Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Apr-2017

مفاهيم تربوية وتعليمية يعوزها التحديث - يوسف عبدالله محمود
 
الراي - الفكر الانساني فكر معرفي بامتياز، بمعنى انه يتجاوز «الضبابية»، منفتح على القيم الانسانية التي تخدم طموحات الانسان، لا يخضع الفكر الانساني الخلاّق لرغبات السُّلط الحاكمة او المحافظين من رجالات الدين الذين يريدونه وفق مقاساتهم وأهوائهم، اما «الحرية» فهي الفضاء الذي لا غنى عنه لإبدعات هذا الفكر.
 
قبل رحيله عن عالمنا اتيح لي ان أحاور عالم «التربية المقارنة» والمفكر الراحل أ.د. محمد جواد رضا الحائز على عدة جوائز عربية تقديرية منها جائزة المنظمة العربية للتربية والثقافية والعلوم لسنة 2000. سألته في البداية عن تقييمه للتعليم الجيد، فكان جوابه: «التعليم الجيد سيكون من الآن فصاعداً (عملاً معرفياً) بمعنى انه سيُدار على أساس (مبدأ العمل/ المعرفة)، اي ان التعليم الحقيقي هو الذي تتحقق المعرفة بموجبه عند المتعلم من خلال العمل.
 
كما ان تمييز العمل نفسه معرفياً يجب ان يُثري صاحبه بالمعرفة المتعلقة بعمله، وبالمنطق نفسه، فإن المعلمين الناجحين سيتحولون بالضرورة الى «مبتكرين» و»قادة» في وقت معاً.
 
وحين سألته: كيف يمكننا في مجتمعاتنا تأسيس «تربية إبداعية» كانت إجابته: «علينا قبل كل شيء تحرير «التربية العربية» من أوهام متغلغلة في بنية مجتمعاتنا العربية والاسلامية وهي:
 
وهم الهوية المستعارة من التاريح وليس من ابداعات الاحياء.
 
وهم أعلوية «الفكر الغيبي» على الفكر العلمي التجريبي.
 
وهم الخوف من «الحداثة» و»الديمقراطية».
 
وهم الاحساس باضطهاد العالم للعرب.
 
وفيما يخص «التربية» السياسية» التي مع الأسف ما زالت لم تأخذ حقها من الاهتمام في مجتمعاتنا لأسباب باتت معروفة، قال د. محمد جواد رضا: «إن التربية السياسية شأنها شأن التربيات الأخرى، هي في النهاية قضية «تعليم وتعلّم»، وما لم تتجذر مبادئ «المواطنة» وأخلاقياتها عند المتعلمين فلا أمل في بناء هذه «التربية السياسية» السليمة». وأضاف قائلاً: «إن اكبر تحدٍّ يواجه هذه التربية السياسية هو افتقار مجتمعاتنا الى «الحرية».
 
وفي رده على الأساليب التقليدية المتبعة في قتل الفكر الأصيل عند المتعلم قال: «انه اسلوب «تضبيب» befog المسائل المطروحة على عقل المتعلم، ومحاولة إقناعة ان المشاكل الاجتماعية هي فوق مستوى ادراكه الآن!، وعليه ان ينتظر حتى يبلغ مستوى إدراكها!. يقع هذا في وقت تكون فيه هذه المسائل بسيطة جداً وهي لا تقع فوق اداركه كمتعلم!».
 
وفي اجابته حول سلوكنا الاجتماعي كعرب قال: «في مجتمعاتنا العربية بصفة عامة يتميز هذا السلوك بدرجة عالية من «الحدّية» فالأشياء عندنا إما «خطأ» وإما «صواب» ولا مكان لمنزلة بين المنزلتين! التعاون المرن نفتقر اليه في سلوكنا الاجتماعي».
 
وحين سألته: كيف يمكن جعل اللغة أداة فكرية لا مجرد صورة لفظية؟ قال: «يتم ذلك حين تصبح اللغة أداة فكرية فاعلة ينتظمها نظام داخلي للتفكير وحين تتحول الى مجموعة من النظم الرمزية الداخلية يستجيب لها عقل الانسان، عندها يصبح لديه لغتان: لغة خارجية يخاطب بها الآخرين، ولغة داخلية يحاور بها نفسه ويبني بها فكرته عن العالم او رؤيته له، وقدر من الوضوح والثبات، تتحدد لغة حواره مع الخارج».
 
وفي ختام حواري معه سألته: الى ماذا تعزون شيوع «المنهج اللانقدي» في اوساط العديد من المثقفين العرب؟ أجاب: «ان المنهج اللانقدي، الذي يترسخ ثم يزدهر ويتجسد في عقل «لا نقدي» يصدر غالباً عن «الخوف». الخوف من السلطة السياسية التي تريد من المثقف او الكاتب ولاءً غير مشروط. وهناك الارهاب العامل في الظل. رجل الدين الذي يتهمك بالمروق من الدين لاختلافك معه في الرأي، ليس ارحم من رجل المخابرات الذي يتهمك بعدم الولاء للنظام السياسي الذي يدفع له مرتبه الشهري».
 
رحم الله هذا العالم والمفكر المتسنير، فقد اضاء بمفرداته الكثير من القضايا المتعلقة بحياتنا. جريئاً كان وهو يتناولها. وكما اعلم فجرأته وصراحته سببت له الكثير من المشاكل، ولكنه ظل صامداً متمسكاً بقناعاته الفكرية.
 
رحم الله أ.د. محمد جواد رضا.
 
robroy0232@yahoo.com