Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Jan-2017

هاشميون في ارض الرباط - ابراهيم العجلوني

 

الراي - لا ريب أن الزمان قد استدار كهيئته يوم بعث الله رسوله بالهدى ودين للحق. فالناس اليوم ضلال في تلدد وحيرة وذهول, وحاطبون في فتنة مطبقة تحار فيها العقول, قد استهوتهم مآرب صغيرة ولبانات حقيرة, واستزلتهم العنجهية الحمقاء واستخفتهم الجاهلية الجهلاء فهم على حد قول الامام علي كرّم الله وجهه حيارى في زلزال من الامر وبلاء من الجهل, فهم مفتقرون الى هدي نبيهم الكريم «امام من اتقى, وبصيرة من اهتدى» كما نقبس من «نهج البلاغة» ومن «سيرته القصد, وسنّته الرشد, وكلامه الفصل, وحكمه العدل» كما نقبس منه ايضاً, وهم, وسائر الخلق في مشارق الارض ومغاربها مفتقرون كذلك الى هذا «السراج المنير» الذي صدع به الزمان من ازكى المنابت واعز الاصول.
 
وكما انجابت ظلمات الجاهلية الاولى للعرب بأنوار هذا السراج لأول التنزيل مبعث الرسول فإن ظلمات الجاهلية المستحكمة اليوم في العالم كله لن تنجاب الا بأنواره, وهذا هو معنى استدارة الزمان وتشاكل الحدثان على نحو ما كان في فجر الاسلام. وهذا ما نرى في ضوئه عظم المسؤولية على العرب دون الامم, وعلى أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيرهم, وعلى الهاشميين الذين ألقوا رحالهم في هذا البلد العربي الامين الذي شرف بأن يكون معسكر الفتح الاسلامي الاول وملتقى المرابطين في سبيل الله في اكناف بيت المقدس..
 
نقول هذا ونحن نستذكر بعض ما قيل في الفضل المستفيض لقريش وبني هاشم, نحو قوله صلى الله عليه وسلم: «قدّموا قريشاً ولا تَقْدُموها» وقوله: «إن الهو اصطفى من العرب مجداً, واصطفى من معد بني النضر بن كنانة, واصطفى هاشماً من بني النضر, واصطفاني من بني هاشم» وقوله: «إن جبرائيل عليه السلام قال لي: يا محمد قد طفت الارض شرقاً وغرباً, فلم اجد فيها اكرم منك, ولا بيتاً اكرم من بني هاشم» وقوله: «إن الله نقلنا من الاصلاب الطاهرة الى الارحام الزكية» الى غير ذلك مما تأتنس به الروح من سجايا هذه الارومة المباركة, من مثل قول الشاعر العربي القديم:
 
يا ايها الرجل المحوّل رحله
 
هلاّ نزلت بآل عبد مناف
 
عمرو العلا هشم الثريد لقومه
 
ورجال مكّة مسنتون عجاف
 
وكما يقول ابن ابي الحديد في شرحه لنهج البلاغة, فإن الاخبار الواردة في فضائل قريش, وأول ذلك نزول القرآن الكريم بلغتها, كثيرة جداً, وشرفهم لا يطاول, والناس تبع لهم ما بقي في الناس ايمان واسلام.. ويكفي في مقامنا هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أذلّ الله من اذلّ قريشاً» وقوله: «والله لا يبغضكم احد الا اكبّه الله على منخريه في النار» وقوله: «إنه لا يبغض احد اهلي الا حرمه الله الجنة».
 
ان من نعم الله علينا في هذا الحمى العربي انه قد استقر بين ظهرانينا قبس من النبوة, وجذوة من صادق الايمان, وثلّة شريفة من عترة النبي, نتنوّر سجاياها الحسان, ونشرف بصحبتها, ونفاخر الدنيا بذلك.
 
وستظل العلاقة الحميمة بين الهاشميين وبين ابناء الاردن انموذجاً مرموقاً, ومثلاً نادراً, وأسوة حسنة, ناهيك بها ضرباً من تجليات المحبة لله سبحانه ولرسوله, وبرهاناً أي برهان على تمام فضل الله على هذه البقعة المباركة وعلى أهلها ومن تهوي افئدتهم اليها من العرب والمسلمين..
 
كلام نقوله مخلصين صادقين, ونصدع به واضح النبرة في العالمين.
 
وهو اقرب الى أن يكون, في أيامنا الصعبة هذه فصل خطاب..
 
أو أن يكون دعاء في محراب..