Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Mar-2017

الحملة ! - د. لانا مامكغ
 
الراي - وضعت فنجانَ القهوة أمامه وهو منهمكٌ بالكتابة، اقتربت منه لتسأل بفضول: « أما زلتَ تنتقد ُالمسؤولَ نفسه؟»
 
فأجابها بحركةٍ من رأسه دون أن ينظرَ إليها، لتعلّق: «واحدٌ من الفاسدين... أليس كذلك ؟» فغمغم بكلامٍ لم تفهمه، لكنها أدركت أنه مشغولٌ جداً، ولا استعداد لديه لمحادثتها، فخرجت وهي تحرصُ على إغلاق الباب بهدوء... دون أن تقاومَ مشاعر لهفة له اجتاحتها فجأة... خطر لها أن تعود لتوصل الرّسالة الجميلة الطّارئة... فمنعها حياؤها !
 
في الأسبوع التّالي؛ وجدته يكتب مقالةً مطوّلة عن الشّخص نفسه، فلم تسأل هذه المرّة، واكتفت بأن قالت لنفسها: « يبدو أنّ الرّجل ضالعٌ في الفساد...» ثم غمرها شعورٌ بالفخر أنّها ارتبطت بشريكٍ جريء شجاعٍ و صاحبِ قلمٍ حرٍ نزيه...
 
بعدها بأيام، رأته جالساً يتابع باهتمام مقابلةً متلفزة للمسؤول نفسه، انضمّت إليه وتابعت اللقاء حتى نهايته لتقول: «للأمانة، كلامُه منطقي، لكنّه مختلفٌ عمّن سبقوه، يبدو أنّ لديه رؤية مغايرة في إدارة المؤسّسة... لكن هل تأكّدت أنه فاسد، أو غير كفؤ في إدارته ؟ ما هو دليلك؟»
 
نظرَ إليها باستهجان ليقول: «باختصار، أنا أمقتُ هذا المخلوق... وسأسعى لإزاحته بهذه الحملة الإعلامية... لا يهمّني إن كان مختلفاً أو نسخة عن غيره، يهمّني أن يغادرَ الموقع... هل فهمتِ ؟»
 
ردّت بهدوء: «لكنّها مقابلة عادية، وكلامٌ متوّقع في سياق الأسئلة التي وجّهت إليه...»
 
أجاب: « أنتِ مثالية ولا تدركين أسرارَ اللعبة... وهذه هي المِهنية في عملي التي لن تستطيعي فهمها، سأستلّ كلمةً أو عبارة ممّا قال، وأصيغُ بها تصريحاً نارّياً يستفزّ القارىءَ من جهة، وصانعَ القرار من جهةٍ أخرى حتى يتمّ المطلوب، ونرتاحَ منه بإذن الله !»
 
ولم تعلّق، بل مضت إلى شؤونها وقد ازدادت حيْرة...
 
مرّت مدّة، فعادت لتسأله: « ما أخبارُه ذاك الذي تمقت ؟ لتضيف ضاحكة: « أما زالت حملتُك عليه مستمرّة ؟»
 
فأجاب بزهو: «الحملة انتهت، ونلتُ المُراد... لقد عرضَ عليّ الانضمام إلى قسم الإعلام في المؤسسة مقابل مكافأةٍ مجزية !»
 
انطفأت ضحكتُها، وانسحبت من أمامه ساهمة ليشغلها سؤال: « أيّهما كان الأذكى؟ هو أم المسؤول ؟» لكن لم تجد في نفسها رغبةً بالإجابة... إذ شعرت بإنهاكٍ مفاجىء، فرمت نفسَها على أقرب مقعد لتواجه السّؤال الأشدّ مرارة: «أيّ منهما صغُر في نظرِها أكثر... المسؤول أم... ؟»
 
وانتفضت واقفة لتمضي وتبحث عن أمرٍ يشغلها قبل أن تصفعَها الإجابة !