Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Jan-2018

أركان النهوض: «الإنسان» و«الأرض» و«الوقت» - د. فيصل غرايبة

 الراي - دعا المفكر الجزائري المعاصر مالك بن نبي الى النهوض بالواقع العربي بمختلف الأقطار العربية بالارتكاز على ثلاثة أركان،هي:»الانسان»و»الأرض»و»الوقت». فعلى الإنسان أن يتعرف على نفسه أولا، وعلى ظروف تمايزه عن غيره، وأن يعرف الآخر، من غير تعال عليه، ومن غير تجاهل له،أن يقدم نفسه بصورة جلية وفطنة يتقبلها الآخر، وينبه مالك بن نبي الى ضرورة العمل بالتراكم، والابتعاد عن الارتجال، فالحل ليس بالثورة التي تغير شكل المجتمع والسلطة، وإنما الحل في عملية مطردة تحمل آفاقا للنمو، ولذلك يدعو الى تبني القيم الإيجابية وتعزيزها مثل اعمال العقل بشكل صحيح والفهم المنطقي لمراحل التاريخ.

 
أما الأرض فليست الوطن بالمعنى المجرد، ولكنها موارده الاقتصادية وطبيعة العمران البشري على أرضه، وهو مقتنع بأن اشكالية التنمية والتصحر، مرتبطة أساسا بتقدير الإنسان العربي لنفسه، وشعوره بأن لديه القيمة التي تنعكس على الأرض، وتغذي تمسكه بها،وصيانته لها وتنميته لما بها وعليها من ثروات وطاقات، يجني ثمارها، ويوزع هذه الثمار بعدالة، أما الوقت فهو الإدارة والتنظيم وتوزيع الجهود نحو استغلال الموارد، وليس مجرد فسحة من الزمن يقضيها الإنسان، في حين يعاني الواقع العربي أصلا من اشكالية استثمار الموارد المادية المحددة، ناهيك عن اشكالية التعامل مع القضايا المجردة كالوقت والفكر ورسم الاتجاهات واتخاذ المواقف، وبذلك سعى ابن نبي إلى تجريد المسائل العامة الظاهرة، وهو في حالة بحث عن جذور المعضلات الوطنية. ان الجميل العقلاني في فكر مالك بن نبي، أخذه بآفاق الدين الروحانية البعيدة، التي تتجاوز خطوط الوعظ والإرشاد ولا تقف عند حدود تطبيق ضيق للشريعة، تلك التي لا تقف عندها مشكلات المسلمين والعرب ولا تلخص قضايا الوطن والأمة.
 
نفهم من مخاطبة ابن نبي للانسان–فردا ومجتمعا ووطنا – الذي يمتلك القيمة التي تنعكس على الأرض، وتغذي تمسكه بها، وصيانته لها وتنميته لثرواتها واستثماره لطاقاتها، يجني ثمارها، ويوزعها بعدالة، وفقا لإدارة وتنظيم وتوزيع للجهود باستغلال الموارد، وعدم اعتبارها فترة من الوقت يقضيها الإنسان،انما تحتاج الى مثابرة تدفع لديه القيمة التي تنعكس على الأرض، وتغذي تمسكه بها،وصيانته لها وتنميته لما بها وعليها من ثروات وطاقات، يجني ثمارها، ويوزع  هذه الثمار بعدالة، فان هذا الجهد مرغوب عند ذاك الانسان الطامح للإنتاج والساعي إلى الانجاز بالاعتماد على نفسه، ولا يقعد بانتظار أن تقدم إليه احتياجاته من قبل الآخرين،على طبق منذهب،جالسا على أريكة وارفة الظلال، فما من مغانم دون آلام، والألم  في حياة الإنسان المثابر قد يكون شيئا من التعب أو القلق أو الكد، ولنتمعن في قوله تعالى في كتابه العزيز:«لقد خلقنا الإنسان في كبد»، اذ أن المثابرة دليل الاستقلالية بالتفكير والحكم على الأمور واتخاذ الإجراء المناسب حيالها،أما حالة انتفاء المثابرة فهو مؤشر عجز أو يأس، عجز عن تحقيق تقدم ذاتي، وبالتالي عدم التقدم نحو تحقيق طموحات أو أهداف أو يأس يعبر عن الشعور بالفشل في تحقيق الأهداف، وبالتالي الانسحاب من الحياة المنتجة ذات الأفعال المفيدة لصاحبها والمحيطين به ولمجتمعه الذي ينتمي إليه.
 
إن المثابرة تجعل صاحبها متفائلا في الوصول إلى نتائج ايجابية لأفعاله،وبالمقابل فان الإنسان المتفائل لا يتوقف عن المثابرة لتحقيق فوائد من حركته ودأبه في الوصول إلى تلك النتائج الايجابية.وهي بذلك تبعد عن الإنسان الاتجاه نحو الموت البطيء، وتثبت أن النشاط يجدد الطاقة وأن الكسل يبددها.
dfaisal77@hotmail.com