Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Nov-2017

الإصلاح الاداري من المأزق البيروقراطي إلى اللامركزية - د.عبداالله محمد القضاه

الراي - ينتج المأزق البيروقراطي في أي دولة عند إهدار وسوء استخدام البيروقراطية للموارد المتاحة وقد يؤدي الى تدهور ثقة المواطنين بالأجهزة الحكومية بل معاداتها واستعداء الآراء عليها، كما أن التجارب العالمية أثبتت حقيقة أن طريق التنمية الشاملة لا يمر إلا عبر التنمية المحلية، والأخيرة لا تتحقق الا من خلال التوجه نحو تطبيق اللامركزية الادارية كإحدى الركائز الأساسية للإدارة العامة والتي تنطلق من الذاتية في الأداء، والاستقلالية في عملية اتخاذ القرارات.

 
واستشرافا لمستقبل الادارة الحكومية في الأردن، جاءت الرؤية الملكية السامية لتطبيق اللامركزية الإدارية من خلال مجالس محافظات منتخبة تقوم على قاعدة المشاركة في اتخاذ القرارات في إدارة الشؤون المحلية تأسيساً على مبدأ حكم الناس لأنفسهم بأنفسهم في إدارة الخدمات وتوزيع المشاريع الإنمائية، إضافة الى ترشيق النفقات وإيجاد مصدر التمويل وقيام المشروعات المناسبة للمجتمعات المحلية، كما تسهم في تنمية الروابط بين أجزاء الوطن وإشباع الرغبات وتوفير الاحتياجات، والأهم من ذلك تخفيف الأعباء على عاتق الحكومة المركزية بما يحقق الكفاءة الإدارية والمرونة في استخدام أساليب الأداء وسهولة القيام بعمليات الإصلاح الإداري الشامل.
 
ووفقا لمفهوم التحسين المستمر في الإدارة، علينا أن ندرك أنه من الاستحالة بمكان الانتقال من المركزية الى اللامركزية بشكل مباشر وسريع، وما تحقق في الاردن يعتبر انجازاً، فوجود تشريع رسمي واجراء انتخابات لهذه المجالس اضافة الى جهود الحكومة بمختلف اجهزتها بنشر الثقافة الادارية الجديدة أمرا لايستهان به؛ ومن الطبيعي جدا وجود الثغرات والفجوات المهارية والتنظيمية وربما التشريعية أثناء عملية التطبيق.
 
وقد يتساءل البعض: ماهي الخطوات اللاحقة؟، أو ماهي استراتيجية التحول نحو اللامركزية الادارية المنشودة ؟!، وهل الحكومة قادرة على تبني خطة اصلاح اداري قابلة للتنفيذ وفق أفضل معاييرالكفاءة والمساءلة الفاعلة.
 
الاصلاح الاداري يحتم توزيع السلطات بين الحكومة المركزية والمحليات والتوجه نحو تقليص حجم الجهاز الحكومي بما يستدعى بالضرورة إعادة النظر في البيروقراطية وإخضاع أساليب الإدارة العامة للمعايير الموضوعية والمساءلة عن تكلفة تقديم الخدمات وقياس نتائج الخطط والبرامج من خلال الكفاءة والفاعلية ووفقا للاستراتيجية المقترحة تاليا.
 
أولا: الإستمرار والتوسع في نشر ثقافة التحول نحو اللامركزية والتوسع افقيا وعموديا في مسار التوعية والتأصيل المعرفي الذي تقوده وزارة الشؤون السياسية؛ لخلق ثقافة مجتمعية داعمة للتوجه ومستجيبة لمتطلبات التحول المنشود.
 
ثانيا: حصر الخدمات التي يمكن تعهيدها للقطاع الخاص؛ والمباشرة بوضع شروط مرجعية لتنفيذ ذلك بالشكل الذي يسهم في تقليص الجهاز الحكومي دون الاخلال بفاعليته.
 
ثالثا: البدء بإعداد مصفوفة الصلاحيات المالية والادارية والالكترونية الواجب تفويضها من المركز الى المحافظات، لوضع جدول زمني لعملية التفويض تمهيدا لنقل هذه الصلاحيات لاحقا، وهذا من مسؤوليات وزارة تطوير القطاع العام والوزارات المعنية بتفويض صلاحياتها لفروعها في المحافظات.
 
رابعا: حتى تنجح عملية التفويض؛ وتتمكن المجالس أيضا من الاضطلاع بمسؤولياتها، يتطلب اعداد وتنفيذ خطة تدريبية لبناء القدرات المهارية لموظفي الدولة في المحافظات، وكذلك اعضاء المجالس المنتخبين والمعينين؛ وهذه مسؤولية معهد الادارة العامة؛ حيث أنه فرغ من إعداد خطة متكاملة لهذه الغاية وينتظر موافقة مجلس الوزراء ليشرع بتنفيذها وفق أفضل المعايير الدولية، اضافة الى جاهزيته التامة في تنفيذ برامج تدريبية لموظفي القطاع العام في المحافظات لتمكينهم من تولي مسؤوليات وصلاحيات الادارات المركزية؛ ونجاح هذا الدور يعتمد على ايمان الحكومة بأهمية الاستثمار في مواردها البشرية واتاحة الفرصة أمام موظفي الجهاز الحكومي بالمحافظات من الالتحاق بالبرامج التدريبية وبخاصة المتعلقة بالتحول الالكتروني والمهارات القيادية وتخصيص المبالغ اللازمة لذلك.
 
خامسا: المباشرة بمراجعة أنظمة التنظيم الاداري والهياكل التنظيمية لكافة الوزارات والدوائر الحكومية التي لها فروع في المحافظات بما في ذلك نظام الخدمة المدنية؛ من أجل نقل الصلاحيات اللازمة لهذه الفروع بموجب هذه الأنظمة، وهذا يقع ضمن مسؤولية وزارة تطوير القطاع العام والجهات المعنية بنقل الصلاحيات؛ ويمكن أن يكون لمعهد الادارة العامة دور استشاري في هذا المجال.
 
ومن خبرتي في التطوير المؤسسي، فإنني احذر من عملية حرق المراحل؛ فالانتقال الى نقل الصلاحيات؛ قبل تأهيل وتدريب المعنيين؛ بهدف تحقيق المكتسبات السريعة، يعتبر استباق النتائج قبل أوانها، وهذا حتما سيحرمنا من تحقيق النتائج الحقيقية والمستدامة للرؤية الجديدة في الإدارة الحكومية.
*مدير عام معهد الادارة العامة
a.qudah@yahoo.com