Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Nov-2017

الأردن.. أيقونة القوة - فيصل ملكاوي

 الراي - استطاع الاردن بكفاءة تجاوز تحديات المنطقة العاصفة من حوله وعلى مدار العقود الماضية عاصفة تلو اخرى ، وصراعا بعد اخر ، بنموذج اعتمد وصفة ذاتية نابعة من الداخل اعتمدت نهج التسامح والاصلاح وثقافة الامل والاعتماد على الذات والتي تناسب التجربة الاردنية وكانت طريقا ونبراسا للنجاح في تجاوز التحديات المختلفة الامنية والسياسية والاقتصادية والتي جاء جلها من الاقليم الملتهب او كتداعيات لازماته وصراعاته التي لا تتوقف والتي لا يبدو في الافق المنظور ان هناك نهايات لها بل على الارجح ان المنطقة مرشحة الى المزيد منها وربما باشكال اشد واكثر خطورة.

والتجربة الاردنية التي يعززها نموذج صلب من الارادة الكاملة لمواصلة المسيرة والمضي دوما الى بر الامان حافلة بالامثلة التي مثلت قصص نجاح في الوصول الى بر الامان بل ومواصلة المسيرة والمبادرة ازاء قضايا المنطقة المختلفة وعلى راسها القضية الفلسطينية القضية المركزية ، والتي تعد قضية اردنية بامتياز ولا يقبل الاردن سوى بحلها على اساس قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران من العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
 
ومع ان الاردن يقع في عين العاصفة والحدود من حوله ملتهبة في سوريا حتى هذه المرحلة بعد سبع سنوات من الصراع المميت والمدمر ، والذي اصبح ساحة لكافة اللاعبين في الاقليم ومن الساحة الدولية وقبل ذلك الازمة الطويلة في العراق التي يتعافى منها في هذه المرحلة خاصة بعد هزيمة داعش الارهابي الذي وقف الاردن في مقدمة الصفوف في هذه الحرب وحسمها ويؤكد على مواصلة خوضها على جبهاتها بشمولية وعدم التوقف عند النصر في الميدان العسكري حتى يتم استئصال هذا الداء الخبيث تماما الذي استشرى في المنطقة والعالم ولم يترك من شرره احد. وفي خضم الاشتعال المتزايد لحرائق المنطقة بعد ما سمي بالربيع العربي والذي خلف دمارا هائلا ، وانقسامات وحروب اهلية وعدم استقرار في المنطقة برمتها ، فان الاردن بقي يمسك بزمام المبادرة ، واستوعب بنموذجه الذاتي الذي قام على وصفة الاصلاح الشاملة ، والذي شرع به الاردن مبكرا وتدرج بها ونفذ استحقاقاتها على ارض الواقع وعبر اجراء مراجعات معمقة استبدلت قوانين كثيرة وتعديلات دستورية وفي الوقت الذي نادى به البعض في العودة الى الخمسينات في المسالة الدستورية تقدم الاردن الى الامام في نظرة متفائلة الى المستقبل وثقة بالنجاح ، وعدم الخشية من الاصلاح بل واعتباره فرصة للتقدم في حين كانت نتائج رفض الاصلاح كارثية وجعلت دولا عديدة في المنطقة تنزلق الى اتون الصراعات والحروب الاهلية التي نشهد نتائجها الكارثية كل يوم.
وان كانت انواء وحرائق المنطقة التهمت دول واطاحت بانظمة وخلفت عدم استقرار في عموم المنطقة والقت بتداعياتها على العالم ، فان الاردن استطاع حصر هذه الاهوال بكل قدرة في مربع ( التداعيات ) وفي كثير من الاحيان في اقل اثارها خصوصا في مسالة الدفاع عن الحدود والامن الوطني والمصالح الاردنية ، وقد قامت الدولة الاردنية بعمل مؤسسي فاعل ومبهر في هذا الشان اذ ليس فقط المواطن الاردني يرفع التحية للقوات المسلحة الاردنية والاجهزة الامنية للكفاءة والجاهزية على مدارالساعة ولسنوات طويلة على اطول واخطر حدود ملتهبة كل الشرر خلفها والاجندات الخبيثة وكذلك الارهاب وشذاذ الافاق من تنظيماته ومجرميه الذين خانوا الدين والاخلاق والانسانية بل وان العالم يرفع قبعات الاحترام للاردن وقيادته وشعبه وجنوده البواسل ، فالاردن ناب عن العالم باستضافة ملايين اللاجئين ويكفي هنا مقاربة تقول ان ما استقبله الاردن من اللاجئين السوريين بالتناسب مع عدد السكان يعني مثل ان يستقبل بلد مثل الولايات المتحدة ثلاثين مليونا منهم كما ان اوروبا كلها عصفت بها ازمة مستحكمة لا زالت قائمة لاقل من هذا الرقم الذي استقبله الاردن بكثير.
 
هذه هي المعايير التي تقاس بها الدول الناجحة عن الدول الفاشلة ، والاردن في ظل هذه الظروف وهذه المعطيات وهذا التاريخ المليء بالصراعات والتحديات من حوله ، يمثل قمة النجاحات و(ايقونة القوة ) التي تلاحم فيها الشعب مع قيادته في كل الظروف والمراحل بحلوها ومرها ، واعتمادا على الاحتكام الى نهج التسامح اولا كرسالة وعلى الاصلاح الشامل كنهج حياة لا يتوقف وفي قمة النموذج يتجلى ما يكرره جلالة الملك عبداالله الثاني في كل مناسبة باعلاء قيمة الانسان كاساس لقوة النموذج وتميزه ، وتكريس كل المقدرات بما يحقق الافضل للانسان الاردني الذي استطاع عبر ثقافة الامل والحرص على وطنه ان يجعل دوما كافة التحديات خلفه مهما عظمت وصعبت واثبت النموذج الاردني بقيادته وشعبه انه قادر على تحويل التحديات الى فرص وان ظروف المنطقة دائمة التأزم ولن تكون مشجبا للتراجع وان الاردن استطاع باقتدار دوما وسيواصل تجاوز كافة المحددات والتحديات بما فيها التحدي الاقتصادي الماثل في هذه المرحلة ليصبح جزءا من الماضي وهذه مهمة ممكنة وليست مستحيلة ابدا فتاريخ الاردن يتحدث دوما عن الانجاز وان اوراقه وخياراته دوما بيديه.