Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Sep-2014

عاصفة في وجه السفيرة الأميركية*فهد الخيطان

الغد-عشرات المقالات، ومئات التعليقات على موقعي "فيسبوك" و"تويتر"؛ لا أبالغ، صب أصحابها جام غضبهم على السفيرة الأميركية في عمان أليس ويلز، على خلفية ما نُسب إليها من قول بأن نسبة الأردنيين لا تتعدى 27 في المائة من سكان المملكة.
مثقفون وكتاب من الطراز الأول وقعوا في الفخ، وانجرّوا للمشاركة في حملة شعواء ضد السفيرة شخصيا، وضد أميركا. وذهب بعضهم إلى تقليب صفحات التاريخ، وتذكير السفيرة بالجرائم التي ارتكبت بحق الهنود الحمر. وشحذ آخرون سيوفهم دفاعا عن الهوية الأردنية في وجه مؤامرة الوطن البديل التي تطل برأسها من هذا التصريح اللعين!
ثم، وبعد يومين فقط، يتبين أن من نقل الكلام المنسوب للسفيرة قلبه رأسا على عقب. كل ما في الأمر أن ويلز كانت تستفسر عن صحة ما يقال بأن نسبة 27 في المائة من سكان الأردن هم من اللاجئين، وليس كما ذُكر في بعض وسائل الإعلام.
من السهولة بمكان على متابع للشأن العام أن يدرك ببساطة أن ثمة خطأ ما في التصريح المنسوب للسفيرة؛ فالنسبة المذكورة وردت مرات عديدة في تصريحات لمسؤولين أردنيين من مختلف المستويات، يشيرون من خلالها إلى ما يعانيه الأردن من تبعات اللجوء السوري. أمس فقط، قال جلالة الملك في مقابلة صحفية مع محطة أميركية، إن نسبة اللاجئين السوريين إلى عدد السكان في الأردن تصل إلى 20 في المائة. وإذا ما أضفنا إلى هذا الرقم اللاجئين العراقيين والفلسطينيين من غير حملة الجواز الأردني، وفوقهم العمال المصريين، فإن نسبة غير الأردنيين تتجاوز الرقم الذي أوردته السفيرة.
ولم يدر في خلد من سارع إلى الهجوم على السفيرة سؤال نفسه: هل يعقل أن دبلوماسية بدأت للتو مهمتها في الأردن، تخرج للرأي العام بتصريح استفزازي وغير دقيق من الناحية الإحصائية؟!
الحقيقة أن أحدا من هؤلاء لم يفكر في مراجعة التصريح؛ فمادام الكلام منسوبا لسفيرة أميركا "العدوة" لقضايانا، فمن العار أن نتأخر أو نتقاعس في التصدي لها! وهذا ما كان من كتّاب ونواب وأحزاب، تفننوا في كيل الشتائم للسفيرة وبلدها.
لن نقف طويلا عند لغة الهجوم التي اتسمت بقدر من الانحطاط؛ فمثلها وأكثر يستخدم في نقاشاتنا الداخلية، وبحق بعضنا بعضا، فما بالك مع سفيرة أميركا؟ ما يثير الاهتمام حقا هو جهلنا في إدارة صراعنا وخلافنا مع الآخر أيا يكن.
سياسات أميركا في المنطقة كارثية، وجرّت الويلات لشعوبها؛ يكفي العراق مثالا. وأميركا منحازة بشكل سافر لإسرائيل على حساب قضية عادلة لشعب واقع تحت الاحتلال. وأميركا دولة تهتم بمصالحها، دونما اهتمام بمصالح غيرها. كل ذلك صحيح، لكن لستين عاما ونيف ونحن نسعى إلى تغيير هذه السياسات لتكون أكثرا توازنا وموضوعية. بيد أن أدواتنا بدائية ومتخلفة. نفس الخطاب التقليدي، ولم ننجح في حمل أميركا على مراجعة سياساتها.
هذا بحث يطول الحديث فيه، وليس مكانه هنا. هنا رغبنا فقط في التوقف عند مثال صغير يُظهر قدر ما وصلنا إليه من هوج وقلة دراية في مسائل تبدو من البديهيات في علم الإعلام والسياسة. باختصار، القصة ليست دفاعا عن سفيرة أميركا، بل احترام عقولنا قبل ذلك وبعده.