الغد-هآرتس
بقلم: أسرة التحرير 15/4/2025
قتل الجيش الإسرائيلي 15 عامل إغاثة في رفح في 23 آذار، قتل بعضهم حسب الاشتباه الذي ينشأ عن منشورات مختلفة بإطلاق النار عليهم من مسافة قصيرة ودفنوا في قبر جماعي– لم يدغدغ حتى ولا سور عدم الاكتراث الإسرائيلي لقتل الفلسطينيين في قطاع غزة وجرائم الحرب التي يظهر أن إسرائيل ترتكبها هناك. فالتنكر لوجود أبرياء في غزة أغشى عيون الكثير من الإسرائيليين عما يجري باسمهم وباسم الدفاع عن حدود الدولة. كنتيجة لذلك أعطيت لإسرائيل يد حرة للعمل بلا لجام، حتى لو لم يعد ممكنا تبرير أعمالها.
لقد أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني بانه علم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن المسعف أسعد النصاصرة الذي اختفى منذ يوم القتل، محتجز لدى إسرائيل. الجيش الإسرائيلي لم يجب بعد على سؤال "هآرتس" في هذا الشأن. وتستند المعلومة إلى شهادة منذر عبد، متطوع في الهلال الأحمر كان حاضرا في قافلة آليات الإغاثة التي هاجمها الجيش الإسرائيلي، لـ "الجارديان البريطانية". فقد رأى عبد النصاصرة حيا، معتقلا في أيدي الجنود.
في أعقاب ضغط دولي، وبعد انكشاف الرواية الأولية للجيش الإسرائيلي عن الحدث كرواية كاذبة، شرع الجيش في تحقيق رسمي في الحادثة، لكن تجربة الماضي تدل على أنه لا يمكن تعليق الآمال بالتحقيقات التي يجريها الجيش الإسرائيلي مع نفسه. منذ نشوب الحرب فتح جهاز التحقيق في هيئة الأركان عشرات التحقيقات للاشتباه بارتكاب جرائم حرب. وبقدر ما هو معروف، لم يؤدِ أي منها الى لائحة اتهام. حقيقة أن أعقاب النصاصرة فقد منذ بدا مؤخرا معتقلا في ايدي جنود، ورفض الجيش الإجابة على أسئلة بالنسبة لمصيره – تدل على أن الجيش مشغول بطمس الحقائق اكثر مما بالتحقيق فيها.
توجد عناصر كثيرة جدا في هذه القضية. كان ينبغي لها أن تهز الأركان: حقيقة أن المسعفين دفنوا في قبر جماعي، وكان واحد منهم على الأقل مقيدا بقدميه. النار من مسافة صفر والجهد لدفن الجثث ومركبات النجدة في ما يبدو كمحاولة لتشويش الأدلة. لكن الرد في إسرائيل هو الصمت الذي لم يخترق حتى حين نشر الشريط الذي صوره احد المسعفين (الذي شخص بعد ذلك في القبر الجماعي)، والذي دحض رواية الجيش الإسرائيلي والتي جاء فيها ان سيارات الإسعاف كانت تسير بلا تنسيق ودون أن تشعل إضاءة السفر أو الطوارئ. في الشريط تبدو بوضوح مركبات ذات إشارات مع أضواء طوارئ فاعلة– في الوقت الذي تعرضت فيه للهجوم. وكأنه لا يكفي هذا، يثور الآن اشتباه بأن مسعفا آخر أخفي ويوجد في أيدي الجيش الإسرائيلي.
يدور الحديث عن قضية خطيرة لا مثيل لها، تستوجب إقامة لجنة تحقيق خارجية ومستقلة لتفحص إذا كانت ارتكبت أم لم ترتكب جريمة حرب. محظور أن تنتهي الحادثة بتعليمات هزيلة إضافية بشأن "تأكيد اللوائح". لكن، قبل كل شيء– واجب على الجيش الإسرائيلي أن يعطي تفسيرا لاختفاء النصاصرة. إذا كان بالفعل محتجزا لدى إسرائيل فيجب تحريره فورا. محظور أن تضاف إلى جريمة الحرب خطيئة الطمس أيضا.