Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Jun-2020

«في طريق الحداثة» لنايف العجلوني: الحداثة وإرهاصاتها في الشعر العربي المعاصر

 القدس العربي-نضال القاسم

يعد نايف العجلوني أستاذ الأدب العربي في جامعة اليرموك، خلال الفترة 1985- 2017 أحد أهم النقاد الأكاديميين، من خلال المؤلفات والدراسات النقدية، ويأتي عمله «في طريق الحداثة» ليثير الكثير من الجدل والنقاشات، حيث تضعنا موضوعاته أمام قضية مهمة (الحداثة)، وبداياتها في العالم العربي، وتفحصها نظرياً وتطبيقياً ونقدياً، إضافة إلى مناقشة ملامح هذه الحداثة مع طائفة من التجارب الحداثية والشعرية والنقدية في الأدب العربي الحديث، من خلال أعمال نزار قباني، إيليا أبو ماضي، فدوى طوقان، إدوارد حداد، ومصطفى وهبي التل.
 
خطة الكتاب
 
ما بين التنظير والتطبيق جاءت محاور الكتاب، فبعنوان «الحداثة والحداثية: المصطلح والمفهوم»، عالجت الدراسة إشكاليات الحداثة والتحديث والحداثية وما يتصل بها، اصطلاحاً ومفهوماً، باعتبارها سلسلة ذات حلقات متشابكة، في سياق موضوعي تاريخي محدد. أما المحور الثاني فجاء بعنوان «النص والقارئ في النقد الحديث»، متناولاً جوانب متعددة من إشكالية النص والقارئ في النقد الحديث، ثم انتقل الباحث إلى مناقشة جدل الذات والموضوع، بوصفه الأساس الفلسفي الذي انبثقت عنه اتجاهات القراءة والتلقي. كما توقف كذلك عند مفهوم القراءة الجديدة الذي تمخض عن فهم أعمق للنص والذات معاً، وعن طرق جديدة في فهم العالم وتأويله. أما المحور الثالث فعنوانه «جدلية المباعدة والملاءمة: دراسة في قراءة النصوص والحوار مع الذات والآخر»، وتستند أطروحة هذه الدراسة إلى الجدل الحيوي النشيط بين فعاليتي «المباعدة» و«الملاءمة» اللتين يحققهما القارئ في تلقيه للنص عامة، والنص الأدبي على وجه الخصوص.
فيما جاء المحور الرابع تحت عنوان «حوار المناهج في قراءة النص الأدبي: تحليل الخطاب نموذجاً»، وتستند هذه الدراسة إلى فكرة مفادها أن العلاقة بين المناهج النقدية المختلفة – في قراءتها للنص الأدبي- تقوم على أساس التجاور والتفاعل والتراسل، لا على أساس التباعد والتنافر والإقصاء.
 
الرؤية الحداثية في شعر نزار قباني
 
أما بقية المحاور فهي بمثابة دراسات تطبيقية تناولت بعض التجارب الشعرية، أولها جاء بعنوان «الرؤية الحداثية في شعر نزار قباني»، وقد سلطّ الباحث الضوء على بعض الملامح البارزة في تجربة الشاعر كنموذج حداثي مختلف عن بعض الأنماط الحداثية الأخرى لمجايليه من الشعراء العرب المعاصرين، فهو شاعرٌ غزير الإنتاج. كان يمتاز بانحيازه المطلق للمرأة. ويرى الباحث في ختام دراسته أن تجربة نزار قباني استبقت منذ بواكيرها الأولى في ديوانه الأول «قالت لي السمراء» 1944، البداية الرسمية للقصيدة العربية الحداثية، بما انطوت عليه من تحوّلات أساسية في الرؤية، والموقف ولغة التعبير. وقد اشتركت هذه التجربة مع «الحداثة» الغربية والعالمية في الخروج على كثير من التقاليد والمسلّمات الجمالية والمعرفية السابقة، إذ كان شغلها الأساسي مكرّساً للانخراط في هموم الواقع المعاصر وتحوّلاته في شتى المجالات. كما اشتركت مع الحداثة العالمية في كونها ـ بالدرجة الأولى ـ فنّاً مدينياً يعكس هموم الناس وتطلّعاتهم في المدينة المعاصرة.
 
ما بين التنظير والتطبيق جاءت محاور الكتاب، فبعنوان «الحداثة والحداثية: المصطلح والمفهوم»، عالجت الدراسة إشكاليات الحداثة والتحديث والحداثية وما يتصل بها، اصطلاحاً ومفهوماً، باعتبارها سلسلة ذات حلقات متشابكة، في سياق موضوعي تاريخي محدد.
 
الإرهاصات الحداثية في ديوان «الجداول»
 
تحت هذا العنوان جاءت الدراسة الثانية، محاولة أن تتبين بعض السمات والعناصر الحداثية التي أرستها حركة الرومانسية العربية في النصف الأول من القرن العشرين، ما أفضى لاحقاً إلى اكتمال حلقات الحداثة ممثلة ـ بصورة خاصة ـ في حركة الشعر الحر. وقد اقتضى منهج الدراسة الربط بين مفاهيم «الحداثة» و«الحداثية» في السياقين العربي والغربي. فقد نضجت تجربة إيليا أبو ماضي الشعرية بعد أن توطّدت صلته بأدباء الرابطة القلمية في المهجر الشمالي، متأثرة على نحو مباشر وغير مباشر بمناخ الثقافة والحياة الأمريكي. ولكن هذا الأثر الغربي في شعره لم يعطّل الأثر الأصيل لتراثه العربي والشرقي، الذي نشأ وترعرع في كنفه. ويخلص الباحث إلى نتيجة مفادها أن تجربة أبي ماضي تعد مثالاً بارزاً لخط التواصل الأدبي المستمر في حركة الشعر العربي، من الرومانسية إلى الحداثة، كما تعد مثالاً للاتجاه الفني الطليعي الذي يظل وفياً لتراثه الخاص، ولا يقع في دائرة الاستلاب والاغتراب، على الرغم من تعرضه المباشر لرياح المؤثرات الغربية. وقد كان لمشاركة الشاعر مع رفاقه في «الرابطة القلمية»، في قلب العالم الجديد، دور مهم في تحديث بنية القصيدة العربية على مستوى الرؤية والموقف واللغة والإيقاع.
 
السيرة الذاتية لفدوى طوقان
 
الدراسة الثالثة جاءت بعوان «السيرة الذاتية لفدوى طوقان: الشخصي والسياسي والأدبي)، متناولة سيرة فدوى طوقان الذاتية «رحلة جبلية رحلة صعبة» باعتبارها عملاً أدبياً ينطوي على أبعاد متداخلة يتشابك فيها الفني مع الشخصي والاجتماعي والسياسي تشابكاً وثيقاً، لا يمكن معه فصل هذه الأبعاد بعضها عن بعض. ومن خلالها تم تناول التطور الفكري لفدوى طوقان، فالدراسة هنا انطلقت من توجه نقدي يربط النص بالتاريخ، أي أنه يربط التجربة الأدبية بالأحداث والظروف والمعطيات السياسية والاجتماعية والفكرية المحيطة. ويرى الباحث أن الشاعرة قد أمسكت في «رحلة جبلية» ببعض الأساليب التعبيرية الجديدة التي ساعدت على تجسيد تجربتها المتطورة بلغة مشرقة وشفافة، وأفضت إلى مزيد من خيوط الكشف والصراحة في هذه التجربة، وقد استطاعت من خلال كتابة سيرتها الذاتية أن تصنع لنفسها حيزاً أدبياً جديداً، ليس فقط بين الأدباء العرب، بل كذلك بين الأديبات العربيات المعاصرات، اللاتي ساهمن في مثل هذا اللون الجديد من الكتابة.
 
ملامح الحداثة في شعر إدوارد حداد
 
ويرى الباحث أن تجربة الشاعر الأردني الراحل إدوارد حداد تشترك مع حركة الشعر الحر في أبرز ملامحها وأكثرها حداثة، من حيث الرؤية والمضمون واللغة، والصورة والتشكيل الإيقاعي. وقد تتبع الباحث في دراسته لتجربة الشاعر إدوارد حداد بعض الملامح الأساسية، ولاسيما ما انعكس فيها من سمات وجودية وسيريالية ورمزية، وما انشغلت به من قضايا فلسفية وفكرية وهموم سياسية واجتماعية، فضلاً عن الهموم الفردية والذاتية التي تماهت ـ في الغالب الأعم ـ مع الهموم الإنسانية والقومية والمحلية، وهي تجربة حداثية تقع في قلب حركة الشعر العربي الحديث في الأردن، كما في العالم العربي، وتشترك مع هذه الحركة في كثير من ملامحها وإنجازاتها الرئيسية، من حيث الرؤية والموقف من الإنسان والعالم، ومن حيث التطلع باستمرار إلى عالم حديث وقيم حديثة متجددة.
 
لغة الحياة اليومية في شعر عرار
 
وتأتي الدراسة الأخيرة بعنوان «الاقتراب من لغة الحياة اليومية في شعر عرار»، وقد ركزّت على أبرز السمات الأسلوبية في قصيدة «بين الخرابيش» للشاعر مصطفى وهبي التل، حيث تناول الباحث مسألة المزاوجة الواضحة بين أساليب عرار اللغوية، التي تمتح من المخزون التراثي، وأساليبه الأخرى التي تعتمد على مصادر محلية معاصرة وتضفي على لغته نكهة شعبية محببة، وتقربها من لغة الحياة اليومية الدارجة، ويرى الباحث في ختام دراسته أن تجربة (عرار) تمتاز بهذه السمة الأسلوبية الدينامية، التي يتمازج فيها المخزون التراثي والشكل التقليدي للقصيدة العربية مع لغة الحياة والمجتمع والناس، فتتولد عن هذا التمازج والانصهار لغة عرارية بينة الفرادة والخصوصية. وهي لغة، في إحدى سماتها الأسلوبية البارزة، ذات نكهة شعبية أردنية تحكي لغة الحياة اليومية الدارجة. ولعل من البين أن هذا الملمح الأسلوبي ينطوي على إرهاص واضح لحركة الحداثة في الشعر العربي المعاصر، ولاسيما في انقلابها على جزالة اللغة الكلاسيكية واقترابها من لغة الحديث اليومي. وهي، كما يرى الباحث، سمة يشترك فيها الشعر العربي الحديث مع غيره من تيارات الحداثة الشعرية في العالم.
 
٭ كاتب أردني