Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Sep-2017

بوتشيللي الموسيقى إلهام لضمائر البشر

 الساحة البيضاوية بجرش تستضيف أول حفل في الأردن للتينور الإيطالي

 
اسراء الردايدة
عمان -الغد-  هي ليست المرة الأولى التي يزور فيها التينور الإيطالي أندريا بوتشيللي ذو الصوت الرخيم، الأردن، لكنها الأولى التي يقف بها أمام جمهوره في حفل ضخم يحييه يوم الاثنين المقبل في الثامن عشر من الشهر الحالي في الساحة البيضاوية في جرش، ليكون الموقع شاهدا على هذا الحدث التاريخي المميز.
بوتشيللي الذي تحمل كلماته وصوته إحساسا جماليا عاليا، فقد بصره في الثانية عشرة من عمره، حين تعرض لنزيف داخلي بعد إصابته أثناء لعبه كرة القدم.
وبالرغم من ذلك، يتمتع بوتشيللي بموهبة صوتية مميزة وضعته في الصفوف الأولى بين أعلام الموسيقى الكلاسيكية، وسيحمل موهبته إلى الآلاف من معجبيه الذين تبعوه من مناطق مختلفة من العالم إلى الأردن، ليصدح بصوته في واحد من أقدم المواقع الأثرية وأجملها في جرش.
الحفل يشهد نقطة لقاء تجمع كل تلك الثقافات المختلفة 
يقول التينور أندريا بوتشيلي عن الحفل المرتقب، وعن لقائه بهذا الحشد الضخم المتنوع الثقافات والخلفيات، في حوار خاص مع “الغد”: الموسيقى الجيدة توقظ العواطف الأساسية للحياة بقوة، وتمكن من كسر أي حواجز تتعلق بالثقافة واختلاف الأجيال، سواء كانوا مجموعة من محبي الموسيقى الشعبية الكلاسيكية أو عشاق الكلاسيكية التي تتمثل بفيردي، وبوتشيني، وبيترو ماسكاني وغيرهم  الكثير”.
ويضيف أنه “ولأكثر من عشرين عاما، شاهد وعرف أن جمال الاقتراحات الفنية باختلاف أشكالها، يكمن بمشاركتها، خاصة الجمال الداخلي الذي يتغلغل في قلوب الناس ويسكنها من دون استئذان.
ويتابع: “من هذا أستنتج في كل مرة أننا جميعا أشقاء، وأن الحب هو القاسم المشترك واللغة التي توحدنا على الصعيد العالمي، فالحفل الذي أحييه في جرش يحمل قيمة عاطفية كبيرة بالنسبة لي، وبطريقة أو بأخرى، هو مكان ساحر، يعج بالتاريخ، وسيشهد نقطة لقاء رائعة تجمع كل تلك الثقافات المختلفة”.
 أكثر من 10 ملايين نسخة تم بيعها من ألبوماته وأغانيه
ويأتي حفل بوتشيللي في جرش، في إطار احتفالاته بمرور 20 عاما على وقوفه على المسرح أمام الجماهير الحية، وهو الذي بيعت له أكثر من 10 ملايين نسخة من ألبوماته وأغانيه والتي أدخلته موسوعة غينيس.
ووصف شعوره قبيل الحفل الذي سيلتقي فيه كل تلك الجماهير، في بث حي ومباشر، لينقل لهم إحساسه ويشعر بغبطتهم وحماستهم، سيما بعد مرور هذه السنوات، بـ”الدفء الذي سيمنحه إياه الجمهور الأردني”، خاصة أنه زار الأردن أول مرة في حفل خاص أقيم تكريما لصديقه وأستاذه لوتشيانو بافاروتي في البتراء.
وبين أن زيارته هذه المرة مفعمة بالفرح والسعادة، لأنه سيلتقي بجمهور حافظ على علاقة وطيدة معه، و”يعشق متابعتي بمحبة ويحفط الاغاني التي اقدمها عن ظهر قلب، ويرى في الاستماع إليّ متعة وسحرا”.
ويلفت بوتشيللي الى الشرف الكبير الذي منحته اياه جلالة الملكة رانيا العبدالله حينما استضاف جلالتها في إيطاليا خلال فعالية نظمتها مؤسستي “اندريا  بوتشيللي” وتم منح جلالتها جائزة الإنسانية، كاعتراف رمزي من قبل إيطاليا كاملة بجهود جلالتها، وكذلك إعجابا وامتنانا للعمل الرائع الذي تقوم به منذ سنوات عديدة في المجال الاجتماعي”.
البيانو رفيق دائم له وصديقه الوفي 
بوتشيللي الذي علم نفسه الموسيقى في البداية، ومن ثم انتقل لتلقي دروس في الغناء والموسيقى، إلى جانب إجادته العزف على البيانو الذي تربطه فيه علاقة وطيدة؛ يعتبره “صديقه الوفي”، برغم إجادته إلى حد معين، العزف على الآت أخرى، كالفلوت والطبل والساكسفون والأكورديون.
لكنه يجد في البيانو رفيقاً، يعزف عليه يوميا وحده أو برفقة أصدقائه، نظرا للمتعة التي يجدها خلال عزف الموسيقى الكلاسيكية وتأدية أنواع مختلفة من الغناء الأوبرالي وحتى البوب. 
ويقول إن الغناء فن وممارسة، ولا يمكن مقارنته بأي فن آخر، لافتا إلى أن الجسد هنا يصبح آلة موسيقية بحد ذاته، ومليئا بالإحساس. 
ويذهب إلى أن مستوى المشاركة في الغناء يكون أعلى مع الآخرين، ما يمنحه ميزة بهيجة، ووسيلة يتقاسم خلالها مع الآخرين الموهبة التي منحها الله إياها، مؤكدا أن هذا أمر “لا يد له فيه، وواجبه أن يحافظ عليه ويتمرن ويعتني به ويتفانى في صقله كي يبقى كما هو جيدا وعميقا”.
وقال: “من هنا بات الغناء طريقا مستقيما لتكوين علاقات مع الآخرين والتواصل معهم، في محاولة كسب ودهم ونقل كل تلك المشاعر الكثيفة التي يحسها، والعكس صحيح”.
ولادتي بصوت أوبرالي جعلت من ذلك الفن مرجعيتي الأولى
ويعترف بوتشيللي أن المغني الأوبرالي الايطالي فرانكو كوريللي، أثر فيه كثيرا، ويراه واحدا من أفضل مغني الأوبرا، والذي ترك فيه بصمته من خلال طريقة أدائه، لكن على الرغم من أن بداياته كانت بموسيقى البوب، لكنه يرفض أن يوصف بالفنان “المتنقل” بين الموسيقى الأوبرالية والبوب، فبالنسبة له، كلاهما مختلف عن الآخر، ولكل واحد صعوباته الخاصة وعمقه الفني وطابعه. 
ويقسم الجمهور الذي يقف أمامه إلى فئتين؛ إحداهما تميل لـ”البوب”، والأخرى للموسيقى الأوبرالية، محاولا قدر المستطاع أن يفصل بينهما ويرضي جمهوره.
وأكد بوتشيللي أن ولادته بصوت أوبرالي، جعلت من ذلك الفن مرجيعته الاولى والمفضلة لديه، وإن كان قد انطلق من موسيقى البوب وحقق شهرة في بداياته بفضلها.
ويملك بوتشيللي مجموعة متنوعة من الألبومات والأسطوانات، وباع منها أكثر من 10 ملايين نسخة، وفي جعبته أكثر من 137 ألبوما بين رقمي وتعاون مشترك، وفيديو وتسجيلات في الاستوديو وحفلات مباشرة، وحتى بمشاركة فنانين آخرين، وفي العام 2000 أصدر ألبوم “ترانيم مقدسة”، مع أوركسترا وجوقة الأكاديمية الوطنية سانت سيسليا، وحصل على نسبة مبيعات عالية للموسيقى الكلاسيكية التي يؤديها مغنو الـ”سولو”.
وقدم لاحقا ألبومات غنائية حملت أعمالا أوبريالية، مثل ألبوم “أمور” في 2006، و”ماي كريسماس” في 2009، وأوبرا كارمن من 2008-2010، وأوبرا روميو وجولييت في 2012، ومن ثم قدم “باشن” في 2013، وآخرها في العام 2015 “سينما”، وفيه يحتفي بأغاني أفلام شهيرة، مثل أغنية “ماريا” من فيلم “قصة الحي الغربي” و”بروسيا لا تيرا”، من فيلم الأب الروحي وغيرها. وفي 2016 أعاد تقديم أفضل أغانيه في ألبوم “رومينزا- النسخة 20”.
كل أغنية أقدمها تحمل قيمة عاطفية كبيرة
وفي آخر ألبوماته “سينما” من العام 2015، المرتبط بحبه للموسيقى التصويرية للأفلام واختياره لموسيقاه عمومًا، يؤكد بوتشيللي أن كل أغنية يقدمها تحمل قيمة عاطفية كبيرة، ففي ألبوم “سينما” مثلا اختار أكثر النفحات الموسيقية التي يحبها، والتي أثرت في حياته وألهمته وجعلته يقع في الحب. 
ويشير إلى أنه لطالما أحب الموسيقى السينمائية، وفي ألبومه “سينما” أدرك الحلم الذي رافقه لعقدين، وكان مغامرة استمتع بها وحصلت في منزله في فورتي داي مارمي في توسكانا، قبل عام من إطلاق ألبومه “آمور”، حيث اجتمع مرة أخرى مع فريقه لأيام عديدة، والذي ضم كلا من: توني رينس، وأمبيرتو غاتيكا، وديفيد فورسار، وعملوا خلالها على تقييم مئات الأغاني والعودة إلى مراجع واسعة غير مرتبطة بزمان أو مكان قبل فلترتها. 
ويصف سعادته بما توصلوا إليه في صيغته النهائية، والتي كانت نتاج سلسلة من الأصوات الرائعة التي أنجبها الفن السابع مثل؛ فرانك سيناترا، وماريو لانزا وغيرهما من الموسيقيين الذين سكنوا قلوب محبيهم.
ويقول بهذا الشأن: “أشعر بغبطة لإعادة إنتاجها وتجديدها بنوعية تسجيل أفضل، وبتقنيات متقدمة، ما يجعل الاستماع إليها أكثر سلاسلة ويسراً”.
الموسيقى هي الحاجة والعاطفة ووسيلة لجعل الحياة ممتعة
الموسيقى تملك القدرة على اختراق القلوب وكسر الحواجز، فهي بالنسبة لبوتشيللي بمثابة قوته اليومي، حيث يصفها بـ”الحاجة والعاطفة والنعمة والعافية، واندفاعة من الجمال، ووسيلة لجعل الحياة خفيفة ممتعة”، معتبرا أن الموسيقى الجيدة ترتبط بالخير ولديها القدرة على التأثير على ضمائر البشر، والإسهام في تطورهم الروحي، ما يجعلهم أفضل مما هم عليه في الواقع. 
وبرغم شهرته، لكنه حين يقف على المسرح وقبيل أي أداء له، يصف شعوره بكلمة واحدة هي “التوتر”؛ اذ يغدو عاطفيا، على حد قوله، مبينا أنه “يتعلم كيف يتعايش مع هذا الوضع”.
لكن التوتر متبوع بشعور من السعادة، وفق تعبيره، معللا ذلك بأنه “حين يكون لديك احترام كبير للموسيقى ولجمهورك ولهؤلاء الذين قرروا أن ينفقوا قليلا من وقتهم الثمين ليستمعوا إليك، فإن التوتر يصبح حافزا كي ترقى إلى مستوى توقعاتهم، وتقدم أفضل ما عندك”، وفي المقابل هنالك خوف من عدم النجاح، “فأحاول دائما أن أجعل توتري وخوفي إيجابيين؛ فالعاطفة السلبية تقلل من القوة”.
وحين كتب بوتشيللي كتابه “موسيقى الصمت” في العام 1999، وسرد فيه بواقعية فلسفته الحياتية وما دار فيها من محاولات لوصف نظرته إلى الحياة، أطلق على نفسه اسم “آموس”، والذي يحمل قيمة معنوية كبيرة بالنسبة له.
ويوضح الأمر بقوله: “تلك العلاقة ترتبط بشخص غير عادي ويحتل مكانة عميقة لدي وأعتز بمعرفته، وله فضل كبير، وهو آموس مارتياتشي”.
ويرى فيه بوتشيللي رجلا ذكيا يتقن ست لغات، وأصبح مديرا لأحد البنوك على الرغم من أنه لم ينه سوى المرحلة الابتدائية.
وقال إنه “نال هبة من السماء بقدرته غير الاعتيادية على الفهم والتعلم وحبه لنقل ما تعلمه للآخرين”، وهذا ما أثر به عميقا، لأنه كان يأتي إلى منزله صباحا، وبعد الظهر ولسنوات عديدة، ويساعده في دراسته الجامعية حتى بداية مسيرته الفنية.
وتكريما له، سمى ابني الأكبر باسمه، وحين بلغ الأربعين شعر بحاجة الى تقفي أثر مغامرته الوجودية، وصولا إلى فهم أفضل لمعنى الحياة وتعلم شيء منها، فاعتاد أن لا يتحدث بصيغة الأنا، وهذه الحيلة سمحت له بسرد أفضل وفهم أكبر لغاية الوجود في الحياة.
فيلم سينمائي يتناول مسيرة حياته ويلهم الآخرين
ومع تحول هذا الكتاب إلى فيلم سينمائي عرض مؤخرا، يبدو الأمر بالنسبة لبوتشيللي كمفارقة بأن يرى حياته على الشاشة تلهم الآخرين، باعتبارها حياة ثرية. 
ويبين أنه كان مفتونا، بعد أن عرض النص عليه في البداية وطلب منه الظهور فيه، ومن خلال هذا النهج المباشر للسينما يشعر بثقة حيال النتيجة الأخيرة ونوعيتها، ويكن تقديرا عميقا للقائمين على الفيلم، بدءا من الممثلين ومنهم أنطونيو بانديراس والمخرج مايكل رادفورد مؤلف الروائع الكثيرة، ومن أبرزها فيلم “ساعي البريد” عن حياة الشاعر بابلو نيرودا. 
ويتناول كتاب بوتشيليي مجموعة من مذكراته ورحلته، حيث ركز على النجاحات والصعوبات التي مر بها في بداية مسيرته المذهلة، ويحلل بعمق وحميمية جوانب مختلفة من حياته، فضلا عن الانتكاسات التي مر بها، وكيف أكسبته نضجا فنيا وحسيا. ويضم الفيلم مجموعة من الأغاني التي لم يعلن عنها بعد.
ويشارك في الفيلم بانديراس بدور المايسترو الأب أموس، في حين يؤدي شخصية اندريا بوتشيلي توبي سيباستيان، وشخصية الأم الممثلة لويزا رانيرا. 
زار الأردن في العام 2008 خلال تكريم الراحل لوتشيانو بافاروتي
وكان بوتشيللي زار الأردن في العام 2008، خلال تكريم الراحل لوتشيانو بافاروتي، والذي تجمعه به علاقة صداقة عميقة، ويعتبره صديقا عزيزا وفنانا استثنائيا، وقد تأثر لوفاته بشكل كبير، لأنه كان شديد اللطف معه ويكن له امتنانا عميقا.
ويقول “على الرغم من أن لوتشيانو غادرنا قبل 10 سنوات إلا أن صوته باق ينبض بالحياة في قلوب الجميع بمن فيهم أنا. وتشرفت بمعرفته وبالذكريات التي نراكمها في كل مرة كنا نلتقي بها، والتي ما تزال حية تنبض بالحياة إلى هذا اليوم، فبافاروتي واحد من أجمل الأصوات خلال السنوات المئة الماضية، ومنارة يشار إليها، ومرجع لكل من يريد أن يتعلم من خلال أغانيه.
وتربط بوتشيللي بمسقط رأسه توسكانا علاقة عميقة، فهو ولد فيها، ويصف نفسه بأنه “نتاج أرضه”، فهي منطقة ذات تاريخ ومناظر خلابة، ومهد الثقافة الإيطالية، ويعتبرها ملجأه الروحي ومكانا مثاليا للعثور على الصمت وتذكر نعم وأفضال الحياة. 
ويبين أن توسكانا مدينة أنجبت العديد من الملهمين والعلماء من أمثال بترارك ودانتي وبوتيتشيلي ومايكل أنجلو وليوناردو دافينشي وغاليليو وأمريكو فسبوتشي ولوكا باتشولي وبوتشينين، كما يسكنها التاريخ، نظرا لانتشار المتاحف والقصور فيها، وهي أرض تشتهر بطيب نبيذها وخصب أرضها، وزيارتها تجعل منها “زيارة لا تنسى”.