الغد
هآرتس
سامي بيرتس
في أرجاء الشبكة يتجول الكثير من البيانات عن تكلفة محاكمة نتنياهو، بعضها يأتي من محيطه المقرب من أجل غرس في الجمهور الشعور بأن أموالا كثيرة يتم صرفها على هذه المحاكمة، والذي لا يبرر هذه التكلفة الباهظة. الأموال تتراوح بين عشرات ومئات ملايين الشواقل، ولكن هذا تقدير ناقص. محاكمة نتنياهو كلفت الجمهور أكثر بكثير. الثمن الأكثر معقولية هو على الأقل 250 مليار شيكل، تكلفة الحرب التي اندلعت بعد الفشل الفظيع في 7 أكتوبر.
قرار تقديم بنيامين نتنياهو للمحاكمة وضع إسرائيل في واقع غير محتمل. رئيس حكومة يخصص جزءا كبيرا من وقته للتحقيقات والتشاور مع المحامين واعداد للشهادة ولجان تأخذ منه الوقت والطاقة – الأمر الذي يجر عددا غير قليل من الأخطاء والقرارات السيئة التي نتجت عن غريزة البقاء السياسي له في هذه الظروف المعقدة.
لقد كانت هناك ثلاثة احتمالات للدولة في مواجهة هذا الوضع. منع بوسائل قانونية أو بالقانون استمرار ولاية نتنياهو طالما أنه متهم بمخالفات جنائية. تأسيس معيار تطوعي بحيث يقوم المتهم نفسه بتقديم استقالته كي يدير محاكمته ويعود إذا تمت تبرئته، أو قبول حقيقة أنه يوجد لدينا رئيس حكومة متهم بمخالفات جنائية وليكن ما يكون. منظومة القضاء لم تجد أي طريقة لمنعه من أن يكون رئيس حكومة. وهو نفسه لم يفكر في التنحي من أجل إدارة محاكمته. لذلك، تم اختيار الاحتمال الثالث، الاسوأ من بينها.
لقد أدى ذلك إلى ازمة سياسية طويلة،: خمس جولات انتخابية في غضون ثلاث سنوات ونصف، جلب علينا ائتلاف الهراء الحالي المسؤول عن أكبر كارثة في تاريخ الدولة، ركز انتباه الحكومة منذ تشكيلها على الدفع قدما بالانقلاب النظامي ووضعته على رأس سلم الأولويات قبل أمن الدولة، جعل نتنياهو يستخف بتقديرات الاستخبارات والتحذيرات من قبل جهات كثيرة من المس بالردع ومعه الارتفاع في المخاطرة بحدوث حرب، وأوصل الاستقطاب الداخلي إلى أرقام قياسية جديدة؛ ويوجد له وزن غير صغير في الوضع الأمني الصعب منذ 7 أكتوبر. ليس من نافل القول التقدير بانه لو كانت توجد هنا حكومة تضع أمن إسرائيل أمام أي أمر آخر فإن احتمالية حدوث هنا فشل فظيع كهذا كانت ستكون قليلة.
في الخطوط الرئيسية للحكومة كتب بشكل صريح بأن الأمر الأساسي الذي يوجهها هو الإصلاح في منظومة القضاء، وانها ستحصل على "أولوية مطلقة وكاملة في كل الحالات والظروف، مقارنة مع أي تشريع آخر". هذا هو السبب في أن نتنياهو قال إن تحذيرات الاستخبارات العسكرية حول المس بالرد وارتفاع الخطر إلى حرب، هي "مبالغ فيها". هذا السبب في انه يحتفظ بائتلاف متطرف، يعمل ضد موقف غالبية الجمهور في قضايا مثل وضع تحرير المخطوفين كهدف أسمى، تجنيد الحريديين في الجيش وتشكيل لجنة تحقيق رسمية.
هذا أيضا هو السبب في أن حكومته تستمر في اتخاذ المزيد من المبادرات لإضعاف جهاز القضاء والدولة العميقة، "المهنيين"، ووسائل الإعلام ومؤسسات الدولة، بما في ذلك الشاباك والجيش. لذلك، فإن نتنياهو يعين في المناصب الرفيعة الذين يعتبرهم مخلصين له، حتى عندما يدور الحديث عن أشخاص ليست لديهم المؤهلات المطلوبة. بعد خمس سنوات على البدء في محاكمة نتنياهو، وبعد تسع سنوات على البدء في التحقيقات، جاءت أمس مرحلة التحقيقات المضادة. يوجد لنتنياهو مصلحة في تزوير هذه المحاكمة (أيضا القضاة الذين لا يبدو انهم متحمسون لانهاء المحاكمة). من هنا تأتي معاناة المجتمع الإسرائيلي. فالأثمان تتراكم يوما تلو الآخر، المزيد من الاخفاقات، المزيد من الكوارث، والمزيد من اضعاف مؤسسات الدولة، المزيد من الاستقطاب والكراهية، المزيد من الفرص الضائعة. الديمقراطية والمجتمع الإسرائيلي يمران في اختبارات قاسية. من الواضح ان تجربة رئيس الوزراء المتهم بارتكاب جرائم قد فشلت.