Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Dec-2016

ويسألونك عن «الهيئة».. والائتلاف والحكومة المؤقتة والمجلس! - محمد خروب

 

الراي - تلاشت كل الهياكل الخشبية التي تم تصنيعها في الغرف السوداء واروقة الفنادق الفخمة من اجل تسليم «ثوارها» الحُكم في سوريا, ولم تعد ثمة حاجة لدى «اصدقاء» سوريا وداعمي «ثورتها», حاجة لكل هؤلاء الذين اسبغوا عليهم صفة الابطال ومحرري الشعب السوري ونواة العصر الجديد, الذي سيأتي لسوريا بالديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الانسان وقِيَم المواطنة وحكم القانون.
 
كل هؤلاء.. تم رَكلُهم وإن تبقت ثمة حاجة لهم في ربع الساعة الاخيرة التي تسبق الهزيمة الكبرى, كي يَظهروا على وسائل الإعلام لاستنقاذ بعض رعاتهم واختراع أكاذيب وتبريرات تحفظ لهم بعضاً من ماء الوجه الذي اهدروه بـ»كَرَم» غير معهود، وفي رهان خاسر على عصابات لا تتقن سوى القتل والذبح والتكفير والتفريق بين اتباع الدين الواحد, و»الشبق» المَرَضِي لاكتناز الاموال وسبي النساء وتدمير رموز التراث والحضارة وقتل كل اسباب الحياة, في الوقت الذي لا يتورعون فيه عن المس بكل ثوابت الامة الوطنية والقومية, واعتبار اسرائيل (وحاميتها الاولى في العالم الام الحنون اميركا) حليفة وعونا للثورة والثوار(كمال اللبواني وفهد المصري مُنسِّق «جبهة الإنقاذ «) الذين استفاقوا على اجواء داعمة وسماوات وطرق خلفِية, تهطل اموالا واسلحة وخبراء واجهزة اتصالات واستخبارات وتخطيط, بدت في السنوات الخمس الماضية وكأنها – وهي كذلك – ساحة حرب عالمية مُصغَّرة, تستهدف بلدا يبدو صغيرا او متوسط الحجم في الديموغرافيا والجغرافيا إلاّ انه في «الجيواستراتيجيا» عظيم الاهمية للمنطقة والعالم, في السلم وفي الحرب على حد سواء. 
 
وفيما تقترب معركة حلب الكبرى من نهايتها المحتومة وتلوح في الافق هزيمة مدوية للارهابيين في ما تبقى من احيائها الشرقية, والهزيمة الأوجع لمعسكر الاصدقاء والداعمين والممولين والمُسلّحِين, تتساءل بعض الاوساط عمّا لحق بالأبواق والأزلام والأدوات التي طفت ذات فترة على سطح المشهد الاعلامي, وقامت بغزوة مُنسّْقَة وصاخبة على الشاشات والمؤتمرات والندوات, وتم توصيفها بأسماء كبيرة، تصوَّر كثيرون انه لم يعد يفصِل بين هؤلاء وبين الدخول الى دمشق دخول الفاتحين في مواكب الثورة المُنتصِرة, سوى ايام او اشهر معدودات، فاذا بهم الآن يلوذون بالصمت ويتوارون خجلا, بعد ان سقطوا في اختبار النتيجة, ولم يعد امامهم سوى الاستنجاد بالعالم»الحُرّ» كي ينقذ حلب «الشهيدة» من الدمار الذي يلحق بها, دون ان يرف لهم رمش او يُصاب احدهم بالخجل او التعَرُّق جراء سلسلة الاكاذيب التي يَضُخّها من المكاتب الوثيرة والإقامات الفارهة التي وفرتها لهم العواصم الاقليمية, والتسهيلات التي قدمتها لهم الاجهزة الاستخبارية الدولية، دون ان ينسوا لفرط صَلَفِهم وسذاجتهم, الحديث عن «التزامهم العملية السلمية التفاوضية المؤدية الى الانتقال السياسي في البلاد، وِفق قرارات دولية ذات صلة «على النحو الذي جاء في بيان «الهيئة العليا» للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض، في ختام الاجتماع «الدوري» الذي عقدته يومي الجمعة والسبت الماضيين.
 
نحن إذاً أمام معارضة مُتكلَّسة ومأزومة, ليس فقط غير قادرة على مغادرة المربع الذي اجلسها فيه الرعاة والاصدقاء والممولون, منذ ان تم اختراع هذه الهيئة وتوصيفها بانها الممثل «الوحيد» للمعارضات السورية التي تناسلت كالبكتيريا منذ خمس سنوات ونيف، وانما ايضا في انعدام خيالها السياسي وعقم خطابها الاعلامي وفشلها في اغتنام الفُرص و»العروض» التي قُدِّمَت لها, في فترات ظن هؤلاء وداعموهم ان بمقدورهم تحقيق «عُروضٍ» افضل, بعد رهاناتهم التي لم تتوقف على الحلول العسكرية, وتكرُّس الاوهام لديهم, بان مجرد وجود هذه «العروض» يعني ان الطرف الاخر يستشعر هزيمة وأُفولا قريبا, وان المدة «قصيرة» في الحسابات الزمنية, الى ان انقلب السحِر على الساحر, ووجد رهط الاصدقاء والمتربصين بسوريا, الدولة والشعب والجغرافيا, انفسهم في سلسلة مآزق لا تنتهي, بعد ان دفعوا فرسان «الهيئة» ومفاوضيها الى الانسحاب من جنيف والتلويح بالتصعيد والتهديد بالاجتياحات والمزيد من الغزوات والمعارك التي تستلهم اسماء قادة ومعارك تاريخية سابقة، صمّموا عن قصد (وجهالة ايضا), على عدم قراءة ظروفها وتداعياتها واسبابها في تلك الازمان والحقب الغابرة, وارادوا ان يعيدونا وإياهم, الى تلك الايام البائدة التي.. لن تعود.
 
في السطر الاخير... ليس ثمة اوهام بان الحل الاخير و»النهائي» للأزمة السورية لن يكون إلاّ «سياسياً» وبأيدي السوريين انفسهم ولأنفسهم, وليس بأي مقاربة او اساليب اخرى وخصوصا العسكري منها، لأن تطورات معركة حلب وما حدث في غوطتي دمشق واريافها, يجب وبالضرورة ان يضع هياكل المُعارَضات المُصطَنعة وخصوصا العواصم الداعمة لهم اقليميا (وبعض الدولي)... امام ساعة الحقيقة, وان يتخلوا عن اوهامهم وسرديتهم المُتهافتة وان يثوبوا الى رشدهم, وان يوقِفوا كل محاولات واساليب التسليح والتأليب والتحشيد المذهبي والطائفي التي لا طائل من ورائها، فقد انتهت (أو أوشكت) اللعبة القذِرة التي حاولوا فرض قواعدها غير القابلة للتطبيق, وان يُعلِنوا ان ما سبق لن يعود، وان يتخلّْوا عن مخططاتهم وخصوصاً إرهابهم, وليرفع داعموهم ايديهم عن سوريا, ويتركوا لشعبها ان يُقرِّر مستقبله، بيده وإرادته, دون تدخُّل من قوى الشرّ المتربِصة به, الإقليمية منها على وجه الخصوص.
 
kharroub@jpf.com.jo