Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-May-2022

إربد ومأدبا والسلط 2022 التماعات مدن أردنية في فضاءات الإبداع والأصالة والحضارة

 يشهد عام 2022 التماعات مدن أردنية؛ إربد ومأدبا والسلط، في فضاءات الثقافة والحضارة بكل جماليات تجلياتها الإبداعية والتراثية والإنسانية؛ لتعكس عمق الهوية الأردنية المتكئة على ماض مكلل بالفخار وحاضر يحمل في طياته آفاق مستقبل واعد وزاخر بالإنجاز.

والاردن الذي يمتطي صهوة المجد يسجل بحروف من ذهب، انثيالات ثقافة وتاريخ وحضارة مدنه؛ إربد والسلط ومأدبا.. مدن أردنية تتوج لعامي 2021- 2022 عربيا وعالميا، أيقونات تزخر بالابداع الانساني المتأصل عبر التاريخ بوصفها موئلا للثقافة والفنون والتراث والحضارة والعيش المشترك وقبلة للسياحة، ولتحمل هويته الثقافية والتراثية والحضارية ويسطع شعاعها إلى العالم بحضورها المنتشي بعبق الأصالة على امتداد ضجيج حركة الحقب والعصور، بعد أن تم اختيار إربد عاصمة للثقافة العربية 2022، ومأدبا عاصمة للسياحة العربية 2022، والسلط على قائمة التراث العالمي «مدينة التسامح والضيافة»2021 وهو العام الذي شهد احتفالات مئوية تأسيس الدولة الاردنية الحديثة.
 
 إربد عاصمة للثقافة العربية 2022
مدينة إربد مركز المحافظة التي تحمل اسمها، تستعد للاحتفال بها عاصمة للثقافة العربية لعام 2022 بعد اختيارها من قِبل منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (اليونسكو)، والذي جاء بعد ترشيحها من قبل وزارة الثقافة، وتمت الموافقة عام 2016 على أن تكون إربد عاصمة للثقافة العربية عام 2021 وأُجّلت للعام 2022 بسبب جائحة كورونا. ومن المقرر أن تبدأ الاحتفالات بعد عيد الفطر المبارك، حيث تجري التحضيرات والترتيبات لإخراج الافتتاح وما سيعقبه من فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بصورة مميزة تعبر عن هوية إربد الثقافية، ويرفدها الاحتفاء بابن المدينة شاعر الاردن «عرار» مصطفى وهبي التل، كرمز للثقافة العربية لعام 2022، وفي سياق تسليط الضوء على الإرث الثقافي والتاريخي الكبير سواء للأردن كدولة أو لإربد كجسر للحضارات.
يُذكر أنّ عمّان اختيرت عام 2002 لتكون عاصمة للثقافة العربية، وبذلك تكون إربد المدينة الاردنية الثانية التي تحظى بهذا التكريم.
ويقول عضو اللجنة الثقافية في الاحتفالية الروائي هاشم الغرايبة: «اربد ارض القمح والزيتون تمتد هضابها ما بين حرمون وجبال عجلون، وتشير آثارها الى حضارة امتدت من العصر الهلنستي الى العصر الروماني ثم الإسلامي وصولا الى يومنا هذا، وعلى عجل تحضر أسماء مثقفيها ابتداء من الشاعر ارابيوس ابن جدارا الرومانية مرورا بالشاعرة الصوفية عائشة الباعونية ابنة جبل عجلون في القرن الخامس عشر وصولا الى الشاعر المشاغب المجدد عرار مطلع القرن العشرين».
وبعد قيام الدولة الأردنية عام 1921، يضيف الغرايبة؛ اشتهرت اربد بانها حاضرة الشمال وبرز من مثقفيها علي خلقي الشرايرة وعرار ومحمود المطلق وواصف الصليبي واديب عباسي والشاعر الشعبي إبراهيم الشلول المعروف بالدوقراني وغيرهم كثير.
ويشير إلى انه في الجيل الثاني من عمر الدولة الاردنية، برز العديد من مثقفيها من أمثال عبد الكريم غرايبة اول حاصل على شهادة الدكتوراه في شرق الأردن، والاديب واصف الصليبي والتربوي والكاتب وحيد سليمان والشاعر الشعبي مصطفى السكران والصحفي والقاص محمد سعيد الجنيدي وغيرهم. ويبين الغرايبة أن اللجنة الثقافية لاحتفالية اربد، تعمل على الاحتفاء بهؤلاء الرواد، وتزيين شوارع المدينة بصورهم واقتباسات من ابداعاتهم، واعادة دراسة نتاجهم في ندوات وكتب بهذه المناسبة، مشيرا إلى أن برنامج الاحتفالية يشمل مؤتمرات للنقد والرواية والقصة ومهرجانات للشعر الى جانب نشاطات أخرى للجامعات والهيئات الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني.
والاحتفالية التي ستتزامن مع احتفالات عيد استقلال المملكة، تسعى لتقديم إربد والأردن إلى العالم العربي كنقطة إشعاع حضاري وفكري تشكل ركيزة مستقبلية للجذب الثقافي، وستقام أسابيع ثقافية تشارك فيها الدول العربية، بالتعاون مع وزراء الثقافة في المنطقة العربية.
 مأدبا عاصمة السياحة العربية لعام 2022
مأدبا مدينة الزخارف واللوحات الفسيفسائية والكنائس عاصمة السياحة العربية لعام 2022 مأدبا عاصمة السياحة العربية لعام 2022، بعد تحقيقها للمعايير والشروط المرجعية التي أعدتها المنظمة العربية للسياحة، تتمتع بالمعالم الثقافية والتراثية والدينية والاثرية والتاريخية الفريدة، وابرزها فن اللوحات الفسيفسائية، وتعد واحدة من أهم المدن الحرفيّة في العالم بهذا الفن، وبإرث خاص في أزقتها وكنائسها البيزنطيّة القديمة ومساجدها وعمارتها الفريدة، مثلما تحوي المعهد الوحيد في العالم لتعليم هذا الفن، حتى سُميت بـمدينة الفسيفساء، وتُعد خريطة مأدبا من أهم الآثار الفسيسفائية فيها.
ويقول الروائي جلال برجس:»عرفت مأدبا بزخمها الثقافي والابداعي والفكري منذ زمن، زخم كان وراؤه جملة من العوامل والظروف التاريخية والجغرافية والثقافية، إذ تعد الآن مثالا مهما على تنوعين احدهما ثقافي، والآخر مرتبط بثقافة العيش المشترك التي دفعت البعض إلى تسميتها بمدينة الوئام، مثلما استحقت تسميتها بعاصمة السياحة العالمية، مرتبة أسس لها جانبان: الأول ثقافي، والثاني تاريخي حضاري غني بنتائج تتابع الحضارات التي مرت عليها».
ويلفت صاحب رواية «دفاتر الوراق» الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية(البوكر) لعام 2021، إلى ان مأدبا من منظور ثقافي تعد المدينة التي انطلقت منها إشارات اولى لفعل مسرحي أردني بدايات القرن العشرين في شرقي الاردن، على يد العلامة روكس بن زائد العزيزي والراهب انطون الحيحي، حيث أنشئت أول جمعية في الأردن تُعنى بالمسرح وشؤونه عام 1914 وسميت «جمعية الناشئة الكاثوليكية العربية»، مثلما ولد وعاش فيها الروائي الكبير غالب هلسا الذي كان له دور مهم في تجاوز الرواية العربية بناها ورؤاها الكلاسيكية نحو رواية عربية حديثة، مثله مثل القاص والروائي سالم النحاس الذي ترك بصمة أدبية واضحة.
ويتابع انه من يتأمل المدونة الإبداعية الأردنية والعربية على صعيد الحاضر سيجد أن مأدبا شهدت ولادة أسماء إبداعية مهمة تجاوزت بنتاجاتها الحدود العربية نحو العالمية، هذا الحاضر الذي لا ينقطع عن الماضي.
ويختم برجس بأن هذه المدينة التي كانت تسمى قديما (ميدبا) (مدينة المياه والفاكهة)، شهدت تطورات ثقافية مهمة جعلت منها على صعيد هذه المرحلة حاضنة إبداعية مهمة، تفاصيلها ظاهرة في اليومي المعاش تماما مثل الماضي الذي أرخ له بعديد من النتاجات الإبداعية، والفكرية، والفنية، فقد أُثث الشارع المأدبي بالمقاهي والنوادي والملتقيات والمهرجانات الثقافية، التي ألقت بأثرها على وعي أناسها وميزتهم عن غيرهم. ويعود أسم مدينة مأدبا التي تأسس أول مجلس بلدي فيها عام 1912، إلى عدة روايات بعضها ينسبه إلى السريانية وتعني مكان الطين او المياه الهادئة ومنها ما يرجعه إلى الآرامية «ميا» د «أيب»، بحيث الكلمة الأولى تعني المياه والثانية تعني الفاكهة، وحرف الدال للإضافة فيكون معناه مياه الفاكهة، ورواية ثالثة تنسبه الى أصل مؤابي «ميدبا»، ويعني مياه الراحة لكثرة عدد برك المياه التي كانت تحيط بالمدينة، كما ورد أسمها في العديد من الكتابات التاريخيّة القديمة، والكتب السماوية، كالتوراة والإنجيل.
 السلط حاضرة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي
يظل سحر مدينة السلط آسرا لكل من عاش فيها أو زارها نتيجة لطبيعة تضاريسها وطرقاتها الضيقة وحاراتها وأدراجها وأوديتها وربواتها، وتنوع الأطياف والمكونات التي سكنتها وسمة العيش المشترك وكرم الضيافة، حيث تتقاطع مآذن المساجد مع أبراج الكنائس متجاورين غير متباعدين، والتي تتوسطها التجمعات السكنية للأهالي بمبانيها وبيوتاتها التي تتعانق بشرفاتها المعلقة وبتراصها متجاورة الى بعضها تتلألأ بحجرها الاصفر وجماليات زخارف شبابيكها المشرعة على التلاقي، لتستحق اعلان لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو) في 27 تموز 2021 بضمها الى قائمة التراث العالمي بوصفها «مدينة التسامح وأصول الضيافة الحضرية في الأردن».
تقول الباحثة واستاذة العمارة في جامعة الاسراء الاردنية، الدكتور ديالا العطيات، إنه خلال السنوات الستين من اواخر العهد العثماني (1860-1920)، ازدهر وسط مدينة السلط مع وصول التجار اليها كونها رابطا تجاريا مهما بين الصحراء الشرقية والغرب.
ومع توطين التجار من نابلس وسوريا ولبنان، ازدهر الاقتصاد الخاص بالمدينة ما ادى الى اجتذاب العديد من البنائين والحرفيين المهرة الذين أسهموا في رفد المدينة بتصاميم مميزة تركت أثرها المعماري وميزتها عن غيرها بالحجر الجيري الاصفر المحلي، وبتنويع تصميم المساكن العائلية والمباني العامة التي تجمع بين التقاليد المحلية والفنون الحديثة في ذلك الوقت. وطور المسلمون والمسيحيون جنبا الى جنب، بحسب الدكتورة العطيات، تقاليد الضيافة السلطية في البيوت، فلا تخلو المدينة من حيز يسمى الديوان او المضافة ونظام التكافل الاجتماعي، الذي يعكس نمطا اجتماعيا مهما للسكان، وفي ذلك مزج بين التقاليد الريفية وممارسات التجار في ذلك الوقت.
وتقول إن وسط مدينة السلط التراثي يتميز بكونه نواة حضرية تاريخية مؤلفة من شبكة من الادراج والازقة التي تنتهي بالساحات العامة والمساحات المفتوحة التي تربطها الشوارع، كل هذه العناصر تربط احياء المدينة ببعضها، لتعكس هذه الخصائص الملموسة الثقافة الحضرية للمدينة والتسامح بين الناس مع اختلاف دياناتهم وثقافاتهم، لافتة إلى أن مجموعة من التقاليد تجمع المسلمين والمسيحيين في مدينة السلط مع عدم وجود اي فاصل مادي بين احيائهم ومن اهمها تقاليد الضيافة والمضافات والتكافل الاجتماعي.
وتبين ان شارع الخضر الواقع في قلب المدينة، يعد من أقدم الشوارع، ويجمع مختلف النشاطات التجارية والدينية والتعليمية والسكنية معا، ويمتد من ساحة العين بالقرب من الجامع الكبير صعودا حتى يصل الى كنيسة الخضر والتي تعرف باسم كنيسة القديس جورجيوس، وتعد أقدم كنيسة في المدينة، وبنيت عام 1682حول مغارة قيل إن القديس ظهر لراع فيها، وتمتلئ الكنيسة الحجرية المقببة من الداخل بالأيقونات والفسيفساء التي تصور القديس جورجيوس وهو يذبح التنانين.
وفي السلط أقدم متحف في الأردن (المتحف الأثري)، ويمثل تاريخ السلط ويحتوي على عدة أركان منها: ركن الآثار القديمة والحلي والملابس والأدوات المنزلية القديمة، والعملة النقدية القديمة لعدة ازمنة وحضارات وغيرها.
يشار إلى أن المواقع المدرجة على قائمة التراث العالمي في الأردن هي: البترا، وقصر عمرة، وأم الرصاص، ووادي رم، والمغطس. (بترا/فانا)- مجدي التل