأن تمتنع عن التشتت أو الانجرار إلى تصعيد غير مخطط له ولحرب استنزاف، والتركيز على أهداف عدة، بداية، فهم عمق الضربة التي ألحقت بالبرنامج النووي، سبب الأسباب للمعركة وبالطبع تعميق الضربة له، ثانيا – تجنيد ناجع وذكي لواشنطن لغرض استكمال المهمة، سواء من خلال خطوات عسكرية أم من خلال دفع إيران إلى اتفاق في الموضوع النووي، وثالثا – تثبيت فهم أو حتى دعم إقليمي ودولي في المعركة (حتى وإن كان صمتا)، الأمر الذي لن يكون ممكنا تحقيقه، إذا ما تصاعدت المواجهة، من خلال هز سوق النفط مثلا. الأمر يستوجب ليس فقط تعلم الدروس من الحرب في غزة، بل يحتمل أن يكون إنهاء سريعا لها لا يسمح باستنفاد أقصى للإنجازات حيال إيران.
وكلمة ختامية عن الخطاب الإسرائيلي، ذاك الذي يجسد كل الوقت ما هي نتيجة عدم التحقيق المعمق لقصورات 7 أكتوبر والمفهوم الذي على أساسه نشأت. فضلا عن الاستهزاء القديم بكل من يطرح مطلب طرح استراتيجية مرتبة – الذي يظهر في الغالب من جانب من انهاروا في 7 أكتوبر، وواصلوا الخطأ أثناء الحرب – تتضح محاولة لصد طرح تساؤلات صحية وشرعية لا تتناقض والتأييد لمجرد المعركة، فما بالك إن كانت تستدعي الوهن. العكس هو الصحيح. الأمر كفيل بأن يحسن المعركة. الجمهور الذي امتنع عن الأسئلة عشية 7 أكتوبر ملزم بأن يبدي الرأي، والقيادة ملزمة بأن تبدي الإنصات. "شعب كاللبؤة" يستحق أجوبة وإثباتات على أن مواضع الخلل في الماضي تعلمتها وأصلحتها القيادة، التي لم تتغير منذ 7 أكتوبر.