Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Feb-2020

تجاه حكومة مرهفة الحواس!*سامح المحاريق

 الراي

توقف الموكب الملكي لدى أحد باعة البسطات قبل فترة ليست بالبعيدة، واستغل الملك الفرصة ليقترب من الرجل وزبائنه بوصفهم عينة غير مسبقة التجهيز، وكانت اللفتة الملكية بجانب ذلك تحمل رسالة تقدير لهذه الفئة من المواطنين الذين يسعون لتحصيل أرزاقهم بمختلف الطرق الشريفة، للأسف، ما كانت فترة طويلة تمضي، حتى فجعت اربد نفس المدينة التي شهدت زيارة الملك وتفاصيلها بحادثة انتحار مؤسفة لأحد البائعين المماثلين، وتحركت الحكومة بعدها لتتحدث عن تجهيز أسواق شعبية للبسطات.
 
بقيت الرسالة الملكية لأسابيع برسم العمل على الاستفادة منها دون أن تتحرك الأجهزة الحكومية لتبحث في الموضوع، ودون أن تقوم بالبناء عليها حتى استيقظنا جميعاً على هذه الواقعة التي كان يمكن تجنبها، فمن غير المعقول أن نبقى عالقين بين التطبيق الحرفي للتعليمات وبين روح التغيير المطلوب تجاه تحديث كامل البيئة الاقتصادية وما يرتبط بها من ممارسات.
 
كنت واحداً ممن اقترحوا قبل سنوات تنظيم هذه الأسواق، وتحقيق التوازن بين أصحاب المحلات والبسطات، والفكرة مطبقة في العديد من البلدان الأوروبية التي يقصدها مسؤولو الحكومة بصورة مكثفة، دون أن يقتبسوا الحلول المهمة على ما يبدو، وكنت قبل أيام مع أحد الإعلاميين الأردنيين المؤثرين في الصحافة المكتوبة في الخارج في أحد دول شمال أوروبا، وأصر أن يصطحبني إلى السوق الشعبي لمشاهدة الشجرة التي كان يقف تحتها أثناء مشروع البسطة الصغيرة الذي تدبره في بداية هجرته، وكيف أسهمت هذه الخطوة في تسوية أموره المادية في فترة زمنية وجيز?، موضحاً أن البداية الصعبة أسفرت عن العديد من المنجزات التي لمستها أثناء زيارتي الأخيرة.
 
ربما من المناسب، إذا كانت الحكومة تفضل أن تنتقل بين مواقع الاجتماعات وضمن البروتوكولات المجهزة من السفارات أن تجد الوقت الكافي من أجل أن تستعمل وسائل المواصلات العامة وأن تقصد الأسواق الشعبية، وأن تشاهد التخطيط العمراني في أحياء الطبقات الفقيرة والمتوسطة في البلدان التي تزورها، وأن تشاهد كيف يسعى الشباب من طلبة الجامعات لتحصيل أرزاقهم وسداد قروضهم الدراسية وما إلى ذلك من مفردات الحياة، وهذه طريقة أقل تكلفة من استقدام الخبراء أو المشاريع الجاهزة.
 
على الحكومة أن تصقل حواسها لتستمع وتشاهد وتتلمس الرسائل التي تردها من الملك ومن المواطنين وأن تسعى لتوظيف إمكانياتها وأدواتها للاطلاع على تجارب الشعوب الأخرى وأن تسعى للنقل البناء بدلاً من انتظار منحة أو قرض ميسر، ومعظمها ليست نتيجة جهود الحكومة.