Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Jun-2017

"لأعلى سعر": علاقات متشابكة تقع في فخ الشر وسطوة المال

 

إسراء الردايدة
عمان-الغد-  يضع مسلسل “لأعلى سعر” للمخرج محمد العدل، المشاهد، أمام سلسلة من العلاقات المتشابكة التي تكشف الطبيعة البشرية في مواقف عديدة، والتي تتغير كلها أمام سلطة النفوذ والمال والشهرة، وكيف تصبح المصالح هي المحرك الأساسي لكل شيء، إلا أولئك الذين يملكون طبيعة مختلفة وإنسانية أغلى ومبادئ وقيما لا تباع.
“لأعلى سعر”؛ بطولة نيللي كريم وزينة، أحمد فهمي، سارة سلامة، أحمد مجدي، نبيل الحلفاوي، سلوى محمد علي، نجوى فؤاد، بشرى، مي كسا، ياسر علي وآخرين، وقام بكتابة القصة والسيناريو والحوار مدحت العدل، من إنتاج شركة العدل جروب، وإخراج محمد العدل.
ومن اسم العمل نفسه “لأعلى سعر”، كان الأداء في غالبيته يعتمد على من يدفع أكثر من أجل الوصول لهدفه، فهل المال فعلا يشتري كل شيء، هذا العمل بمشاهده المختلفة يشير إلى الأثر العميق لهذا السلاح الفتاك ذي الحدين.
الصراع وحجم الشر الذي نكتشفه مع كل حلقة يبدو مثيرا للدهشة لكنه واقعي، فأعماق النفس البشرية لا أحد يعلمها، وقدرتها على عدم إظهار كل هذا إلا بمواقف تتطلب الدفاع عن المصالح التي تغذي الأطماع وتلبي الطموح ولو على حساب أمور أخرى، وفي هذا العمل تصل حتى إلى الروابط العائلية وحتى الصداقة والزواج.
شخصيات معقدة وعلاقات متشابكة
بدءا من علاقة الصداقة التي ربطت بين ليلى وجميلة، الأولى تأتي من عائلة ثرية، لكنها لم تقتنع أبدا بما تملك، لديها وجه ملائكي لكنه يخفي شرا أعظم، عقل مخطط وخطير، هناك ما يمكن تصوره لمكائد ومصائب كي تحقق غايتها، لتستولي وتصل لما تريده مهما كان الثمن.
تلك الشخصية؛ أي ليلى، ناقمة وجاحدة، قادرة على التلون بألوان غير حقيقتها، قدرات وأداء زينة هنا أظهر براعتها في إدارة كل مهاراتها بين صوت وحركات وجه لخدمة الشخصية الشريرة، فهي ذكية، وحين يجتمع الشر والذكاء لدى امرأة يتحول الكيد لمصيبة وسلاح فتاك لا يمكن إيقافه، وهي حتى الآن، أضافت مزيدا من التشويق لسير الأحداث الدرامي.
لكن ليلى أيضا هي ضحية التربية، بين أب وأم منفصلين، لم ترَ الحب ولم تتعلم كيف تمنحه، ما دفعها لتغدو قاسية، ففقدان الجو الأسري ربما هو السبب وراء ارتكابها أعمالا كي تحصل على الحب، لم تتعلم كيف تمنحه، لأنها لم تأخذه، فبات أسلوبها هو أن تأخذ ما تريد بالقوة والإيذاء كي تشعر بالحب، وتفرض هيبتها كي تحمي نفسها، لأنها لم تجد أحدا معها، ربما على الأقل هذا يفسر عدوانيتها، وبالطبع لم تتعلم الحدود وكيف تقيم علاقات سليمة مع المحيط.
في حين أن دور نيللي كريم “جميلة” ابتعدت فيه عن تلك الصورة التي صاحبتها في المواسم الماضية، التي كانت فيها الضعيفة أو الكئيبة، لتعطينا الهدوء في أداء لراقصة باليه سابقة ضحت بحياتها ومستقبلها من أجل حب وزواج تحول لجحيم، بسبب غدر الصديقة وخيانة الزوج.
شخصية جميلة هنا، تلك الحساسة التي تحب الفن، إنسانيتها وحساسيتها جعلتاها لطيفة بقلب لا يتقبل الخيانة أو إيذاء الآخرين، ربما في بعض المشاهد ظهرت ساذجة، لكنها تميل للبساطة أكثر وهي شخصية متناقضة وفق الوسط الذي تربت فيه، بين أم أنانية “الممثلة سلوى محمد علي”، فهي طبيبة لكنها أنانية بطبعها اختارت المصلحة العامة على حماية ابنتها، والأمر نفسه ينطبق على الأخوين أحدهما طبيب بطموح محدود لا يملك إرادة د. رامي “الممثل محمد حاتم”، متزوج بعبلة “سارة سلامة” عاشقة خائنة، لكنها بالرغم من هذا ذات قلب عطوف ترى الأمور بمنظار إنساني رغم سلوكياتها المثيرة للجدل وعلاقة الحب التي تدخلها هربا من الفتور بينها وبين زوجها، كما ونجد الأخ “كريم” الممثل أحمد مجدي، وهو انتهازي مراع لمصالحه على حساب كل شيء.
ومن هنا تختلف شخصية جميلة التي تشبه والدها “عم مخلوف” الممثل نبيل الحلفاوي، رجل “مزيكاتي”، ملحن اختار العيش ببساطة في عوامة على النيل من زمن الفن الجميل، واللحن المعقد العميق، وفي دوره إشارة إلى الفن الهابط وانتقادات له وكيف أن الأغاني والموسيقى التي تلقى رواجا أكبر هي تلك التي تلبي حاجة الجمهور بلحن راقص وأصوات مركبة يعلوها ضجيج كلمات لا معنى لها، لكنها صاخبة سهلة الترديد.
العلاقة بين جميلة ووالدها هي الأكثر اتزانا في المسلسل والأكثر نضوجا عاطفيا وطبيعية، مقارنة ببقية العلاقات التي تعاني كل منها من خلل نتيجة المصالح أو التربية وحتى الروابط الأسرية التي وقفت عاجزة أمام سطوة المال وإغراءاته.
د. هاشم، “الممثل أحمد فهمي”، زوج جميلة الذي منذ البداية بدا أنانيا، قبل الزواج ورغبته في أن تترك جميلة رقص الباليه، وانشغاله بالدراسة، في حين كانت حاملا وتقوم بكل شيء لتوفر له جوا كي ينجح وصولا للحظة ولادتها وحيدة في وقت كان يناقش فيه رسالة الدكتوراه، تحوله لطبيب مشهور يملك مشفى خاصا به، ونظرته إليها بعد أن زاد وزنها، إهماله لها، وصولا لخيانته لها مع صديقتها والزواج بها وبالطبع المعارك الأشرس في مرحلة الطلاق وحضانة الابنة.
إذن نحن هنا أمام شخصيات مختلفة وكيف تغيرت كل منها حين دخل المال والربح لحياتها، التنازلات وكم التضحية التي قدمتها كل واحدة من أجل الإبقاء على مصلحتها متدفقة وإن عارضت طبيعته الإنسانية كاشفة الشر الأعمق بالداخل وتشوها كبيرا مؤذيا يطال الجميع.
قضايا اجتماعية
الخيانة، في محيط علاقات العمل والأسرة والعلاقة الزوجية، ليست بالأمر السهل، فردود الفعل مختلفة وهو أمر يخلف وراءه الكثير من المشاكل والقضايا. وتتداخل الخيانة هنا أيضا مع سطوة المال والمصالح العامة التي ألغت أي قيم عائلية وسط حرب دائرة بين امرأتين باستخدام أساليب ملتوية ومشينة.
ومن القضايا التي تحضر أيضا الخلع والطلاق وحضانة الأطفال، الحرب النفسية التي ينطوي عليها الأمر كله، إلى جانب آخر هو الفهم العام لمفهوم النقاب، الغاية منه، وفهم الدين عموما بجانب اجتماعي أكثر منه روحانيا، ليلبي حاجة اجتماعية أكثر من إيمان وتواصل مع الخالق.
وكلها تجتمع معا في مواجهة العامل الأكبر والأكثر قوة وهو “المال وسطوته”، وما يمكن أن يفعله المرء ليحقق غايته ويحصل على ما هو أكثر.
من البطل؟
في هذا العمل البطولة ليست مطلقة لاسم نجم واحد، كونه يجمع بين نيللي وزينة وأحمد فهمي واحمد مجدي، لكن الحضور الأقوى هو للممثلة زينة حتى الآن من خلال شخصيتها التي هيمنت على الأحداث فكل الخيوط ترتبط بها، كونها تحاول فرض سيطرتها على الجميع.
وفي الوقت الذي يعتقد فيه أن البطولات الجماعية نتاج توجهات إنتاجية باعتبارها أوفر إنتاجيا، إلا أن العكس صحيح، لأن الأعمال التي تضم بطولات جماعية تكلف أحيانا بقدر أكبر من فكرة البطل الأوحد، وفي الوقت نفسه هي ضمانة للمنتج لتوزيع العمل، مقابل أداء الطاقم بأكمله يبقى واحد منهم الأكثر قدرة على البروز.
سير العمل
سير الأحداث منذ البداية يحمل وتيرة سريعة، حتى الآن تتطور الأمور بشكل سريع وإن كان في بعض التفاصيل إهمال، وأخرى تكثيف غير متوازن.
الحكم ما يزال مبكرا على العمل بأكمله، ولكن للمخرج طريقة ممتعة في التصوير؛ إذ يميل لاستخدام اللقطات الواحدة الطويلة، وكررها في أربع حلقات. وهذا النوع من اللقطات أي مشهد طويل بدون قطع مونتاج ليس بالسهل، فهي تكشف تفاصيل كاملة وتوحي بتفاصيل كثيرة في الكادر، لتعكس تفاصيل لاحقة وتعبر عن الإحساس الداخلي للشخصيات بشكل طبيعي وتسريع للوقت الزمني.