Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Jul-2017

هل يقرأ المسؤول ؟! - د. محمد القضاة
 
الراي - سؤال طالما رددته على نفسي، يأتي السؤال نتيجة القراءات الخاطئة التي تتعمدها حاشية بعض المسؤولين حين تقلب الأبيض اسود، وتزين الأخطاء بألوانها وأفكارها، وكثيرا ما تتعجب من ضحالة ثقافة الحاشية التي تتمتع بالنفاق والخداع والرقص على الاوتار التي يطرب لها بعض المسؤولين، ولدي شواهد وقصص كثيرة عن عدم قراءة بعض المسؤولين للنقد او المدح الذي يوجه لإنجازاتهم أو تقصيرهم.
 
يتعرض الكُتّاب أحياناً كثيرة لنقد سلبي من قبل حاشية المسؤول ومن المسؤول نفسه حين تفسر كتاباتهم الاهواء والأمزجة دون قراءة السطور نفسها، وعلى مدار عقود الكتابة الثلاثة واجهت الكثير المثير من هذا النمط من التفسير المغلوط لمقالاتي، وكان يصل الامر ببعضهم ان يشتاط غضبا، وقد حدثني أحد الأصدقاء عن موقف حصل معه قبل سنتين حين قال له ذلك المسؤول: ألم تقرأ مقالة فلان(طبعا مقالتي) قال، قلت له: لا، قال فبادرني غاضبا قائلا: سأفعل كذا وكذا، فقلت له: هل قرأت المقالة؟ قال: لا؛ لكنهم قالوا لي: انه كتبها ضدي، فقلت له دعني أقرأها، واعود إليك بعد القراءة، قال: قرأت المقالة، فوجدتها تناقش فكرتها بموضوعية وعلمية وبأدلة منطقية ولا يوجد فيها ذكر لأحد. عُدت إليه بعد ساعتين، جلست معه وسألني بنرفزة، قرأت المقالة؟ قلت له: نعم ، المقالة متوازنة وأفكارها واضحة ولا تذكر أحدا، وما نقل اليك غير صحيح، وبإمكانك ان تقرأ المقالة انت، لترى ذلك بأم عينك، ثم قلت له: اياك والعجلة، عليك ان تقرأ كي تحكم، لا تسمع الأ بعد ان تقرأ.
 
هذه واحدة من القصص التي حصلت معي، وهناك قصص كثيرة لا مجال لسردها، بعضها أوصلني للمحكمة، وتمت تبرئتي منها. وكل ما نود قوله: هل يقرأ المسؤول ما يكتب حول دائرة مسؤوليته، أم انه يركن للتقارير والفبركات والنفاق المحيط به؟
 
قبل مدة كتبت مقالة حول موضوع أكاديمي عام، وسألني بعض الأصدقاء والمسؤولين عن فحواه؛ فقلت لهم: إقرأوا الموضوع قبل ان توجهوا سهام النقد للمقال! وقبل ثلاثة أشهر بعث لي عدد من الاساتذة من الجامعة الهاشمية رأيهم بتجربة الفصلين الصيفيين، كتبته في مقالة عامة لم تعجب بعض المسؤولين يومذاك، مع ان التجربة في قرارة أنفسهم معروفة ونتائجها واضحة.
 
الشواهد كثيرة، والمطلوب دائما ان يقرأ المسؤول بعمق كل ما يكتب عن انجازه وحدود مسؤوليته، فلا يقبل رأياً مسبقا قبل رأيه، والكتابة أياً كانت تهدف الى تقييم التجربة وتصويبها وإعادة الثقة بعمل المسؤول؛ لأن الاستمرار بتبني الأخطاء كارثة، ومن لا يتعلم من اخطاء السابقين لا يتعلم ولن يبدع او ينجز.
 
ويبقى السؤال مرهوناً بالوقائع؛ هل يقرأ المسؤول؟ هناك قصص أخرى من نوع آخر يسردها إعلاميون في لقاءاتهم مع بعض المسؤولين يقول أحدهم :»جمعتني جلسة ضمت عددا من الإعلاميين وثلاثة مسؤولين في ثلاث إدارات حكومية، يفترض أنها تقدم خدماتها للناس. اللقاء كان عفويا، والأحاديث غلبت عليها الصبغة الإعلامية. كان أحدهم يهاجم الصحف؛ لأنها لا تقول شيئا مفيدا أبدا، ولا تبادر بطرح ملاحظات لافتة. أيده زميله الجالس إلى جانبه. وراح بعض الإعلاميين يسردون نماذج من القضايا والملاحظات التي تم طرحها في دائرة عمل هذا الشخص. بدا أن الرجل متفاجئ من كثرة تكراره للسؤال: صحيح نشرتم هذا؟ أو: هل أنت متأكد أن فلانا كتب هذا؟ محصلة الحوار: الصحافة ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية تتحدث عن قضايا كثيرة، لكن السؤال: هل يقرأ المسؤول ويسمع ويرى؟ إن إدارات العلاقات العامة والإعلام في بعض الجهات الرسمية، تمارس نوعا من الخداع للمسؤول، حينما لا تقدم له سوى الصورة البيضاء النقية، وتحجب عنه الانتقادات والأفكار التي لا تتوسل بالمصالح الشخصية.» هذا مشهد كما نقله احد الزملاء نذكره للجميع لكي ينظروا الى الكتابة من الزاوية الصحيحة، لا من زوايا دوائر العلاقات العامة التي تقول للمسؤول (انّ كل شي ممتاز)، وأنك مستهدف من قبل مجموعة مغرضة حاقدة لا ترغب ان تراك ناجحاً.
 
والسؤال: هل يستجيب المسؤول للنقد والسلبيات التي تتناولها اقلام الكتاب؟ وهذا السؤال يولد منه اخر: هل يحاسب المسؤول على تقصيره؟ ام يتم التغاضي عنه؟ القصص كثيرة ولا مجال لسردها؛ لانها أحياناً تدمي القلب، ولا تعجب كثيرين، ولكن لا يجب ان يستمر هذا النهج إطلاقا، وكل ما نسعى اليه ان يقرأ المسؤول بعينه وفكره، وان يتابع حدود عمله بشفافية واحتراف ومسؤولية، وألا يركن للمنافقين وابطال العلاقات العامة. على المسؤولين ان يخرجوا من مكاتبهم الى الميدان ليروا الناس ويستمعوا اليهم كي يعرفوا الحقيقة الناصعة بأنفسهم، وحينها لا تجد كاتبا ينتقد احدا. وللاسف هناك بعضهم يضربون بالنقد عرض الحائط من فرط الثقة بحاشيته ومزيفي الحقيقة ومنافقيهم؛ بل يعدون ما يُنشر من سلبيات عنهم محض افتراء يهدف محاربة نجاحهم؟!
 
وبعد مطلوب ممن يتسنم المسؤولية ان يكون ديناميكيا، يتسع صدره للنقد، ويفتح عقله ومكتبه، ويتابع كل صغيرة وكبيرة، ويحترم أوقات الناس وحاجاتهم، ولا يحق له ان بتجبر بأحد، وعليه ان يتجاوز المديح والنفاق، ويعرف المدلس من الجاد كي تعود المؤسسات الى طبيعتها وعملها وخدمة مجتمعها على أكمل وجه.
 
mohamadq2002@yahoo.com