Wednesday 8th of May 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Jun-2017

يوميات صينية: الإرهاب والتنمية في شينجيانغ (2) - محمد خروب
 
الراي - يعترف الباحثون في أكاديمية العلوم الاجتماعية في اروميتشي, عاصمة منطقة شينجيانغ المتمتعة بالحكم الذاتي, بتوتر الاوضاع الناتج عن دعوات الانفصال التي تقودها مجموعة متطرفة في أوساط الأغلبية المسلمة المنتمية الى قومية الويغور, ذات الحضور الديموغرافي في المنطقة (60% من عدد السكان), وإن كانوا وخصوصاً نائب رئيسة الأكاديمية والمتخصّص في الشؤون الدينية الدكتور «ما بنيان», مؤلف كتاب واسع الشهرة عن المسلمين والموسوم «المسلمون في الصين» اصدرته الحكومة الصينية العام الماضي, يرون أن أتباع ديانات أخرى يعيشون في المنطقة مثل البوذيين، والبوذيين من التبِت والمسيحيين بمختلف طوائفهم و»الطاوية»، ما يعني أن ما يجب أن يسود ويكون بديلاً عن التوتر القائم هذا, والذي قد ينسحب على «طوائف دينية» أخرى, يجب ان يكون التناغم والحوار بين الأديان, وليس العنف أو التطرف أو احتكار الحقيقة وبخاصة أن «الويغور» يتمتعون بحرية العبادة الكاملة ويقومون بأداء فريضة الحج كل عام،كما يتم إبتعاث أعداد من الطلبة ولأئمة الى الأزهر لاستكمال دراستهم, في الوقت نفسه الذي يحرص فيه أركان الأكاديمية التأكيد على أن التطرف انتقل الى منطقة شينجيانغ في ثمانينيات القرن الماضي, أما الإرهاب فقد ازداد خلال التسعينيات, وان هذا «الإرهاب» لا يمكن حصره في أي ديانة, وعلى دعاة الانفصال وممارسي الإرهاب في المنطقة ان يتخلوا عن أوهامهم, لأن الانفصال ليس فقط مرفوض من كل القوميات، بل غالبية المسلمين «الويغور»... تُعارِضه.
 
هنا يمكن التوقف عند ما يلحظه الزائر, وقد زرنا أكثر من خمس محافظات في منطقة الحكم الذاتي لقومية الويغور, ما هي حال و حقيقة أوضاع العاصمة ارومتشي, التي كنت اتوقع ونحن في الطريق اليها جواً، أن أرى عاصمة متواضِعة, بلا خدمات أو بنى تحتية ومواصلات مُتعبة، لا تزيد عن كونها مجرد بلدة كبيرة، نظراً لكثرة ما سمعت وقرأت من خلال بعض وسائل الإعلام العربية التي تُبالغ (اقرأ تُفبرِك) الكثير من الحقائق وتخلط الأمور، فإذا بي اهبط وأتجول راجلاً وبالسيارة في عاصمة متطورة جداً، أكاد لا أبالغ إذا ما قلت انها تتفوق وأكثر جمالاً من معظم العواصم العربية و بعض الإسلامية, في عمرانها ونشاطها وحداثتها وشبكة مواصلاتها المدهِشة والمنسابة بلا ضجيج أو أزمات مرورية حادّة، وشوارع نظيفة ومكاتب لشركات عالمية ومشروعات اسكان ضخمة, تُباع شققها في سرعة لافتة، فضلاً عن متاحفها ومسارحها وحدائقها وغيرها مما يميز العواصم والمدن الكبرى المعروفة.
 
هنا أيضاً يرى المرء في محافظات المنطقة, نهضة واضحة وعمليات سباق مع الزمن تبذلها حكومة المنطقة وبدعم مالي كبير مُعترَف به منها, يأتيها من الحكومة المركزية, لإخراج ريف المحافظات من حال الفقر التي يعيشها, حيث العمل جارٍ على إزالة ما تبقى من «بيوت الطين»، التي ميزت الريف الصيني وتقوم الحكومة المحلية بدفع مبالغ «سخِيّة» لكل أسرة ريفية(تصل إلى ستماية ألف يوان ) لتحديث منزلها أو مقابل هدم المنزل لإقامة مشروعات ترفيهية للسكّان, تخدم البيئة وتجذب الاستثمار، حيث يتفق باحِثو الأكاديمية, على أن الإرهاب والتطرف الذي يمارسه دعاة الانفصال, انما يحول دون قدوم المستثمرين حتى من الشركات الصينية نفسها أو أصحاب رؤوس الأموال والشركات الأجنبية، لانهم يخافون على استثماراتهم وبخاصة في «جنوب» منطقة الحكم الذاتي حيث أغلبية الويغور, والذي هو أقل نمواً وتطوراً من الشمال – باعترافهم – بسبب التوترات الناتجة عن خطاب المتطرفين، ناهيك عن حقيقة ان مستوى معيشة المسلمين في شينجيانغ قد ارتفع في السنوات الأخيرة وبخاصة بعد العام 2014 حيث بلغ الدخل الاجمالي للفرد من الريف 10 آلاف يوان, اما في المدن فهو مضاعف (20 ألف) لأسباب معروفة. كما يقف الحزب الشيوعي الحاكِم خلف قرار زيادة الاستثمار في المنطقة، وتحسين مستوى الحياة, وخصوصاً في قطاعي التعليم والتوظيف, حيث تُولي الحكومة المركزية أهمية كبيرة لتطوير الأقليات, وكما هو معروف فإن الطبابة والتعليم في الأرياف مجاني بالكامل.
 
يبقى السؤال الذي يواجه الصين، كما غيرها من الدول التي تعاني الارهاب والتطرف وخطاب الكراهية والتحريض، هو كيفية مواجهة هذه الآفة, التي لم تعد مشكلة محلية خاصة بدولة ما, بل باتت عالمية تستدعي تعاوناً وتنسيقاً وتبادلاً للمعلومات بين الدول ذات المصلحة الحقيقية في وجه الإرهاب, وليس تلك التي تُوظِّف الإرهاب لِخدمة مصالحها الاستراتيجية وبسط الهيمنة واسقاط الأنظمة ونشر الفوضى، وهذا لا يتأتى إلاً في العمل بلا كلل, من أجل إنهاء الأسس الفكرية للإرهاب والتطرف – كما بات مؤكداً – هو الأساس الفكري لخطاب الإرهابيين وارتكاباتهم الوحشية.
 
في السطر الأخير...يُدرك سكان منطقة شينجيانغ... الويغور, كما غيرهم من القوميات الاخرى في منطقة الحكم الذاتي, ان المستقبل «الزاهر» مفتوح أمامهم على اتساع أُفقِه, إذ انها ستكون المركز المحوري لمبادرة طريق الحرير, وحكومة الإقليم هي التي ستتولى «بناء» هذا المركز, وهي التي ستُمسك بزمام الأمور تحت اشراف الحكومة المركزية, حيث هي آخر «نقطة» حدودية صينية (تقع في الشمال الغربي للصين) ينطلق منها طريق الحرير الجديد, باتجاه آسيا وأوروبا وإفريقيا.
 
.. للحديث صلة.
 
kharroub@jpf.com.jo