Friday 10th of May 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Feb-2020

ترمب ونتانياهو.. والرهان على التطرف اليميني*فادي أبو بكر

 الراي

لا يمكن فصل إعلان ما يسمى بـ «صفقة القرن» الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 28 كانون الثاني 2020، عن الدوافع الشخصية لكل من ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، خصوصاً وأن هذا الإعلان يأتي بالتزامن مع مواجهة ترمب ونتانياهو لاتهامات خطيرة، فالأول بدأت محاكمته في نفس يوم إعلان الصفقة في مجلس الشيوخ بتهمة إساءة استخدام السلطة الرئاسية وعرقلة عمل الكونغرس، والثاني متهم في ثلاث قضايا فساد وسيُجري الكنيست مداولات حول حصانته من هذه التهم من عدمها. وعليه يمكن القول أن تعجيل إعلان هذه الصفقة يأتي?أيضاً من منطلق تحالف ترمب ونتانياهو على أساس المصير الشخصي والسياسي المشترك.
 
صادف إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن تفاصيل «صفقة القرن» في نفس اليوم الذي بدأت فيه إجراءات محاكمته في مجلس الشيوخ، ليُبعد أنظار الإعلام عن موضوع عزله وتوجيهه نحو «صفقة القرن»، إلى جانب استمالة اللوبي الصهيوني الفاعل في الولايات المتحدة الأميركية في سبيل دعمه في مجلس الشيوخ.
 
وعلى الرغم من رفض مجلس الشيوخ الأميركي الجمعة 31 كانون الثاني/ يناير 2020 بأغلبية ضئيلة (51 مقابل 49) استدعاء شهود أو عرض وثائق جديدة في المحاكمة الجارية للرئيس ترمب، ممهداً بذلك الطريق أمام إجراء تصويت نهائي الأربعاء 5 شباط 2020، يُتوقع أن يتم خلاله تبرئة ترمب من التهمتين الموجهتين إليه، إلا أن ذلك لا يعني أنه خرج من دائرة الخطر السياسي، خصوصاً وأن المجلس أحبط جهود الديمقراطيين بصعوبة بالغة وبفارق صوتين فقط. إضافة إلى أن سيناتوريين جمهوريين هما ميت رومني وسوزان كولينز انقلبا على ترمب وصوتا مع الديمقراطيين?لصالح استدعاء الشهود والوثائق لكنّ صوتيهما لم يكونا كافيين للوصول إلى أغلبية الـ51 صوتاً لإقرار الطلب.
 
وفيما يخص نتانياهو فقد قام بسحب طلبه المقدم للكنيست بمنحه الحصانة من المحاكمة بتهم الفساد، مشيراً إلى أنه لا يريد أن تعرقل المداولات البرلمانية «صفقة القرن»، حيث أن نتانياهو يحاول استخدام هذه الصفقة كورقة تساعده في الانتخابات المقبلة وتمنع محاكمته في آن.
 
فلسطينياً، وعلى الرغم من الظروف والخيارات الصعبة التي تواجهها القيادة الفلسطينية، إلا أن هناك نقطة إيجابية على الأقل تتمثل في تغيّر المعادلة التي راهنت عليها «إسرائيل» طويلاً. حيث أن إعلان هذه الصفقة تضرب عامل الزمن في مقتل، لتبدو مقولة «من الحب ما قتل» أفضل توصيف لهذا الحب الترمبي الأعمى للكيان الإسرائيلي. فرغم الأوضاع الصعبة التي فرضتها الإدارة الأميركية على القيادة الفلسطينية، إلا أنها وفّرت عليها الكثير من المد والجزر في محادثات ومفاوضات طويلة الأمد لا تُسمن ولا تغني من جوع. حيث استراح الرئيس الفلسطيني?محمود عباس بعد غياب عامل الزمن، ليقول ((لا)) لأميركا و"إسرائيل» ولـ «صفقة القرن»، وليضع النقاط على الحروف، ويضع كافة دول العالم أمام مسؤولياتها التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني الذي ما زال يرزح تحت أطول وآخر احتلال في العالم.
 
يراهن كل من ترمب ونتانياهو على تطرفهما ويمينيتهما من أجل الخروج من مأزقهما الشخصي والسياسي، ويأتي ذلك انطلاقاً من قراءتهما لظاهرة اليمين المتطرف الآخذة في النمو والتصاعد في المجتمع الأميركي والإسرائيلي والغربي عموماً. وعليه فإن تاريخية اللحظة تفرض أن يخرج المجتمع الدولي بموقف موحد يؤكد ثوابت السلام العادل الذي لن تنعم المنطقة بالأمن والاستقرار دون تحقيقه على الأسس التي تضمن قبول الشعوب به ليكون دائماً وشاملاً، حيث أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم المتضررين من هذه الصفقة، وإن شرعية ومصداقية المجتمع الدولي على الم?ك، وستكون كل شعوب العالم ومصائرها مهددة مستقبلاً إن لم يتم لجم هذا الثنائي المجنون.
 
كاتب وباحث فلسطيني