Sunday 13th of July 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Jul-2025

يصنعون صحراء ويسمون ذلك سلاما

 الغد

 ترجمة: علاء الدين أبو زينة
افتتاحية - (الغارديان ) 8/7/2025
 
ربما تتوصل المحادثات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل إلى اتفاق مؤقت مرة أخرى، مع السماح بدخول المزيد من المساعدات. ولكن، لا أحد يتوقع أحد أن ينتج عنه سلام دائم.‏‏
 
 
أثناء زيارته لواشنطن، عبّر بنيامين نتنياهو عن سعادته بإبلاغ دونالد ترامب أنه رشّحه لجائزة نوبل للسلام. واستشهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بالجهود التي يبذلها ترامب لإنهاء النزاعات في الشرق الأوسط. لكن الحقيقة أن نتنياهو ممتن للرئيس الأميركي لانضمامه إلى حربه ضد إيران الشهر الماضي، ولسماحه باستمرار المذبحة في غزة بعد توقف قصير. كما أنه حريص على أن لا يُجبره الرئيس الأميركي على قبول وقف إطلاق نار جديد. وربما تُفضي المحادثات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل في قطر إلى اتفاق مؤقت مرة أخرى، يتم بموجبه إطلاق سراح رهائن، وربما السماح بدخول المزيد من المساعدات. ومع ذلك، لا يتوقع كثيرون أن يتمخض عن ذلك سلام دائم.
الكلمات تهمّ. وقد أصبحت منفصلة تمامًا عن الواقع عندما يتعلق الأمر بحرب إسرائيل في غزة، إلى حد لا يجعل الموقف عبثيًا أو بغيضًا فحسب، بل فاحشا.
عرض وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، خطة لـ"مدينة إنسانية". وما يعنيه هذا هو إجبار جميع الفلسطينيين في غزة على الانتقال إلى معسكر لا يُسمح لهم بمغادرته، ويخضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية. وقد استخدم البروفيسور عاموس غولدبرغ، المؤرخ المختص بالهولوكوست، الكلمات الدقيقة لوصف فكرة المدينة: ستكون "معسكر اعتقال أو معسكر عبور للفلسطينيين قبل طردهم". أما "خطة الهجرة" التي يقول كاتس إنها "ستحدث"، وفقًا لصحيفة "هآرتس"، فهي في الواقع خطة تطهير عرقي. لا يمكن وصف أي مغادرة بأنها طوعية إذا كان البديل هو الجوع أو السجن في معسكر اعتقال إلى أجل غير مسمّى في ظروف غير إنسانية.
ثمة البعض الذين يرون أن هذا الاقتراح مجرد مناورة سياسية. ربما يكون كذلك. في الحقيقة، لم تجد إسرائيل بعدُ دولًا مستعدة لاستقبال الفلسطينيين. ومع ذلك، فإن هذه الخطة لا يطرحها الشركاء متطرفون في الائتلاف الحكومي يسعى نتنياهو إلى إرضائهم. إنها تصدر عن مسؤول يمتلك الصلاحية لتنفيذها -حتى وإن كانت المؤسسة العسكرية مترددة في الموافقة عليها.
على أرض الواقع، تحققت بالفعل أفكار كانت تعد سابقًا غير أخلاقية ولا قابلة للتطبيق. ثمة "نظام التوزيع الإنساني" الذي تديره "مؤسسة غزة الإنسانية الخاصة"، الذي يستدرج الفلسطينيين الجوعى إلى مصيدة موت؛ حيث تم قتل المئات من الفلسطينيين. وكما قال جنود متمركزون قرب تلك النقاط للصحفيين، فإنهم تلقوا أوامر بإطلاق النار على فلسطينيين عُزّل لا يشكلون أي تهديد -وهو ما يشكل جريمة حرب. (وصفت الحكومة الإسرائيلية هذه الاتهامات بأنها "افتراءات دموية"). وتقول قوات الاحتلال أنها تحاول تقليل عدد الضحايا المدنيين، لكن الغالبية العظمى من عشرات الآلاف الذين قُتلوا في غزة هم من النساء والأطفال. كما قتلت إسرائيل مئات العاملين في المجال الطبي؛ وهي جريمة حرب أخرى.
الكلمات تَهُم. حين رفعت جنوب إفريقيا قضيتها ضد إسرائيل إلى "محكمة العدل الدولية" بتهمة الإبادة الجماعية، رفض كثيرون هذا الوصف. لكن عدد الرافضين له أصبح اليوم أقل بكثير. وعلى الرغم من أن العتبة القانونية مرتفعة جدًا، فإن الموقعين على اتفاقية الإبادة الجماعية مُلزَمون بمنع حدوثها، وقد أعلنت الولايات المتحدة عن أربع حالات إبادة جماعية خلال العقد الماضي. ولا شك في أن تدمير وسائل بقاء الفلسطينيين، والتخطيط لطرد سكان غزة، والتصور المعلن لتدميرها الكامل، ليست أفعالًا وحشية فحسب، بل تنطوي على "نية التدمير، كليًا أو جزئيًا، لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية"، وهو ما يتطابق مع التعريف القانوني للإبادة الجماعية كما ورد في اتفاقية الأمم المتحدة.
يهدف الخطاب الإسرائيلي إلى تمويه الرعب، وتمكين المتواطئين -ومن بينهم بريطانيا- من التهرب من مسؤولياتهم. على القادة أن يواجهوا الحقائق. سوف يفكر وزراء الاتحاد الأوروبي في إجراء مراجعة الداخلية لاتفاقية التجارة المشتركة مع إسرائيل. وعليهم أن يقرنوا ذلك بالأفعال. وإذا كان دونالد ترامب يريد جائزة نوبل حقًا، فعليه أن يُصر على تحقيق سلام يعني السلام، لا أن يُبهره سراب "ريفيرا" مشيدة على أنقاض غزة.
 
*نشر هذا المقال الافتتاحي تحت عنوان: The Guardian view on Israel and Gaza: they make a desert and call it peace