الغد-هآرتس
ايتي روم
10/10/2024
قبيل إحياء 20 سنة على اغتيال إسحق رابين هاجم إسرائيل هرئيل (هآرتس 23/10/2015) الادعاء بأنه سبق الاغتيال تحريض من اليمين. فقد قضى بأن الحقيقة معاكسة: اليمين بالذات كان "المعسكر المدافع" و"الرجل المحرض" كان المغدور رابين. وكان كثيرون يشاركون في هذا الرأي، لكن في السنوات الأولى ما بعد الاغتيال شعروا بانعدام الراحة للتعبير عن ذلك علنا. وفقط بعد أن انطفأ الألم وخبت الذاكرة شعروا في اليمين بارتياح للتوقف عن الاعتذار، لإعادة كتابة التاريخ ولاتهام الضحية.
ليس بعد ذلك. اليوم كل شيء يحصل بسرعة أكبر، وهكذا أيضا فقدان الخجل. فقد تنكر بنيامين نتنياهو للمسؤولية عن المذبحة في غلاف غزة، ومنذ أكتوبر 2023 (في تغريدة شطبت، لكن خلفت أثرها)، أسقط كل الملف على جهاز الأمن. وفقط بعد أسبوعين من المذبحة كان تساءل وزير في حكومته: "أنا أسمع عبارة اعتذروا واطلبوا المغفرة، على ماذا؟" أما الآن فقد نقلت الرسالة خطوة إلى الأمام: ليس فقط لا ينبغي لنتنياهو ألا يعتذر، بل ينبغي أن يعتذروا له.
يبدو هذا كمسرحية هزلية، لكن د. غادي طؤوب كان جديا تماما حين قال هذا الأسبوع "إنه يوجد بضعة أشخاص ينبغي أن يعتذروا لنتنياهو، ويوم الغفران هي فرصة ممتازة". لأن "نتنياهو نجح في أن يستخدم الكارثة الرهيبة لـ7 أكتوبر كرافعة كي يحل المشكلة الإستراتيجية الأخطر لإسرائيل وذلك بأن يصد صعود إيران وأن يعيد لنا التفوق الإستراتيجي. المعسكر البيبي في حالة نشوى، ويسارع لأن يحتفل وكأن ايران قد صدت منذ الآن وأن حزب الله صفي وثبت بأن "النصر المطلق" ليس مجرد شعار على قبعة يانون مجيل بل خطة قابلة للتحقق.
يستحق نتنياهو كل الثناء على النجاحات التي لم نحلم بها حيال حزب الله (مثلما يستحق التنديد بالسياسة التي منحت حماس نجاحات لم نحلم بها). فلو كان يتمكن من انتشال إسرائيل من الوحل الذي أغرقها فيه لكان هذا إنجازا تاريخيا.
لكن يبدو أنه ينبغي لنا أن نذكر بأن هذا لم يحصل بعد. فالنظام الإيراني ما يزال على مسافة لمسة من القنبلة وحماس ما تزال تحتجز 101 مخطوف وحزب الله ما يزال يطلق النار على بلداتنا – حتى لو بات يعقوب بردوغو يبلغ في القناة 14 "صفينا الوكيل الأكثر أهمية ضد دولة إسرائيل".
بالتوازي مع الغرور المتعاظم يتواصل الجهد لتصنيف كل من لا يتحمس بما يكفي للنجاحات الأخيرة، ويواصل الآنشغال بالمذبحة، باللجوء المتواصل لسكان الشمال وبمصير المخطوفين كلجوج يمس بالمعنويات الوطنية. فبعد تصفية حسن نصرالله كتب مستشار نتنياهو، توباز لوك، إن من انتقد إهمال الشمال على مدى نحو سنة "بدا كمن يحاول تعزيز معنويات حزب الله". ولأجل تعظيم الأثر لا مشكلة أيضا في اختلاق أمور لم تحصل: بعد دقائق من التصفية امتلأت الشبكات بالتغريدات عن الحزن المزعوم الذي وقع في أعقابه على معسكر اليسار.
إن استهداف منتقدي نتنياهو كـ "ممتعضين" و"صناعة الدوخان" كان دوما بائسا وعبر عن احتقار للمعايير الديمقراطية، لكن عندما حصل هذا في 2017، على خلفية استقرار أمني واقتصادي، كان ما يزال في هذا نوع من المنطق. أما التصميم بالتمسك بهذا التكتيك حتى بعد 7 أكتوبر سيدل على أن لا قعر للبرميل ولا سقف للوقاحة. فهم ليس فقط يتوقعون من الإسرائيليين أن ينسوا مسؤولية نتنياهو على الجحيم الأمني الذي ألقوا به بل يسعون أيضا للسخرية من المهمة.
هذا أيضا هو النص المبطن من خلف دعوة نتنياهو لتغيير اسم الحرب: أفعاله يجب أن تركز على الآنبعاث. الكارثة كانت هنا من قبل؟ هذا الموضوع استنفذناه جدا.