Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Aug-2020

تداعيات وأبعاد انفجار مرفأ بيروت*علي ابو حبلة

 الدستور

لبنان الذي شهد التظاهرات والاحتجاجات ضد السياسات الحكومية حيث يطالب المتظاهرون والمحتجون بالإصلاح ومحاربة الفساد وتأمين متطلبات العيش الكريم للمواطن اللبناني، جاء انفجار مرفأ بيروت يقلب المشهد برمته ويعيد لبنان لحافة الانهيار،  المسرح  السياسي مفتوحا على كافة الاحتمالات بعد تعالي أصوات لبنانية محسوبة على قوى الرابع عشر من آذار للمطالبة بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في أسباب ومسببات الانفجار.
إعلان المحكمة الدولية إرجاء النطق بحكمها في قضية اغتيال رفيق الحريري إلى 18 آب الجاري، بُرّر بما يجري في بيروت على ضوء انفجار المرفأ. لكنّ ثمة عقلاً استعراضياً يقف خلف القرار. عقل يقول إن موعد النطق بالحكم ليس مناسبة إدارية لمحكمة يفترض أنها محايدة، بل هو توقيت سياسي له مراميه البعيدة أيضاً. وإذا كانت كارثة أول من أمس قد تحولت الى الحدث الوحيد في لبنان، فإن أصحاب هذا العقل هم أنفسهم من يبثون اليوم شائعات عن أن التفجير كان مقصوداً للتغطية على النطق بالحكم. ولأن عقل هؤلاء يعمل بهذه الطريقة، قرروا الإرجاء، وكأنهم يقولون علناً: نريده حدثا جللاً. وإذا ما حصل حدثٌ قد يُضعف للاحتفال بالحكم،  سنعمل على اختيار توقيت يعيد إلى الاستعراض فرصته التي يفترض أن يكون دويّها أعلى من دويّ انفجار المرفأ.
ما يخطط للبنان  والمنطقة من زمن أكبر من زلزال وفاجعة مرفأ بيروت، لكن جاءت فاجعة بيروت لتستغل بأبشع أنواع الاستغلال ضمن محاولات اقليميه ودوليه لإخضاع لبنان ووضعه تحت الوصاية الدولية ووضع المرفأ والمطار والمنافذ البرية والبحرية تحت حماية قوات دولية وتصريحات بعض المسؤولين تحميل السلطة الحالية المسؤولية عن الانفجار، ومطالبات بلجنة تحقيق دولية، ودعوة مجلس الأمن الدولي إلى التدخل... مع ما حملته زيارة» الرئيس الفرنسي  ماكرون « من شروط لمساعدة لبنان جميعها تؤكد أن لبنان يتعرض لمؤامرة هدفها عزل لبنان عن سوريا ليرتمي في أحضان إسرائيل بعد تجريده من كل مقومات القوة التي جعلت  من لبنان معادلة معقدة وصعبة في هذا الصراع وبالتالي إدخال لبنان للفتنة المذهبية الطائفية 
ما عرضه ماكرون على لبنان  لا يبعد كثيرا عن ما قام به جاك شيراك قبل خمسة عشر عاما وهذه من شأنه ان يعيد لبنان الى 2005 وتداعيات ما حصل عقب اغتيال رفيق الحريري، مشكلة من يفكرون على هذا النحو أنهم يريدون تكرار التجربة من دون أن يرفّ لهم جفن. وهم يسعون الى تكرار ما فشلوا في تحقيقه من عدواني 2005 و 2006، معتقدين بأن الظروف مهيّئة لذلك، وسيكون جدول أعمالهم هو نفسه: نزع الشرعية الدولية (نفسها) عن السلطة في لبنان، والسعي الى جذب الجمهور صوب تحركات شعبية تقود الى استقالة السلطة أو إقالتها. والهدف، هنا، هو المجلس النيابي والسعي الى انتخابات مبكرة، وإيكال مهمة الإنقاذ الاقتصادي الى وصاية عربية وغربية تفرض شروطها التي تمتد من المطالب السياسية  الى ابعد من ذلك حيال  حزب الله  والعلاقة مع سوريا والشرق، وصولاً الى بناء نموذج اقتصادي لطالما دعت لتحقيقه اسرائيل بمفهوم الشرق الاوسط الجديد. 
في زمن الحسابات الخاطئة، يفترض بالسياسيين اللبنانيين جميعا العمل من أجل إنقاذ لبنان لا إغراق لبنان في الدماء، يجب إعادة الحسابات وفق تغير الموازين في القوى، لقد تغيرت الموازين وما تم تمريره 2005 لا يمكن أن يمرر 2020   على الجميع أن يقدّر جيداً الوقائع والأحجام والأوزان، وأن يتعرّف جيداً إلى قدرة الخارج على التدخل أم لا.  لأن الأهم ان معادلة لبنان قد تغيرت فعلا، وأن ما يفكر به البعض  أن «لبنانهم» الذي خلقه الاستعمار على هذه الصورة قبل مئة عام، لم يعد له وجود سوى في أغنياتهم وأناشيد الأطلال، وكل صراخ أو كلام مرتفع أو غضب على طريقة خلافات أولاد الأحياء، لن يفيد في تعديل الصورة.